العدد 2307 - الإثنين 29 ديسمبر 2008م الموافق 01 محرم 1430هـ

صمت الإعلام بينما يتخلى المسلمون عن عطلة العيد

Common Ground comments [at] alwasatnews.com

خدمة Common Ground الإخبارية

قرر ملايين المسلمين في أنحاء الهند تخفيف، وحتى إلغاء الاحتفالات بأهم أسبوع في السنة وأقدسه، وهو عيد الأضحى المبارك، الذي يذكّر باستعداد إبراهيم للتضحية بابنه خضوعا لله. للاحتجاج على أعمال عنف ارتكبت باسم الإسلام من قبل مجرمين قتلوا عددا كبيرا من الناس في مومبي.

وبحسب مقال نشر في «Times of India»: «كانوا يلبسون أشرطة سوداء، ويحملون يافطات السلام، وأرسلوا رسائل إلكترونية ورسائل على الهواتف النقالة تؤكد الانسجام، ورفعوا يافطات تحيي هؤلاء الذين قضوا في هجمات 26/11 الإرهابية».

تجنب بعض المسلمين حتى مشتريات العيد من الألبسة الجديدة. جرى تخفيف احتفالات العيد من مسجد الألف نور في تشيناي إلى مسجد الجماعة في دلهي، ومن مقام خواجا باندا ناواز دارغا في غولبارغا إلى مساجد مومباي، خفتت الاحتفالات بالعيد في إعلان رمزي عن الاحتجاج الإسلامي ضد الإرهاب.

«في كل مقام ومكان مقدس، تليت الصلوات لراحة الأسر الثكلى في مومباي. اجتمع أفراد المجتمعات المحلية معا في مدن أجمر شريف وكاليار شريف (اوتراخاند) وبارابانكي ديفا شريف لدفن خلافاتهم والتركيز على أمر واحد وهو الانسجام في المجتمع. من خلال إظهار وحدتنا، نجحنا في إفساد عيد الإرهابيين»، يقول كاري محمد ميا مزهري، محرر صحيفة «قيادات العلمانية» التي تصدر باللغة الأردية.

«أصبح عيد التضحية كذلك منبرا للاحتجاج لكل من الشخصيات وكذلك المواطنين العاديين».

«في مومباي لبس الممثل والمخرج أمير خان شريطا أسودا على ذراعه. كذلك فعل مخرج فيلم «جاب وي ميت» امتياز علي، وكاتب كلمات الأغاني جاويد أخطار وابنه الممثل المخرج فرحان أخطار. وقد أفادت وكالة إخبارية أن الشخصيات الأخرى في بوليوود مثل شاه روخ خان وسلمان خان فضلوا البقاء بعيدا عن الاحتفالات».

يشكل ذلك عملا تضامنيا مع الضحايا، الهندوس واليهود والمسلمون والمسيحيون على حد سواء، على رغم حقيقة أن التحامل والإجحاف والظلم الهيكلي التي يعاني منها المسلمون الهنود منتشرة ومنهجية.

لقد شعرت دائما من قراءاتي ودراساتي بأن الإسلام الهندي، وهو دين واحدة من أكبر الجاليات في العالم، طالما قام بصياغة شكل أخلاقي عميق من أشكال الإسلام. وقد كان عبر التاريخ نموذجا للعالم لجالية من الأقلية تحاول التأكيد على هويتها، وفي الوقت نفسه مساندة أخلاقيات قوية غير عنفية من التدين.

لماذا يتجاهل العالم ملايين الناس البسطاء عندما يقفون ضد العنف ولكنهم يبقون الجميع على رؤوس أصابعهم عندما يختطف عشرون مجرما مدينة بأكملها؟

الأهم من ذلك، لماذا تعتبر عملية الخطف «عملا مسلما» ولكن لا تعتبر الاحتجاجات السلمية وبيانات التضامن مع الضحايا الهندوس أعمالا مسلمة من قبل ملايين الناس؟

لا يمكن لنا أن نفهم بعمق المشاكل التي تواجه الإنسانية إذا استمر هذا الإجحاف ضد التعبير السلمي للدين في وسائل الإعلام.

أعلم أنه بالنسبة لوسائل الإعلام، يشكل نزيف الدم قصة تجدر متابعتها، إلا أن انعدام الاهتمام بالغالبية المسالمة يؤدي إلى القدر نفسه من النزيف على الأقل الذي تسببه أعمال الإرهاب.

تتشارك الأديان الإبراهيمية الثلاثة بقصة إبراهيم وابنه الذي جرى إعداده لتقديمه كأعظم تضحية إلى الرب، وتحتفل هذه العطلة الإسلامية بتجاوب الله تعالى مع هذا التفاني. أقول ما أنوي قوله احتجاجا ضد الكارهين بيننا: أنا شاكر لأن الله أنقذ ابن إبراهيم هذا حتى أمكنت ولادة ثقافة عظيمة وحضارة ودين، ثقافة وحضارة العالم العربي والمسلم.

وأنا أرفض الانضمام إلى الكارهين من حولي الذين ينظرون إلى مجرمي هجمة مومباي الذين غسلت عقولهم الحزينة، ويقولون: «إنهم زهور الإسلام». ليسوا زهور الإسلام أكثر مما يشكل تيموثي ماكفي وحركة الهوية المسيحية التي انتمى إليها، أو الكوكلوكس كلان وصلبانهم المسيحية المحترقة، زهرة المسيحية.

الجريمة هي الجريمة، وعلينا أن نكرم ملايين الهنود المسلمين اليوم، الذين يتنازلون عن روح عطلة العيد تضامنا مع الأبرياء. يا له من نموذج وتحدٍ رائعين لبقية الإنسانية.

*مدير مركز الديانات العالمية والدبلوماسية وحل النزاعات بجامعة جورج ميسون، والمقال ينشر بالتعاون مع «كومن غراوند»

إقرأ أيضا لـ "Common Ground"

العدد 2307 - الإثنين 29 ديسمبر 2008م الموافق 01 محرم 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً