تراجع الاستثمار الأجنبي في العام 2008، في منطقة غرب آسيا التي تشمل من بين أقطارها 14 دولة عربية، بنسبة 6.3 في المئة ليصبح 60 مليار دولار، مقارنة مع 64 مليار دولار في العام 2007. تلك كانت إحدى النتائج التي توصل إليها التقرير السنوي للجنة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا «الاسكوا»، الذي أرجع السبب الرئيسي الكامن وراء ذلك التراجع إلى الأزمة المالية العالمية.
ويتوقع التقرير أن تزداد «حدة انخفاض الاستثمارات الأجنبية في المنطقة خلال العام 2009 نتيجة الكساد الاقتصادي العالمي»، أيضا، دون أن يغفل الإشارة إلى أسباب أخرى تعيق تدفق الاستثمارات الأجنبية مثل «تنفيذ العقود وإعطاء الرخص، وغياب المحاكم التجارية أو عدم كفاءتها».
وألمح التقرير إلى أن معظم تلك الاستثمارات توجهت نحو قطاعات مثل «البتروكيماويات والخدمات المالية والعقارات». واستحوذ العقار على حصة الأسد حيث بلغت نسبته 56 في المئة، مقارنة مع المصارف التي لم تتجاوز 20 في المئة، والسياحة التي بلغت 13 في المئة.
ليس هذا هو التقرير الوحيد الذي كشف عن تراجع الاستثمارات الأجنبية في البلاد العربية، فقد سبقه إلى ذلك تقرير أصدرته في أغسطس/ آب 2009، المؤسسة العربية لضمان الاستثمار وتأمين الصادرات، يتنبأ بتراجع الاستثمارات العربية في 17 دولة عربية بنسبة 30 في المئة خلال العام 2009، مقارنة مع تلك التي بلغت 89.2 في العام 2008.
ولكي تكون نظرتنا موضوعية، لابد من أن يؤخذ في الاعتبار أن العام 2007، ليس عاما اعتياديا بالنسبة إلى مداخيل المنطقة، إذ كانت سنة 2007، عاما مزدهرا بالنسبة إلى اقتصاديات المنطقة، جراء القفزة العالية التي عرفتها أسعار النفط حينها، والتي لامست سقف 150 دولارا للبرميل، كل ذلك إلى جانب أنه حينها، لم تكن موجة الأزمة العالمية قد بدأت بالارتطام بشواطئ البلاد العربية.
هذا ما يؤكده أيضا، على نحو واضح، تقرير الاستثمار الدولي 2008، الصادر عن مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (أونكتاد) عند مقارنة أرقام السنوات السبع الأولى من هذا القرن، حيث نجده يقول إن «الاستثمار الأجنبي المباشر بلغ ذروته في العام 2007، عندما نمت تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر الوارد عالميا للعام الخامس على التوالي بمعدل بلغ 30 في المئة لتصل إلى 1833 مليار دولار أميركي مقارنة بنحو 1411 مليار دولار أميركي في العام 2006 بما يتجاوز المستوى القياسي الذي بلغته في العام 2000 بنحو 400 مليار دولار أميركي».
هذا التراجع العربي ليس ظاهرة طارئة على البلاد العربية، هذا ما توضحه دراسة اقتصادية خليجية نشرتها منظمة الخليج للاستشارات الصناعية في مطلع هذا القرن، تقارن بين ارتفاع الاستثمار الأجنبي المباشر في الدول النامية في العقدين الأخيرين من القرن الماضي من جانب، وتراجعه عربيا من جانب آخر، فبينما «ارتفعت بمعدل سنوي قدره 48 مليار دولار بعد أن كان معدلها السنوي 12 مليار دولار في الفترة من 1980 إلى 1988.
وبحلول العام 1999 استقطبت الدول النامية صافي تدفقات بلغت 240 مليار دولار من إجمالي تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر البالغة 865 مليار دولار في العام نفسه»، نجدها تتراجع في البلدان العربية التي لم تتجاوز حصتها، خلال الفترة 1985 - 1999 كما تقول الدراسة، «أكثر من 5 فس ي المئة وهي نسبة أعلى قليلا من حصة إفريقيا جنوب الصحراء وأقل كثيرا من نصيب الدول الآسيوية أو نصيب دول أميركا اللاتينية».
