العدد 2560 - الثلثاء 08 سبتمبر 2009م الموافق 18 رمضان 1430هـ

«الجنوبية» في عيون المجالس والدوائر المغلقة

سلمان ناصر comments [at] alwasatnews.com

.

إذا استعرضنا الحديث عن المجالس الرمضانية عموما، فهي سنة حسنة يتم فيها لقاءات الأحبة والتواصل المجتمعي الذي ينم عن التواصل والتراحم فيما بين المجتمع الواحد.

وإذا ما صنفنا هذه المجالس ستكون هناك مجالس الوجهاء والأعيان والقبائل ورجال الأعمال والمجالس الشعبية التي تمثل حس وهموم المواطن البسيط أو العادي، تماما كمجالس رجال الأعمال التي تمثل هموم وآلام التاجر والمستثمر. وهي بالمجمل مجالس يرى فيها البعض في تبادل الزيارات فرصة لإلقاء القصائد الحماسية والإطرائية.

أما بالنسبة إلى الدوائر التي يطلق عليها البعض بـ «المغلقة» وهو مصطلح استقيته من أحد الجلوس بأحد المجالس بالجنوبية، على رغم أني لم أجد تفسيرا لهذه التسمية، فالانغلاق على حد علمي هو ضيق الأفق، فهل نصف أنفسنا بضيق الأفق؟ ولاسيما أن الانغلاق كمثل البحيرة الراكدة التي أسنت وتعفنت لا يستفاد من مياهها ولا من منظرها.

ومن المفارقات الغريبة والعجيبة أني سمعت هذا المصطلح من شخصيات مطالبة بتحريك هذه المياه الراكدة لما فيه خير البلاد والعباد، إلا أن لديها قناعات تامة بأننا منطقة مغلقة ومسيرة وأرجو أن يكون العكس.

أقول هنا: أخي صاحب هذا المفهوم أعلم يقينا أن من يحمل هذا الفكر (الدوائر المغلقة) يعتبر فكر الإنسان مقتولا... فأسأل الله العافية والصبر، وهنا لاتزال تحضرني آمال رواد تلك المجالس (الدوائر المغلقة)، وخصوصا منهم من أعيتهم الوعود والأماني.

وبعد التعرف على نمط المجالس ومصطلح مغلق، لنعرج على ما يدور في هذا الحراك المجتمعي المتمثل في تبادل الزيارات وحرص المسئولين لزيارة هذه التجمعات حسب أولوياتهم باستثناء مجالس العامة، علما بأننا نحسن الظن بالمجالس التي يتم زيارتها من قبل المسئولين، ولكن نسأل هل هذه المجالس تحمل هم المواطن البسيط وهل المواطن البسيط يستطيع دلو دلوه في مثل تلك المجالس؟ لأن هموم المواطن جزء لا يتجزأ من هذا الحراك وفي الغالب ما تتناوله العامة في هذه التجمعات من هموم مع ذكر فضائل هذا الشهر الكريم هي فاكهة هذه المجالس.

إن المجالس هي متنفس المواطن، وبدل التباهي بأننا مناطق مغلقة علما بأنه لم يجاز هذا المصطلح دستورا أو قانونا، فمن باب أولى أن نعرف ما هي هموم المواطن وكيف نقوم بصياغتها والتعبير عنها وتفسيرها وإلى أي من منظومات القيم نحيلها؟ ونقوم بقياس همومهم والواقع الاجتماعي والاقتصادي المعاش وما الذي يصبون إليه، ومن جانب آخر أليس هذا ما يجب أن يسمعه هذا المسئول في هذه الأجواء الروحانية والاستراحة الحكومية والنيابية، لأنها فرصة بأن يروا المسافة الفاصلة بين الواقع كما يعتقدونه وما يراه الآخرون، حيث المجالس هي ذاتها التي تسمح بمساءلة إشكالية المواطن، والأمر المؤكد أن ما نبحث عنه من إجابات لا ينطلق من تعريفات مسبقة من زاوية دائرة مغلقة أو مجلس محسوب أو غير محسوب، لكنه سؤال استشرى وهو يحتمل العديد من التأويلات.

