العدد 2555 - الخميس 03 سبتمبر 2009م الموافق 13 رمضان 1430هـ

«الأونروا» وجريمة تزوير التاريخ

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

الصراع العربي الإسرائيلي المفتوح لم يتوقف عند الرغبة الصهيونية الأخيرة بإعلان «إسرائيل» دولة خالصة للجنس اليهودي فحسب، بل أصبح هناك نوعٌ من الوقاحة التي تطالب الشعب الفلسطيني المشرّد بمسح ذاكرته التاريخية ليدخل مرحلة السبات.

فبعد ستين عاما من الصراع الدامي، وبعد أربع حروب داخل فلسطين (36، 48، 67، 2009)، وخمس حروب إقليمية (56، 73، 81، 96، 2006)، تطالب «إسرائيل» العرب اليوم أن يحلوا بأنفسهم مشكلة اللاجئين، ويقبلوا بالقدس عاصمة أبدية لـ «إسرائيل»، وإلزام الفلسطينيين بإثبات الولاء لها... وأن يشربوا من ماء البحر!

لم يكن من المتوقع من حكومة المتطرف نتنياهو غير التشدّد والتعجرف وعدم الاعتراف بوجود الآخر أصلا، إلا أن الأخطر اليوم دخول «الأونروا» على الخط. فـ «الأونروا» هي منظمة غوث وتشغيل اللاجئين الذين كان مشكلتهم مجرد نتيجة حتمية لقيام الكيان الصهيوني الغاصب في مايو/ أيار 1948، أسستها الأمم المتحدة وانطلقت أعمالها بعد ذلك بعامين. وهي تقدم خدمات تتعلق بالصحة والتعليم والغذاء واللباس، في ستين مخيما تقريبا، موزّعة بين سورية ولبنان والأردن والضفة وقطاع غزة الصغير المحاصر.

الأسبوع الماضي دخلت «الأونروا» على الخط، لتزيد الغضب الفلسطيني غضبا جديدا، بسبب قرارها إدخال مادةٍ عن «الهولوكوست» على مناهج تعليم الفلسطينيين، فالمطلوب إسرائيليا ودوليا أن ينسى الفلسطيني سبب نكبته، وينسى أرضه، وأن يبحث له هو الآخر عن عدوٍ جديدٍ غير «إسرائيل»، ربما فنزويلا أو كوريا الشمالية أو إيران!

«الأونروا» الوكالة الدولية الشاهدة على أكبر مظالم القرن العشرين، كانت تريد تقديم مقرّرٍ في مادة عن حقوق الإنسان، يشرح ما تعرض له اليهود من محرقة فظيعةٍ على أيدي الغربيين، فربما يرقّق ذلك قلوبهم ويخفّف من حدة عدائهم لمحتلي أرضهم، أو يعيدوا بناء منظومتهم الفكرية القائمة على المقاومة... إلى القبول والتسليم، إن لم يكن التعاطف والترحيب!

اللجان الشعبية الفلسطينية وجهت رسالة إلى مدير عمليات «الأونروا» بالقطاع، احتجاجا على القرار، بينما ثار جدل واسع بين المدارس العربية والحكومة الإسرائيلية بشأن مادة التاريخ التي يُراد فرضها في المنهج الرسمي على الفلسطينيين.

الوكالة من جانبها اتخذت موقف الدفاع، فتحت الهجوم الشديد الذي تعرضت له، قامت بنفي الأخبار التي تحدثت عن موقفها المشبوه، وإن كان ذلك لم يقنع الفلسطينيين. فوسائل الإعلام الإسرائيلية تتحدث بصورةٍ علنيةٍ عن سلسلة قرارات استفزازية صدرت عن وزارة التعليم، من بينها منع استخدام مصطلح «النكبة» للدلالة على كارثة قيام الدولة الصهيونية، وفرض رفع العلم وعزف النشيد الإسرائيلي في المدارس العربية.

وزير التعليم العنصري نفى أن يكون دعا إلى ترديد النشيد، لكنه رفض استخدام مصطلح النكبة لأنه «لا يناسب قيام الدولة الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط»، التي قامت على أشلاء مئات الآلاف من العرب والفلسطينيين! بالمقابل يصر على أنها كانت «حرب تحرير»... جرى فيها تحرير الأرض من يد أصحابها الأصليين وتسليمها للمهاجرين من كل بقاع الأرض!

لا يتوقع الفلسطينيون من عتاة اليمين المتطرف مثل نتنياهو وليبرمان غير هذه اللغة العنصرية، لكن اللوم كلّه على «الأونروا»... التي كانت شاهدة على أكبر جريمة سرقةٍ في العصر، فتحوّلت إلى شريكٍ في تزوير التاريخ!

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 2555 - الخميس 03 سبتمبر 2009م الموافق 13 رمضان 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • محب البحرين | 8:20 ص

      حسافة يالبحرين

      الكلام يجيب الكلام ياسيدنا: في بلدنا المعطاء يراد للمستوطنين التفوق والتقدم على ابناء الوطن بتوفير كل مستلزمات الراحه (بغض النظر عن السعاده) لهم ولطوايفهم من غير وجه حق, مع إنهم لو فيهم ذرة من الولاء ما شاركو في عملية السرقة والإستيطان الممنهجة ضدنا, وضد أجيالنا لراحة هؤلاء , ويراد لنا ولأجيالنا أن ننسى هذه السرقة القائمة على قدم وساق. وحق هذا الشهر الفضيل لن ننسى أنهم سراق ونهابه, بل علينا جميع أن نعلم أبناءنا ونربيهم على رفض ما يسعون لتحقيقه.

    • زائر 1 | 8:15 ص

      إذا كان أهلها باعوها فلاتطلب من الأجنبي حمايتها !!

      ما رأيك في رأيس دولة فلسطين الحاكم بأمره محمود عباس المعظم !! الذي يرى في المقاومة عبثاً و في الصواريخ عبثية و في المناهج التعليمية بأنها متخلفة و قديمة لأنها تصر على اعتبار المقاومة حلاً و تصر على اعتبار ( اسرائل ) عدوة و هي التي تفتح له أبوابها كي يسهر في أنصاف الليالي مع حكام الدولة الصديقة لتناول ألذ المشهيات التي تتقن الدولة الصديقة صنعها ! أذا كان هذا هو الرئيس فلا تعجب ممن تحته و يأتمرون بأمره ناهيك ‘ن الأونروا و غيرها ، كما تكونوا يول عليكم .

اقرأ ايضاً