العدد 2567 - الثلثاء 15 سبتمبر 2009م الموافق 25 رمضان 1430هـ

في بلد الحرّية... لا توجد حرّية

مريم الشروقي maryam.alsherooqi [at] alwasatnews.com

كاتبة بحرينية

ذقنا منذ سنوات عدّة جو الدراسة في جامعة البحرين، ولا ننسى عندما قام طلبة الجامعة في العام 1995 بتلك المظاهرات المطالبة بإعادة المجلس الوطني، وأيّامها وجدنا الشغب يدخل أروقة الحرم الجامعي، مطاردا لأيِّ فكرٍ حُرٍّ يطالب بالحرّية وتحقيق العدالة.

وكان جهاز أمن الدولة آنذاك ذا صيت عالٍ في التعذيب، والاستبداد برأي واحد، وهو سلطة أمن الدولة على الأفراد، ولكن هذا الجهاز لم يستطع طمس الفكر والمعتقدات والمطالبات بحرية الفرد والجماعة داخل المجتمع؛ الأمر الذي أدّى في نهاية المطاف إلى وجود المجلس الوطني بشقّيه، وعشنا بعدها مناخا جديدا، افترقنا عنه سنوات طوال جدّا، فانبثق منه عهدٌ لحرية الكلمة واحترام كرامة المواطن البحريني، وأُدخلت أنظمة جديدة، وتوسّعت الحريات حتى طالت صحافتنا البحرينية.

واليوم بعد كل التضحيات التي قام بها المواطنون من أجل الحصول على حرّياتهم وحقوقهم، وبعد كل الواجبات التي قاموا بها، وبعد فهم معنى الحرّية بشكل عميق، يحاول البعض الرجوع إلى ما وراء معتقدات جهاز أمن الدولة، والبعد عن إعطاء المجال لاستشعار الحرّية ولو في نطاقها البسيط جدّا!

نور حسين كانت إحدى ضحايا مفهوم الحريّة المقنّعة، وفُصلت لمدة فصل دراسي كامل بسبب إجحاف المسئولين وتقوقعهم على تضييق الخناق في أوجه طلبة الجامعات.

ولنرجع للتاريخ ونتذكّر أهمية وجود الفكر الحر، ولنسلّط الضوء على فرنسا وبريطانيا وجمهورية مصر العربية، ولنرَ ما قام به طلبة الجامعة من أجل تفريخ الفكر الحر، والقضاء على القمع الذي يتأتى من الجهل بالحقوق، وتأثير ذلك كلّه على تحقيق ديمقراطية تلك المجتمعات وتفعيل الحراك الاجتماعي فيها آنذاك.

ففي فرنسا وبريطانيا عندما قام المفكّرون بتنوير طبقة المثقفين وطلبة الجامعات، الأمر الذي أدّى إلى ثورة الناس ضد القمع والجهل والفقر، وبالتالي لم يستطع أحد وقف الفكر المتدفق من جرّاء التنوير.

أما في جمهورية مصر العربية، فإنّ ثورة الضبّاط الأحرار لم تكن لتتحقق لولا تدخّل طلبة الجامعات ومشاركتهم في الشارع السياسي، ومن ثمّ تحقيق الأمل الموعود في الحصول على الحريّة والمساواة والعدالة.

أما اليوم ونحن في الألفية الثالثة، وفي بلد قام على الكرامة، وفتح سقف الحرّية أمام المجتمع، فإننا نجد بأنّ جامعة البحرين تكبّل الأيادي، وتقمع الفكر أيّا كان جذره، حتى لا يُعارضها أحد في سياستها، وللأسف نجدها تسيّس الفكر، وتفصل إحدى طالباتها المجتهدات، حتى تُرجع قانون أمن الدولة من تحت الطاولة.

قضية نور حسين ليست قضيتها «لوحدها»، بل هي قضية أمة تنشد الحرية، وتناضل من أجل تحقيق المساواة والعدالة، وإن لم تجتهد القوى السياسية في الدولة إلى تغيير ما تمّ إقراره على هذه الطالبة، فإننا بالفعل سنقع في هوّة عميقة جدا ولن نخرج منها إلا بحدوث أزمة في المجتمع البحريني لا سمح الله.

إقرأ أيضا لـ "مريم الشروقي"

العدد 2567 - الثلثاء 15 سبتمبر 2009م الموافق 25 رمضان 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 7 | 2:37 ص

      الحرية والتميز

      بصراحة كلامك صحيح انت تتكلمين عن الحرية
      المشكلة هنا تتلخص في الوجود
      الحرية
      التميز
      الكرامة
      الحرية لا توجد حرية بالمعني الصحيح .. الفرق بين الماضي والحاضر هو اننا نكتب ولا احد يسمع لنا والسابق نتكلم تكسر افواهنا.
      التميز لا حظي على جميع الاصعدية الرياضية والاجتماعية والدراسية وخير دليل اذهبي الى القري في المحافظة الشمالية ثم اذهبي الى مناطق المحافطة الجنوبية تشوفي الفرق
      تعرفين حتي وصل التميز في الاندية على سبيل المثال نادي التضامن .

    • زائر 6 | 9:34 ص

      وما خفي اعظم ؟؟

      ان كانت الطالبة نور اثارت زوبعة كبيرة بالبيان الي كتبته ففي اشياء وبلاوي في جامعة البحرين محد يتجرأ ان يذكرها و ترى كل كلمة وحرف كتبته نور صحيح ،متى بتصلح اوضاع الجامعة؟ متى بنحس ان احنا في بلد ديموقراطي يدعم التعليم العالي و يدعم الفكر الحر ؟متى نتكلم بدون ما نخاف على درجاتنا؟جواسيس في الجامعة ودكاترة تحط درجات بدون امتحانات وسياسة الترسيب والتطفيش ومقررات مالها داعي في الخطة وكليات تنفتح بدون تخطيط ودراسة وقلة السكاشن والدكتور الواحد يدرس ألف مقرر والضحية دائما الطالب وممنوع الكلام في السياسة

    • زائر 5 | 6:29 ص

      لك التحيه

      ان قانون امن الدولة تم حجبه في البحرين وما زالة ادواته وافراده ينخرون في جسم المواطن ولا يخفى عل احد ما يعانيه المواطن من التمييز والظلم والاستهداف والمضايقه وقطع اللارزاق وغيرها من قبائح الماضي والتي يعيشها الحاضر فأن التغيير سوى المسميات وحجب القانون لا يعني قطع دابره وانما جاء بوجه جديد كما ذكر الزائر رقم 3 اما المجلس الوطني المعوق فقد ولد اعمى وابكم بل ولد ميت لا حراك له وما فائدة مجلس وطني لا يستطيع ان يحاسب ناطور في وزارة الداخليه فكيف بالهوامير وهل هذا يعد برلمان !

    • زائر 3 | 3:20 ص

      قوانين أمن الدولة تتوارى عن الأنظار

      هذه القوانين لا تختفي إنما تتوارى عن الأنظار لحين الحاجة إليها تظهر من جديد بصورة اخرى
      او بمسمى آخر

    • زائر 2 | 12:58 ص

      صح لسانك

      يعطيك العافية
      ولكن جمع كلمة وجه (الإنسان)... وجوه وليس أوجه و التي تعني مجالات أو اتجاهات

    • زائر 1 | 10:39 م

      بو زهراء

      المشكلة ليست بالجامعة فقط وكفاية مجاملات اي حرية تتكلمين عنها ؟؟؟

اقرأ ايضاً