وأخيرا أعلنت وزارة التنمية الاجتماعية صباح أمس عن إطلاق مشروع «بنك الأسرة»، ودخوله حيز العمل الفعلي بعد أن قامت بتوقيع عقد اتفاقية تأسيسه، وحصولها على السجل التجاري من وزارة الصناعة والتجارة.
وكما يبدو، ومن خلال قراءة متأنية لما تناقلته وسائل الإعلام فإن بنك الأسرة سيعمل على تحقيق أهداف مشروعه التنموي من خلال توفير عناصر النجاح المطلوبة له على المستويين الاقتصادي والاجتماعي:
فعلى الصعيد الاقتصادي، حرصت وزارة التنمية على إشراك مؤسسات مالية من ثلاث قنوات رئيسية: الدولة، ويمثلها بنك البحرين للتنمية، ووزارة التنمية، المؤسسات المالية الخاصة ويمثلها 15 مصرفا خاصا من مستوى بنك البحرين الوطني، وبنلك البحرين والكويت، ومؤسسات المجتمع المجني، وتمثلها المؤسسة الخيرية الملكية.
أما على الصعيد الاجتماعي فقد حددت الوزارة الإطار المجتمعي الذي يخاطبه هذا المشروع، والذي سيحقق النجاح له. فكما جاء على لسان وزيرة التنمية فاطمة البلوشي «يستهدف مشروع بنك الأسرة، توسيع الطبقة الوسطى في المملكة، وإخراج الناس من حال العوز إلى حال الإنتاجية وعدم الحاجة».
سيتولى إدارة المشروع خلال السنوات الأولى من تأسيسه، «بنك إجرامين» البنغلاديشي، وهذا قرار منطقي، إذ يعود الفضل في إطلاق فكرة «بنك الأسرة» إلى الاقتصادي البنغالي محمد يونس الحائز على جائزة نوبل للسلام للعام 2006، تقديرا، كما قال معهد نوبل للسلام، «للدور الكبير الذي لعبه هو ومصرفه، الذي اكتسب لقب (بنك الفقراء) - في مكافحة الفقر وتمويل المشروعات الصغيرة للفقراء وإرساء تنمية اجتماعية واقتصادية».
وتعود الفكرة إلى العام 1974، عندما اجتاحت بنغلادش مجاعة ذهب ضحيتها ما يربو على 1.5 مليون من السكان، دعت محمد يونس إلى ترك الحرم الجامعي، حيث كان يتولى تدريس مادة الاقتصاد، والقيام بجولات ميدانية في قرى بنغلادش لرؤية أوضاع ضحايا تلك المجاعة، وتلمس معاناة فقراء بنغلادش عن قرب.
بدأ مشروع «بنك الفقراء» عند لقاء يونس، خلال تلك الجولات، بامرأة بنغالية تقضي 12 ساعة يوميا في صناعة كراسي من البامبو الذي كانت تشتريه بقرض من أحد المرابين، الذي لا يبقي لديها إلا الكفاف.
تطورت الفكرة كي يستفيد من خدمات هذا المصرف الفريد في نوعه وفي القوانين التي تسير عملياته اليوم عشرات الملايين من الفقراء، يوجد منهم في بنغلادش وحدها، ما يزيد على 7 ملايين مقترض، وما يربو على 11 مليون آخرين منتشرون في 100 دولة من بينها الولايات المتحدة الأميركية.
وكي يحمل المواطن البحريني وهو يلج بنك الأسرة، باحثا عن قرض يعينه على تطوير مشروعه الذي بين يديه، بارقة أمل في أن يحقق البنك طموحاته، من الطبيعي أن يقف البنك عند محطات كثير من بين اهمها:
1. ضرورة نشر الوعي بكيفية تحقيق الاستفادة القصوى من القروض الممنوحة، فتسهيل نيل القرض شيء، ومهارات صرف القرض على النحو الاستثماري الصحيح شيء آخر.
إذ تبرز الحاجة هنا إلى ورش عمل ودورات تدريبية ليس لمن سيدير بنك الأسرة فحسب، وإنما أيضا ذلك القطاع الواسع من الطبقات الوسطى والفقيرة المستفيدة من خدمات هذا المصرف.
