في زمن الفضائيات والبث المباشر و «صحافة المواطن»، لن تنافس الصحافة على الخبر الطازج، ولا سرعة التغطيات، وإنّما على مساحة الحرية وتقديم الرأي المستقل.
الخبر الذي تقرأه في الصحيفة صباحا، يكون قد مضى على تحريره ثماني ساعات، فهو بمقياس السرعة «خبر بائت». وإذا كان يتعلق بحدثٍ متسارع، فيمكنك أن تحصل على آخر تطوراته من الفضائيات. وعليه فإن الصحافة التي تواكب العصر، تتجه إلى استثمار التطورات التقنية للبقاء في المقدمة وعدم الخروج من دائرة المنافسة.
من نتائج الطفرة النفطية الأخيرة، زيادة عدد المطبوعات الخليجية، إذ تضاعف في بعض الدول مرتين، وأحيانا ثلاث مرات كما في البحرين والكويت. وفي الكويت وصل العدد إلى 15 صحيفة يومية، أكثرها متشابه الملامح والقسمات، وقليلا ما تتمايز حتى من ناحية الإخراج والورق المصقول، ونادرا ما تنفرد بخبرٍ أو تحقيقٍ خاص.
في مثل هذا الوضع، حيث تمثل الصحافة مشروعا تجاريا، أو مدخلا للوجاهة والتأثير الاجتماعي، يبقى الفيصل المساحة المتاحة لحرية التعبير عن الرأي. فبذلك يتم تكريس تقاليد السلطة الرابعة فعلا، وإعطاء المجتمع مساحة للتعبير عن نفسه، في بيئاتٍ سياسيةٍ تعوّدت منع وإقصاء الرأي الآخر، ومعاملة الجمهور كتابعٍ يتلقى الأوامر، أو كرعيةٍ تنقاد وراء الحكومة التي تهش بعصاها على غنمها.
في مجتمعاتنا الخليجية، لم تكن الحاجة ماسّة لمضاعفة أعداد الصحف مرة أو مرتين، وإنما كانت الحاجة إلى سماع الصوت الآخر المغيّب. وهذا هو التحدّي الذي يواجه الإعلام الخليجي بصورةٍ عامة، للخروج من عباءته التقليدية إلى فضاءات العصر الحديث.
التجربة ليست بمثل هذه السهولة، فهناك مقاومةٌ شرسةٌ لمثل هذه النقلة النوعية، تبدأ بمنع الإعلانات والاستهداف وحملات الإعلام المضاد، ولا تنتهي عند المعوّقات وعوامل الفساد الداخلية من رشا وشراء ضمائر وأقلام.
بعد مدةٍ، يأخذ الإعلام المستقل مكانه كعنصرٍ فاعل، يقود ويؤثر ويتفاعل، ولا يجد عيبا في تبني قضايا الشرائح المطحونة، أو الدفاع عن القوى الاجتماعية المهمّشة، ويشرفه حمل لواء الدعوة للحفاظ على البيئة والأرض وحرمة المال العام. إنها جرأةٌ بمقاييس الزمن القديم، لكنها التزامٌ حقيقي، وشهادة حبٍّ للوطن لا يرقى إليها الشك والتهوين.
التجربة ليست إبحارا في بحر هادئ، فكثيرا ما كانت تضربها الأنواء والعواصف، من الداخل والخارج، فما أكثر من يضيقون ذرعا بالكلمة المستقلة ذات الكلفة العالية.
في البداية كانت الحكومة من أكثر المتبرّمين، حتى انتهت إلى التسليم بقواعد اللعبة الجديدة: «ليكتبوا ما يريدون، وسنفعل ما نريد»، وهي سياسةٌ تؤدي في الأخير إلى تراكم الاحتقان، لأنها لا تفكّر في حلولٍ وإنما بمسارب للتنفيس مؤقتا. فأكثر الكتابات إنما هي عملية «إعادة تدوير» للمشكلات، وهي سياسةٌ ذات نتائج بائسة على كل حال.
هذا عن السلطة التنفيذية، أما السلطة التشريعية، فالنواب يريدون من الصحافة أن تنشر صورهم كل يوم، مع خبر «علاقات عامة»، وإلاّ فهي مقصّرةٌ في واجباتها الزوجية! وإياك ثم إياك أن تنتقد أحدهم، فأنت متحاملٌ عليهم، أو حاسدٌ لسعادتهم، أو تحمل أجندة معادية للتشريعات والجمعيات والتكتلات! وينسون أن الصحافة المستقلة ليست للرهن ولا للاستئجار؛ وأن الاستقلالية زينة الصحافة، والملح الذي يعقّم الحياة السياسية الملوّثة بالمصالح والماديات، والحِيَل و «الدغلبازات».
تجربة ليست سهلة، أن تحافظ صحيفة «الوسط» على استقلالها واحترامها لذاتها وللقراء وسط كل هذه الأنواء.
إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"العدد 2558 - الأحد 06 سبتمبر 2009م الموافق 16 رمضان 1430هـ
صحافة والله خراطة
وقالت بعض الصحف والمؤسسات الاعلامية في البحرين بشكل خاص وبعض الدول العربية بشكل عام ان الصحافة مهنة ( برستيج )وشكل
قالوا في الصحافة ... 2
ويقول أدولف أوكس إن الصحافة لا تستميلها الصداقات ولا يرهبها العداء وهي لا تطلب معروفاً ولا تقبل امتناناً إنها مهنة تتغاضى عن العاطفة والتحيز والتعصب إلى ابعد الحدود فهي مكرسة للصالح العام ولفضح الألاعيب والانحرافات والقصور في الشؤون العامة وتتعامل بروح العدل والإنصاف مع أصحاب الآراء المعارضة مهنة شعارها (ليكن هناك نور). وأنا أقول ان جريدة الوسط هي النبراس والشعاع والمنهل الذي يروي ظمأ القراء. ام محمود
قالوا في الصحافة ... 1
الصحافة وظيفة اجتماعية مهمتها توجيه الرأي العام عن طريق نشر المعلومات والأفكار الجيدة الناضجة مفعمة ومنسابة إلى مشاعر القراء .ويرى ويكهام ستيد أحد أعلام الصحافة الانجليزية إن الصحافة ليست حرفة كسائر الحرف وهي ليست صناعة بل طبيعة من طبائع الموهبة والصحافيون خدم عموميون غير رسميين هدفهم الأول العمل على رقي المجتمع ويصف الرئيس الأمريكي جيفرسون الصحافة بانها أداة لتنوير عقل الإنسان ولنقدمه ككائن عاقل أخلاقي واجتماعي