قال خطبة الجمعة بجامع قلالي الشيخ صلاح الجودر أمس (الجمعة): «إن مواسم الخيرات والبركات هي مواسم سانحة للذكرى والعظات، ونحن في شهر رمضان المبارك، ولياليه العامرة بالخوف والرجاء تلين فيها قلوب المخبِتين، وترق لها أفئدة الخاشعين، ولن نجد لذة العبادة وحلاوة الإيمان حتى نكون على طاعة الله مداومين ولذكره مقيمين، فبالتوبة تتعافى القلوب السقيمة، وبالإنابة والاستغفار تتشافى النفوس والأجساد المريضة، وبالعمل الصالح تزول الوحشة والظلمة من القبور، وبالإيمان والاستقامة يقي المسلم نفسه من عذاب النار».
وأضاف «شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هو موسم من مواسم الخير، ويكفيه شرفا أنه أفضل شهور السنة، فالسعيد من اغتنم هذه الأوقات الفاضلة، والساعات المباركة، والشقي من انصرم عنه شهر رمضان فلم يغفر له، فأحيوا لياليكم بقلوب مؤمنة، ونفوس صادقة، وهمم عالية، فإن سلعة الله غالية، إلا أن سلعة الله هي الجنة».
وتابع «شهر رمضان هو شهر عمارة المساجد بالصلوات وتلاوة القرآن، وارتفاع آيات الله في المآذن والجوامع والبيوتات، فترق القلوب، وتغفر الذنوب، وتغسل النفوس، فعليكم بكثرة تلاوة القرآن والاستماع إليه، في أيامكم الباقيات من شهر رمضان تقربوا إلى مولاكم بالنوافل والقربات، فإن أفضل الأعمال هي الامتثال لأوامر الله ونواهيه، جاء في الحديث القدسي: (ما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته عليه)، وفي الحديث الآخر: (لايزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه)، فعليكم بكثرة الصلاة والمناجاة، فإن من قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه». وأوضح «عَليكم بكثرة الإحسان والصدقة في شهر رمضان، فقد كان نبيكم محمد (ص) أجود الناس بالخير، وكان أجود ما يكون في شهر رمضان. وجاء الرسول (ص): (من فطر صائما كان له مثل أجره، غير أنه لا ينقص من أجر الصائم شيئا)».
وقال الجودر: «أما الاعتكاف وتحري ليلة القدر فقد كان النبي محمد (ص) يعتكف في العشر الأواخر من رمضان ويتحرى ليلة القدر ويخص هذه الأيام بمزيد عملٍ وعبادة، فقد كان (ص) إذا دخَل العشر أحيا ليلَه وأيقظَ أهله وشدَ المئزر. شهر رمضان هو شهر تربية المسلم، فهو شهر الأخلاق والصفات الحميدة، فقد بعث نبيكم محمد (ص) ليتمم مكارم الأخلاق، وكان خلقه القرآن، وقد وصفته أم المؤمنين خديجة قائلة: (إنك لتصل الرحم، وتحمل الكل، تكسب المعدوم، وتقري الضيف، وتعين على نوائب الحق)».
وأضاف «حينما سئل النبي عن أي العمل أفضل بعد الإيمان بالله قال: (السماحة والصبر). ألا فاتقوا الله رحمكم الله، وتوبوا إلى ربكم وأنيبوا إليه، وأشيعوا التسامح بينكم وابدوا غيركم بالسلام، فقد بدأ نبيكم حديثه بالمدينة قائلا: (أيها الناس أفشوا السلام، وأطعموا الطعام، وصلوا الأرحام، وصلوا بالليل والناس نيام، تدخلوا الجنة بسلام)، تزاوروا فإن في اللقاء محبة وألفة وتعاون، وأروا الله من أنفسكم خيرا».
العدد 2556 - الجمعة 04 سبتمبر 2009م الموافق 14 رمضان 1430هـ