كانت لحظات جنونية تلك التي فصلت بين هدف المنتخب السعودي الثاني في مرمى منتخبنا وهدف التعادل في الثواني الأخيرة لإسماعيل عبداللطيف من كرة رأسية قاتلة ذكرتني برأسية السعودي أحمد جميل في مرمى المنتخب الياباني العام 1993 والتي قادت السعودية لأول مونديال عالمي العام 1994.
فعلى رغم الأداء المقنع والقوي للمنتخب الوطني وسيطرته على مباراتي الذهاب والإياب في الملحق الآسيوي المؤهل لكأس العالم 2006 في ظل تراجع كبير في مستوى المنتخب السعودي إلا أن الجميع كان متخوفا من اللدغة الأخيرة للسعوديين الذين يتقنون التسجيل في الدقائق الأخيرة وفعلوها سابقا كثيرا وكرروها هذه المرة من دون أن تلوح لهم ولو فرصة واحدة حقيقية طوال الشوط الثاني من المباراة.
كنا الأفضل واستحقينا التأهل لملاقاة نيوزيلندا عن جدارة ومع ذلك كاد السعوديون يسرقون التأهل منا لأننا اعتمدنا على البقاء في منطقتنا طوال الشوط الثاني من دون المبادرة إلى فعل هجومي حقيقي.
وإن كنا نجحنا في هذا الأسلوب طوال 45 دقيقة من الشوط الثاني إلا أننا فشلنا في أول دقيقة من الوقت بدل الضائع وهذه هي المعادلة الصعبة في كرة القدم كون الهدف يأتي في أي ثانية من المباراة وفي أي لحظة تواكل أو تهاون.
بعدها ركضنا وجرينا في أتون المستحيل وضد عقارب الساعة التي لم يبق منها إلا ثواني معدودة وفعلا تحقق المستحيل وجاء الهدف القاتل للسعوديين فأذقناهم من الكأس التي طالما سقوها للكثير من المنتخبات الآسيوية وهذه حال الكرة المدورة.
على رغم اقتناعي الكامل بأداء المنتخب الوطني لأننا لسنا البرازيل ولسنا بتاريخ السعودية أيضا حتى نطالب بأكثر مما قدمه أبطالنا اللاعبون فما يحققه هذا الجيل يمثل قمة تاريخنا الكروي من ناحية النتائج والمستوى، إلا أنه كان بالإمكان أفضل مما كان ومنذ مباراة الذهاب في البحرين التي عاندنا الحظ وسوء التركيز وضياع البعد الهجومي الحقيقي والمركز من تحقيق الفوز فيها.
وفي الإياب كنا الأفضل تنظيما وتقاربا للصفوف إلا أننا اكتفينا بالتعادل المؤهل في الشوط الأول ولم نلعب بتوازن في الشوط الثاني في ظل غياب الخطط الهجومية الحقيقية والاكتفاء بالبعد الدفاعي الذي إن أخطأ ضاع كل شيء.
عموما، حققنا المهم وتأهلنا بكل جدارة واستحقاق، والمطلوب استخلاص العبر والبناء على ما تحقق لأن ما ينتظرنا هو الأهم طوال تاريخنا الكروي، والفرصة مؤاتية أمامنا إذا لعبنا بواقعية وبكامل التركيز وبمنتهى الهدوء بعيدا عن الضغوط العصبية وبعيدا عن الأحلام الوردية، لأن منتخب نيوزلندا صحيح ليس أفضل منا ولكنه أيضا ليس أسوأ منا، فالحظوظ متقاربة ومن يعتقد أننا ضمنا التأهل يظلم منتخبنا واتحادنا ولاعبينا، فالمتبقي خطوة ولكنها بألف خطوة وجميعنا يتذكر موقعة ترينيداد وتوباغو قبل 4 أعوام!.
دعواتنا للمنتخب بالتوفيق وتحقيق حلم جميع الأجيال حتى ظننا أنه مستحيل وإذا به قريب لأن تكون بلد المليون أو أقل في أكبر محفل رياضي عالمي تقارع البرازيل وألمانيا والإنجليز.
إقرأ أيضا لـ "محمد عباس"العدد 2566 - الإثنين 14 سبتمبر 2009م الموافق 24 رمضان 1430هـ