العدد 2556 - الجمعة 04 سبتمبر 2009م الموافق 14 رمضان 1430هـ

«رمضان البحرين»... عادات شعبية تصارع من أجل البقاء

المجالس الرمضانية حافظت على وجودها فيما اختفى «المسحّر»

دق بابنا طفل الجيران ينقل لنا سلام أمه و يطلب ليمونا والقليل من الزيتون وبيده طبق رائحته تبدو وكأنها «هريس»، يحدث ذلك لأول مرة منذ أن قطعنا أطراف إحدى القرى، ويبدو أن تغير الحياة ولاسيما في شهر رمضان لم يقتصر على المدن بل طال القرى أيضا، تغير يبدأ بعادات شهر رمضان ويصل إلى موائده مرورا بمجالسه وانتهاء بطقوسه الدينية والحياة العملية فيه.

شارف أبي على بلوغ منتصف عقده السادس واستحضر على عجالة لنا يوم أمس ملامح رمضان بين الأمس واليوم، ففي الوقت الذي يعتبر البعض أن المجالس الرمضانية هي سمة الألفة فقط، ذكر أبي أن مجالس رمضان كانت سمة رمضان منذ أواخر الخمسينيات وهي كحالها اليوم لا تقتصر على كبار العائلات بل تبدأ بكبير المنطقة وتصل إلى كثير من العلائات الميسورة وتنتهي بالفقراء أيضا، جل ما تغير فيها المضمون ففي الوقت الذي كانت تفتح سابقا لقراءة القرآن وبعض الدعاء وإطعام الفقراء باتت اليوم مجالس أكثر ما تكون للضيافة وتقوية العلاقات الاجتماعية وتناقل أخبار السياسة والقضايا الشائكة مع احتفاظ البعض منها بالعادات الماضية.

أكثر من 200 مجلس رمضاني اليوم في مملكة البحرين تفتح أبوابها للجميع كما كانت قبل سنين، بيد أن مجالس الأمس كانت مفتوحة لإطعام الفقراء ولتناقل قصص الغوص وأخبار الحرب العالمية وإنجازات «الحُمْر» ويقصد بهم الإنجليز آنذاك، كما وتشهد في الوقت ذاته عملا دؤوبا من أصحابها كل بحسب عمله.

تقفل مجالس الأمس أبوابها في العاشرة أو قبلها بقليل، استعدادا ليوم جديد يبدأ بعمل دؤوب، واليوم عل حياتنا الإلكترونية أنقذت الموقف بعد أن رفع معظم الموظفون شعار «النوم سلطان» وبدا الكسل واضح جراء تنامي عادات السهر في المقاهي وفي المجمعات ليلا لدى البعض، فقضاء المعاملات والعمل في ظل حكومة إلكترونية أسهم ولو جزئيا في تدارك مشكلة انخفاظ الإنتاجية في شهر رمضان.

قال أبي إن أقربهم لقلوب أهل المنطقة يتم اختياره ليكون «مسحر الفريج»، تلك الظاهرة اليوم تكاد لا تكون موجودة إلا في مخيلة أطفالنا من التلفزيون وقصصنا لهم أو في الاحتفالات الشعبية وبعض القرى وحلّ مكانه منبه أو رنة في هواتفنا المحمولة.

التغير لم يقتصر على عاداتنا ومجالسنا وطبيعة تعاطينا مع هذا الشهر بالعبادة والعمل بل طال موائدنا ففي الوقت الذي كانت موائد الأمس تضم صنوفا متكررة ومحدودة كالتمر والماء والخبر للفقراء وقليل من الحواشي لرخص ثمنها وقليل من اللحم والدجاج لمن هم أفضل حالا، ضمت اليوم موائدنا ما لذ وطاب وأمسى شهر رمضان شهرا للأكل والتفنن فيه وفقد أهم أهدافه وهو «الإحساس بجوع الفقير».

صمدت عادات كثيرة لهذا الشهر الفضيل وتحاول جاهدة عادات أكثر أن تصارع من أجل البقاء في رمضان مملكة البحرين.

العدد 2556 - الجمعة 04 سبتمبر 2009م الموافق 14 رمضان 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • أم ابراهيم | 1:49 ص

      دوام الحال من المحال

      لم يبقى شيء من حلوة رمضان وعاداتنا القديمة كنا نحن الأطفال ننتظر أن نسمع صوت المدفع بفارغ الصبر وننتظر فرحة القرقاعون أما الآن فأطفالنا لا يحسون بحلاوته ولا بجوعه وكل ما لذ وطاب متوفر على المائدة يجب أن نخاف من السنين القادمة أن تختفي مظاهر الفرح بقدومه لاحول الله ولا قوة إلا بالله كل شيء يتغير حتى مشاعر الناس ورحمتهم

    • زائر 1 | 12:01 ص

      فقط 200 مجلس؟؟

      نعم ان المجلس في رمضان هو السمة والعلامة لهذا الشهر الكريم.لكن سيدي ربما قصدت ب200 مجلس هو ان هناك 200 مجلس لكبار العوائل المعروفة في البحرين.حيث انه حسب آخر إحصائية لقرية بني جمرة،تبين ان هناك 126 مجلس تفتح ابوابها لقراءة القرآن،هذا فقط في قرية واحدة،الامر الذي يعكس ان هناك آلاف المجاس في كل انحاء البحرين.شكرا جزيلا.

اقرأ ايضاً