وفي سياق التمسك بالمعالجة الموضوعية للمسألة، لابد من لفت النظر، إلى مسألتين في غاية الأهمية:
الأولى، أن نسبة من تلك الاستثمارات الأجنبية، هي عربية أصلا، ومن ثم فهي ليست خارجية بالمعنى الحقيقي لكلمة خارجية. فوفقا لتقرير «الاسكوا»، عن لبنان، نجده يتحدث صراحة بأن الاستثمارات السعودية بلغت حصتها 70 في المئة، الأمر الذي أهلها لتبوُّء المرتبة الأولى في قائمة الدول المستثمرة في لبنان، تأتي بعدها الكويت بحصة 22 في المئة. ومن ثم فإن هذه الاستثمارات هي أجنبية عندما ننظر إلى كل دولة عربية ككيان سياسي مستقل على حدة، لكنها داخلية إذا اعتبرنا البلدان العربية كتلة اقتصادية - سياسية واحدة.
الثانية، هي اتجاه تلك الرساميل القادمة من الخارج، نحو صناعات وخدمات عقيمة من حيث قدرتها على توليد أية قيمة مضافة حقيقية للخدمات أو المنتجات التي تستثمر فيها، مثل العقارات والبتروكيماويات، عندما ينظر إلى طبيعة وطرق إدارة تلك الصناعات. ليس القصد هنا القول بانتفاء تحقيق عوائد استثمارية مجزية على تلك الاستثمارات، بقدر ما أريد الإشارة إلى محدودية القيمة المضافة المتولدة عنها، ومن ثم فإن حصتها في عمليات النمو، ناهيك عن التطوير الاقتصادي، تكاد أن تقترب من الصفر.
معادلة التكامل الإيجابي بين الأموال القادمة من الخارج، والفرص التي تتيحها أمامها الأسواق التي تلجها، لم تعد تحكمها كما يقول عنها أستاذ قسم العلاقات الدولية الاقتصادية في كلية التجارة بجامعة فيليكو ترنفو - البلغارية كريم النوري، توفر «أسواق محمية أو عمالة رخيصة غير ماهرة أو موارد طبيعية قابلة للاستغلال فقط»، إنها حسب رأيه تبحث عن «أنشطة عالية التكنولوجيا تتطلب عمالة منتجة ومنضبطة مع توافر مستويات عالية من المهارة وبنية أساسية على مستوى عالمي وشبكة من الموردين قوية تساند هذا الاستثمار».
ولعل نظرة موضوعية باحثة عن سبب تراجع الحصة العربية من الاستثمارات الأجنبية ستجد أن هذه المعادلة ليست قائمة في السوق العربية، ويصعب توافرها في الظروف الراهنة.
إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"العدد 2567 - الثلثاء 15 سبتمبر 2009م الموافق 25 رمضان 1430هـ
تنويع مصادر الدخل في الدولة
اذا كان قطاع النفط و العقار يأخذان النصيب الأكبر من "الكعكة" الناتج المحلي الاجمالي، فإن هذا لا يجذب المستثمرين الاجانب. و اذا كانت القوانين لاتضمن للمستثمر الربحية و السيطرة التامة على استثماره، فهذا سبب آخر لتراجعه عن الاستثمار في الدول العربية..
تكملة
الماء ، المدارس ، المستشفيات ....الخ) .... من جهة اخرى هذه البنايات معظم ساكنيها من دول الخليج وبعض من الاسيويين (الاسيون يحولون 60 الى 70% من مدخولهم الى بلدانهم والغالبية من الخليجين يسكنون في البحرين لسبب معروف (لا اود ذكره) والاستثمار الاجنبي (الغير خليجي) هو استثمار في الاسهم المدرجة وخصوصا شركة بتلكو وبعض البنوك وهذا ايضا لا يضيف اي قيمة انتاجية ... في رايي انه لا يوجد استثمار اجنبي في البحرين يضيف ثثيمة حقيقية
القيمة المضافة
للاسف يا سيدي الكريم بان بعض الدول الخليجية تعتقد الاكثار من البنايات الكبيرة يعد دليلا على تطور البلد الاقتصادي ... نعم هذه البنايات الكبيرة لم تضف اي قيمة حقيقية والعكس صحيح ،، انها اجبرت بعض البلدان على تغيير بعض من سياساتها المتعلقة باقامة الاجانب واصبحت تدفع الموارد لايجاد الطرق الكفيلة باشغال هذه العمارات بالسكان ... في البحرين نرى توجه او اعتماد مطوري العقار الشبه الكامل على الاجانب وهذا يزيد عبئا على اقتصاد البلد وخصوصا البنية التحتية (الطرق ، الكهرباء ،