عاد الناقد والشاعر علوي الهاشمي ورئيس أسرة الأدباء والكتاب من رحلة ثقافية زاخرة إذ شارك في مهرجان أصيلة بالمغرب العربي ومهرجان الرمثا الأدبي بعمان، ففي مهرجان أصيلة 2009 وضمن التحية الجماعية التي قدمها مجموعة من الشعراء والنقاد للشاعر الراحل محمود درويش صرح الهاشمي للوسط بأنه أشار في التحية التي قدمها كشهادة عابرة إلى أن علاقته بدرويش ظلت رسمية وصاحبتها شيء من الجفوة طوال سنوات وتابع الهاشمي « حيث طلبت من درويش إجراء مقابلة في مهرجان المربد للإذاعة البحرينية فاعتذر مما خلق نوعا من العلاقة الرسمية إذ أحسست أنه لم يتعامل معي كشاعر مثله في مقتبل حياتي الأدبية، وظلت العلاقة كذلك إلى أن التقينا قبل عامين من وفاته بمهرجان القاهرة حيث كنت عضوا في لجنة التحكيم التي منحته لقب شاعر العرب وكان غريبا أن شدني انشدادا كبيرا إليه حتى قبل أن يعرف أني في لجنة التحكيم مما أكد لي بعدها أن درويش وبطرف خفي وبحساسية الشاعر حرص قبل رحيله الأبدي أن ينقي ويوطد علاقاته بالمعنى الأدبي للذين لم يعطهم حقهم، وأضاف حزنت حزنا شديدا على رحيل الشاعر على المستوى الشخصي والثقافي والأدبي نظرا لأهمية درويش على الخارطة الشعرية، وكان لغيابه أثر كبير على الحركة الأدبية والثقافية» وكان علوي قد حضر فعاليات المهرجان بالإضافة إلى ندوة الطيب صالح وندوة جائزة الشيخ زايد للكتاب في أصيلة وأشار إلى أن أصيلة مدينة ثقافية جميلة بمعنى الكلمة وقد أشعرتني أنها قريبة من مدينة المحرق وخاصة الحي الذي تُشرف عليه وزيرة الثقافة والإعلام الشيخة مي بنت إبراهيم آل خليفة وأضاف بأن المحرق من الممكن أن تكون مدينة شبيهة بأصيلة خصوصا إذا ما ترسخت الحالة التي كرستها الشيخة مي من بيوتات ثقافية تخلد الأدباء وتبرز جهدهم الثقافي والإبداعي».
وكان مهرجان أصيلة لهذا العام قدم تحية للشاعر الراحل محمود درويش بقاعة الندوات في مركز الحسن الثاني للقاءات الدولية وتعاقب على إلقاء التحية للشاعر عدد من المشاركين تحت إشراف الشاعر محمد الأشعري وزير الثقافة السابق وسفير فلسطين بالمغرب و شقيق الشاعر أحمد درويش و محمد بن عيسى مدير الملتقى. وبمشاركة فاضل العزاوي شاعر من العراق و انطوان رعد شاعر من لبنان و علوي هاشم الهاشمي من البحرين و المهدي اخريف من المغرب إضافة إلى الناقدين بن عيسى بوحمالة و عبد الرحيم العلام... و بكلمات مؤثرة سرد الشاعر المهدي أخريف ما دار بينه و الراحل محمود درويش في زيارة له لأصيلة. سنة 1979 رفقة أدونيس و خالدة سعيد و إلياس خوري و صلاح ستيتية... و استعرض الشاعر علال الحجام تجربة الراحل محمود درويش الشعرية و موقعها من الشعر الفلسطيني و العربي ككل و العالمي... في حين ألقت وفاء العمراني نصين شعريين بالمناسبة. واختتم الناقد عبد الرحيم العلام الندوة ببعض اللقطات المضحكة المستملحات التي حدثت للشاعر على هامش اللقاءات و المؤتمرات الشعرية في الدول التي زارها و قد أضحكت الجمهور الحاضر. و استمتع الحاضرون أيضا بشريط قصير قرأ فيه الراحل محمود نصا شعريا أحبه... و تكريما للشاعر الراحل محمود درويش أطلق مجلس بلدية أصيلة اسم الشاعر على حديقة جوار ساحة محمد الخامس و التي كان الشاعر قد تردد عليها.