2. أهمية مشاركة المستفيدين من تلك القروض في تنمية اقتصاد البحرين، إذ لا ينبغي أن تتحول قروض البنك، غير القائمة على الفائدة أساسا، إلى ما يشبه العطايا أو المكرمات، التي ليس هناك ما ينتقص من دورها الخيري، لكن ليس من المفترض أن يكون البنك القناة التي ستوفرها. فدور بنك الأسرة ينبغي أن يتركز على مساعدة المشروعات التي بحاجة إلى سيولة نقدية لتطوير نفسها أو لتوسيع أسواقها أو لتعزيز قدراتها التنافسية، كي تساهم إيجابيا وبشكل ملموس في عمليات التطوير والبناء التي يحتاجها الاقتصاد البحريني.
3. الحاجة إلى توزيع القروض بشكل صحيح وعادل ومجد، فمن الأهمية بمكان أن تصل القروض إلى من يحتاجها، في الوقت المناسب، وعبر القنوات الصحيحة التي تزيح عن أمام هذا المواطن أي شكل من أشكال الذل الذي قد يواجهه ذلك المواطن أثناء عمليات الحصول على القرض الذي يحتاجه. ومن الطبيعي أن يقود ذلك إلى تمسك البنك بأعلى درجة من الشفافية، التي لا يرقى أي شك في نزاهتها، وعلى الصعد كافة، سواء عند تقييم المشروعات، أو عند جدولة تزويدها بالقروض للمؤسسات التي تحتاجها، أو حتى عند مساعدة تلك المؤسسات في عمليات الترويج والتسويق التي من الطبيعي أن تكون بحاجة لها.
ولكي نقدر حاجة المواطن البحريني إلى مؤسسة إقراض من شاكلة بنك الأسرة يكفي أن نعرف أن هناك أكثر من مئة مليون عربي يعيشون تحت خط الفقر، من بين هولاء هناك 15 مليون عربي يعانون البطالة ومرشحون لأن يصبحوا عشرين مليونا خلال سنوات قليلة. ولا تشكل البحرين حالة خاصة مغايرة، فهناك كما تقول وزيرة التنمية «عشرة الآف مواطن بحريني يتلقى المساعدات الشهرية من الوزارة».
الأخطر من ذلك هي التقديرات التي تقول إن «أكثر من 94 في المئة من القروض البنكية العربية تذهب لرجال الأعمال ذوي الوزن الثقيل لتأتي الدول العربية في ذيل قائمة الدول التي تمنح قروضا للفقراء».
ومرة أخرى هنا لا يمكن أن تكون البحرين حالة مغايرة، وبالتالي لابد من بناء القناة القارضة التي تخاطب «ذوي الوزن الخفيف»، وهم كثر.
إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"العدد 2566 - الإثنين 14 سبتمبر 2009م الموافق 24 رمضان 1430هـ
بنك الفقراء
الأخ الكريم، أشكرك على قراءة المقال أولا، وعلى ماورد في تعليقك ثانيا.
أتفق معك فيما ذهبت إليه، بإمكانية الدمج مع بنك التنمية، لكن قوانين هذا الأخير لاتتناسب وحجم القروض، نظرا لصغرها، ناهيك عن الضمانات التي تتطلبها قروض ذلك البنك.
أما بشأن تقييمك للدولة الخليجية، فهو موضوع يحتاج إلى مدخل مختلف، ولو أمعنت فيما بين السطور ربما تشم رائحة أشارة لما ألمحت له أن
مع الشكر
عبيدلي
ما هو الفرق؟
عندما قرأت عن هذا البنك عرفت ان القروض تتراوح بين 200 و 7000 دينار ومن مقالك عرفت ان القروض بدون فوائد ... اتساءل لماذا لم يدمج هذا البنك مع بنك التنمية وتسمى القروض بقروض حسنة؟ هل يجب علينا استيراد الافكار من دول اخرى وتطبيق كل ما ينجح عندهم ؟ هل يوجد بين البحرينين من يحتاج قرض ب 200 دينار؟ اذا كان الجواب نعم في دولة خليجية نفطية فهذه مشكلة كبيرة تعني فشل الدولة في توفير ادنى مستلزمات الحياة الشريفة لمواطنيها ويجب عليها مراجعة سياساتها تجاه مواطنيها