في حدها الأقصى تحيلنا هذه التأويلات أولا إلى مسألة أصداء قضية التغيير السياسي على رؤية المواطنين لواقعهم المعاش، كي لا يتحول ذلك إلى إملاء وتعريف الهموم من قبل شريحة لا تعيش واقع المواطن. وفي حدها الأوسط تطرح هذه التأويلات تصور المواطن عن حقوقه، وعلاقته أو تواصله مع أجهزة الدولة أو المسئول الزائر. إلا أن أفق التساؤل ينبغي أن يتسع ليشمل ما قد يتجاوز ذلك من أبعاد تتصل بالعيش العادل في أوسع معانيه، وهذا ما تتجنبه بعض مجالس الإطراء وإلغاء القصائد للمسئول الزائر.

عند الحديث عن استعادة روح المجالس كجزء من المنظومة المجتمعية لا نعني أننا نعيد إنتاج هذه المجالس كحراك اجتماعي مأمول مع ما نكنه من إعجاب واحترام، فما بين الطليعة وبيننا مساحة زمنية وفكرية فاصلة تغير خلالها مفهوم وهموم هذا المواطن. والهموم التي نرغب في إيصالها، لا نعرف على وجه الدقة ما هي الشروط أو الظروف التي يجب أن توضع في إطارها كي تلبى. ولكن المحصلة التي تبدو واضحة من خلال ما يدور في المجالس بتصنيفاتها كما أوردناها في أول المقال، والزيارات المنتقاة التي نحسن الظن بها أبرزها لنا عدد من الوجوه التي تمثل طبقة من المجتمع هي الأقرب لقوس قزح، كما أننا لسنا في استعراض معالم وتضاريس الخريطة الطبقية للمجتمع البحريني ولكن نسعى للنزول لما هو أدنى لسماع ما هو أقرب للقلب.

عزيزي المسئول... إن سماع الهموم هي مساحة للتعبير الحر وهي المفكرة الجماعية للبحث الميداني، فيها يسجل المسئولون ما يعنيهم ويفيض عنهم من خواطر أو مشاهد أو معضلات.

أما إذا كان الهدف من هذه الزيارات هو أن تكون وعاء تفاعليا فسنكون أقرب حول تأليف كتاب في العلوم الاجتماعية بعنوان زيارات.

ولكي نبعد هذه الزيارات عن العمل العجب للزائر والمزار فقد قيل في هذا، إذا أنت خفت على عملك العجب، فانظر: رضا من تطلب، وفي أي ثوب ترغب، ومن أي عقاب ترهب، وأي عافية تشكر، وأي بلاء تذكر. فإنك إذا تفكرت في واحدة من هذه الخصال، صغر في عينك عملك. فهل أخبرتنا رضى من تطلب؟

إقرأ أيضا لـ "سلمان ناصر"

العدد 2560 - الثلثاء 08 سبتمبر 2009م الموافق 18 رمضان 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 2 | 2:38 ص

      صح لسانك

      صدقت أخوي بو خالد ومثل ما تفضلوا الأخوان
      المجالس مدارس .. وبعضها صارت مراقص
      والله المستعان
      بو وجدان

    • أحمد جوهر | 6:36 م

      دور المجالس

      أخوي بوخالد أشكرك لتطرقك لمثل هذا المواضيع التمس هموم المواطن و تشحذ فكره. و هذا ليس عليك بغريب فأنت ( مواطن ) تحمل الهم و تهتم بالشأن العام و تعبر عنهما بصدق و شفافية.و أللي آحب أقوله أن المجالس في كل مكان في مملكتنا أو في أي بلد و في كل زمان سواء رمضان أو غيره دور هام فهي حاضنات أجنماعية و أرحام محبة و ألفة و على أصحابها أدراك أنها أكثر من مكان للأنس لقضاء الوقت و أضاعته و أنها لها دور تنويري و أجتماعي يجب علينا أدراك مدلولاته و معانيه / أخوك أحمد جوهر

    • زائر 1 | 10:05 ص

      شكرا على هذا الطرح

      انني اتفق معك في ان تعبير الدوئر المغلقة ينتقص من قيمة الموصوف ولكنة في بعض الاحيان يصف ما نحن علية اليوم ولا يضفي عليها صفة الابدية. على سبيل المثال نحن في الجنوبية الأن دوائر سنية مغلقة. ولكن هي ليست مغلقة على نائب بعينة.
      هموم المواطن من خلال المجالس – من قال ان المسؤول يزور المجالس للاستماع لهموم المواطنين اصلا”؟ ولو كان كذالك اتمنى لو انك تقترح بعض الأليات التي تمكن المسؤول للاستماع لصوت المواطن الذي لا ينتمي ولا يزور مجالس القبائل والتجار
      شكرا
      مشعل

اقرأ ايضاً