وجود قوى معارضة متعددة في المجتمع السياسي، يعد واحدا من المؤشرات على عافية البناء الاجتماعي والسياسي في الدولة الحديثة، كما أن من مقتضيات صحة الحراك السياسي في أي مجتمع سياسي بسيط أو مركب، هو أن حالة التدافع المتنوع والتلقائي للرؤى والأفهام ومناهج التفكير لهذه القوى يجب أن يمثل خيارات وبدائل تساهم في تحديد اتجاهات كثير من مسارات المراحل المفصلية في حركة المجتمع السياسي، كما أنه ليس بالضرورة أن تنصهر مكونات قوى المعارضة في أيديولوجيا واحدة أو قالب أو نمط واحد، حتى تتحقق للمجتمع السياسي تلك العافية. بل يصح الزعم بأن تنوعها يعد حالا إيجابيا مع توافر شروط أساسية في الإطار العام للتنوع بشكله النمطي في المنظومات السياسية ذات التنوع والتعدد.
وأكثر من ذلك فإن الكثير من الخبراء والمراقبين ومنظري الشأن السياسي يرون أن غياب هذا التنوع في داخل المجتمع السياسي الواحد، يشكل صورة كارثية، حيث يمكن توصيفها ببساطة بنظام الحزب الواحد، حيث الديكتاتورية والشمولية الذين يمنعا فرص تعدد الخطاب وتنوع البرامج وتباين الرؤى.
فما دامت قوى المعارضة تتفق فيما بينها على توصيف موحد لـ 80 في المئة من الظواهر والقضايا محل الاهتمام، فإن ذلك يكفي لضرورة أن تلتزم ببرامج مشتركة أو موحدة؛ والبدء في حرق المراحل الزمنية التي تساهم - فيما لو تركت - في إضافة مدخلات بشكل مطرد، توصل قوى المعارضة إلى مرحلة تجعل كل منها تعاني من اضطراب ينشأ بفعل تراكم المراحل وتكدسها بمرور الزمن - يمكن أن نعبر عنه بالعنوسة السياسية أو اليأس السياسي - في مقابل حرق مراحل الزمن تلك وإتلاف مضارها، فإن مقولة الكبير يأكل الصغير، قد أخذت صورة أخرى اليوم، وهي أن «السريع يأكل البطيء».
التعرض لقوة المعارضة هذه أو تلك، هو المدخل لمناقشة مقتضبة من خلال عرض مواقف وسلوكيات - إجمالية وغير مسندة لطرف بعينه - بدت في وسائل الإعلام ووسائط الاتصال بتنوعها والخطاب التلقائي والممنهج، والحراك الميداني لهذه القوة المعارضة أو تلك.
إذ بدت بعض قوى المعارضة تميل إلى الخوض في حوادث الأيام وتناقش ما ترشح عن هذا الطرف المعارض أو ذاك كتطور طارئ جانبي، بدلا من التركيز على القضايا الجوهرية التي تتعلق بكل ما يندرج في قائمة أجندة قوى المعارضة وأهدافها والذي يكاد أن يكون بشكل مجمعا عليه.
إن حالة من الإرباك أصابت أطرافا معارضة فجعلتها تنحو بمسارها نحو التشطير، مسار تؤكد فيه على القضايا الجوهرية، وهذا يصب في تكريس بنية تحالف المعارضة، ومسار تستهدف فيه هذا الطرف المعارض أو ذاك - حيث تسيطر على المشهد علاقة التنافس البيني بين قوى المعارضة - في نقد لدور أو برنامج أو عمل أو جهد أو نتائج ترشحت جراء فعل أو خيار منهجي.
والطرف المعارض الوحيد الذي يجمع بين المعارضة من داخل النظام، أي من خلال وجودها في السلطة التشريعية والمعارضة من خارجه، هي جمعية الوفاق الوطني الإسلامية، كما أنها الطرف المعارض الوحيد الأكثر تعرضا للنقد البيني من الأطراف المعارضة التي تعمل في خارج هذا الإطار، ما يجعل من حراكها المعارض أكثر حيوية وتعرضا للنقد والمراقبة.
كما أنها تقع تحت ضغط متعاظم بالمقارنة لما تتعرض له قوى المعارضة الأخرى، وقد أكد وعبر عن أنها الطرف المعارض الأكثر جماهيرية وشعبية كثير من المعارضين وحلفائها، الأمر الذي يلقي بظلاله على إمكان تحقيق نجاح في تحمل مسئوليات أكبر من حلفائها في المعارضة.
لا بد من التأكيد هنا على أن دينامية الحراك يفرض طبيعة ونوع دينامية التحرك، بين قوى المعارضة، فليس من المقبول من حليف في قضايا جوهرية وأساسية في المنهج السياسي العام وفي إطار تحالف قوى المعارضة ليس مقبولا منه أن يوظف أدوات النقد والمواجهة والضغط على حليف له، تماما كما يوظفها في نقد ومواجهة السلطة التنفيذية. وإلا فما قيمة التحالف والوقوف على صف واحد حيال القضايا الأساسية.
إن طبيعة تحديات المرحلة وارباكاتها تفرض على الأطراف المعارضة الركون إلى مجلس يجمع أقطاب المعارضة في لقاءات تصحيحية، نقدية، تفاعلية، بعيدا عن استخدامات أدوات الإعلام، وبعيدا عن الحوار عن بعد ومن خلال وسائل ووسائط الإعلام، حيث إن ذلك يفت في عضد الجماهير التي ترى في تشظي قيادات تياراتها خطرا، يرفع من مؤشر يأسها فتكفر بالسلطة والمعارضة. وتقبل بالأمر الواقع ويزداد التذمر الشعبي ويستحكم التخلف التنموي فتقع ضحية الفشل السياسي والاجتماعي.
إقرأ أيضا لـ "هادي حسن الموسوي"العدد 2554 - الأربعاء 02 سبتمبر 2009م الموافق 12 رمضان 1430هـ
نبيل حبيب العابد
سيدي الفاضل هل القوى المعارضة تتفق فيما بينها على 80% لكنا بخير وسلام، سبب بلاوينا هذا الكم من الجمعيات السياسية، نطالب أعضائها بالتكاتف والوقوف جميعا كبيان مرصوص وبحزم ثابت أمام المتغيرات التي تمارسها الحكومة فلا يعقل بلد صغير العمالة الأجنبية وصلوا أن يسكنوا في أوساطنا بل وبإيجارات لا يستطيع المواطن دفعها،، والبرطمان في سبات عميق وتسئل نائب يقول ماذا نفعل إذا كيف دخلت المجلس هل لأجل الراتب؟