وضمن مشاركته بعمان في مهرجان الرمثا في دورته الخامسة قرأ الهاشمي مجموعة من نصوصه الشعرية وبهمس الشعر يسترق الهاشمي ناي السرد ليقص حكاية منصور من بين ذاكرة مثقلة بالهموم فيقول « ذاكرتي مثقلة بهموم الأمس؛ كان الوقت مساء والمقهى كالعادة مزدحم بذوي الأحداق الحجرية والعاهات المزمنة، وأرتال الـ(....) الغرباء وبعض القرويين المربدة أوجههم من لفح الشمس، والنادل في صخب المقهى يغدو ويروح كرقاص الساعة، والعشاق القدماء أماكنهم خالية في الركن: لماذا يهرم وجه العصر ولا يهرم وجه العشاق؟ كانت عينا أحد كلاب الصيد تجوسان مقاعدهم: بضعة عمال ينتثرون هنا وهناك وحافلة تذرع صمت الشارع، والنادل في صخب المقهى يغدو ويروح كرقاص الساعة، أسند منصور إلى ظهر المقعد كتفيه، اتكأ على مرفقه الأيسر، واستسلم للحلم قليلا، كان الفصل خريفا والريح الغربية لم تترك في الشجر الواقف إلا بضع وريقات تترنح؛ هل كان الفصل خريفا حقا؟ هل كان الوقت مساء؟» وقد حضر الأمسية مجموعة من الشعراء المثقفين والأدباء بجريدة الدستور الأردنية التي خصصت بجوار مقرها مبنى خاصا يتميز بقاعته الكبيرة لعقد الندوات الثقافية والأمسيات الأدبية والملتقيات المختلفة التي ترفد الثقافة والذي تمنى الهاشمي أن تحذو صحفنا المحلية حذوه.
وكان وزير الثقافة الأردني صبري الربيحات قد افتتح مهرجان الرمثا الخامس عشر للشعر العربي مباركا للمؤسسين نجاح المهرجان ووصوله إلى هذه الدورة والتي حضرها مجموعة من الشعراء منهم اللبناني ياسين الأيوبي، والبحريني د.علوي الهاشمي، والعراقي عبد الرزاق عبد الواحد، والليبية سعاد السالم، والأردني نائب رئيس المنتدى عبد الكريم أبو الشيح.
وبشر رئيس منتدى الرمثا، الأكاديمي محمد الزعبي بأن المهرجان سيصدر ديوانا يضم إبداعات شعرائه الأردنيين والعرب، وسيرهم الذاتية، مضيفا أن المهرجان يجول مع ضيوفه محافظات المملكة لإتاحة الفرصة للضيف في الكتابة عن الوطن في جنوبه وشماله ووسطه، وتشجيع السياحة الثقافية، وتعريف المتلقي الأردني بضيوف المهرجان عن قرب في مواقعهم»
وشارك الهاشمي في ندوة عقدتها مجلة أقلام جديدة التي ترأس تحريها الاكاديمية امتنان الصمادي وكانت الندوة تحت عنوان « بين الأكاديمية والإبداع» بالجامعة الأردنية مع عدد من النقاد المعروفين والمثقفين وأساتذة الجامعة منهم إبراهيم السعافين وعلي جعفر العلاق وناصر شبانة ومها العتوم وخلال الندوة أدلى الهاشمي شهادة موسعة حول تجربته في العلاقة بين الجانب الأكاديمي والإبداعي الذي رأى أن تجربته انحازت للنقد متجهة للنص الشعري منذ كتابه « ما قالته النخلة للبحر»
أما الشاعر علي جعفر العلاق فأكد أن تجربته الأكاديمية إنما أتت بعد اكتمال التجربة الشعرية وأنه منذ البداية كان حذرا، وحينما يكتب القصيدة فإنه يقطع الضوء الذي يربطه بالنقد .
وتحدث السعافين عن تجربة مخبأة لديه حيث كشف عن شعرية سبقت كتابة النقد وأنه حين هيأ نفسه أن يكون شاعرا لم يخطر بباله أنه سيعطى لقب ناقد وكشفت الندوة أن السعافين يشرع في إنجاز روايته الجديدة. مؤكدا أن الإبداع ليس ترفا أو هواية وإنما هو جزء من داخل الإنسان، كما زار الهاشمي المجلة الثقافية للجامعة الأردنية في مقرها، وختم جولته الثقافية بزيارة رئيس الجامعة الأردنية خالد الكركي.
العدد 2554 - الأربعاء 02 سبتمبر 2009م الموافق 12 رمضان 1430هـ