تقع الأخطاء الطبية باستمرار في المستشفيات الخاصة والعامة من دون أن تجد من يوقفها أو يمنع تكرارها، ففي كل يوم نسمع تذمرا هنا وشكوى هناك، من دون الوصول إلى حالة نهائية توقف الأخطاء وتحمي حياة المرضى من أخطاء يرتكبها أطباء هم أصحاب رسالة، لكنهم في النهائية بشر يرتكبون أخطاء.
فكما يوجد طبيب «إنسان ومؤتمن»، يستحيل أن يسمح لنفسه بأن يؤذي أو يضرّ مريضه عن قصد، بالمقابل يوجد كذلك طبيب عابث ولا يأبه بمصير أي مريض سواء كان ذلك بسبب جهله بتخصصه أو جشعه لحصد مبالغ طائلة من المال حيث يعتبر مرضاه زبائن يقدم لهم خدمة، وهنا تبرز الخطورة التي تنافي إنسانية هذه المهنة، إذ إنه بذلك يتحول الطبيب إلى تاجر هدفه المنافسة والمضاربة وتحقيق الربح على حساب جسد المريض والتلاعب بحياته! أو لتحقيق الشهرة عن طريق القيام بمغامرات وتجارب على مرضاه، وهذا من يجب أن تكون عقوبته شديدة حتى لا يتجرأ غيره على السير في الاتجاه ذاته.
فأنا واحدة من المرضى الذين أصيبوا بمضاعفات طبية جراء جرعة كورتيزون زائدة وأدوية مدمرة وعلى رغم اعتراف طبيبي المعالج بذلك فإن الطبيبة صاحبة المركز الطبي الخاص نفت ذلك وشككت في كفاءة وتقدير الطبيب! و «زادت الطين بلة» حين أجرت لي عملية «فاشلة» وفريدة من نوعها في الشرق الأوسط، وذلك بزراعة صمام داخل العين أفقدني أجمل حاسة من حواسي التي أنعم الله عليَّ بها وحرمتني هي إياها!
وعلى رغم أني قدمت الشكوى لمكتب شكاوى المرضى بوزارة الصحة منذ ما يقارب السنة فإنه حتى اللحظة لم تشكل أي لجنة للتحقيق، وذلك على حد قولهم، بسبب عدم تعاون الطبيبة بالمثول لطلب الوزارة والحضور للمساءلة أو إحضار ملفي الطبي لمعاينته! ولأن اللجنة التي تنتدبها الوزارة للتحقيق هي مجموعة متطوعة من الأطباء غير المتفرغين كليا بسبب انشغالهم بالعمل في الوزارة وعياداتهم الخاصة و «لا ألومهم» على هذا وجزاهم الله خير الجزاء لعملهم الخيري التطوعي بلا مقابل مادي يذكر!
إن ملف الأخطاء الطبية بحاجة ماسة إلى وقفة جادة، لا لكيل الاتهامات لطرف أو لآخر، بل المطلوب وضع اليد على حقيقة ما يحدث في محاولة لتصويب الخلل، حال ثبات وقوعه.
مهما صرح المسئولون، فتلك الأرقام الرسمية لا تعكس حقيقة الوضع المريع وخاصة أن عددا كبيرا ممن يتعرضون للأخطاء الطبية لا يبلغون عنها، الأمر الذي يجعل قياس نسب تلك الحالات أمرا في غاية الصعوبة؛ إذ إن معظم المتضررين أو ذويهم لا يُقدمون شكوى وبعضهم لا يعرفون بوجود مكتب لشكاوى المرضى أصلا! وليس باستطاعتهم رفع دعاوى قضائية ضد من يعتبرونهم السبب في الخطأ الطبي.
وتعزى أسباب ذلك إلى ارتفاع كلفة الخدمة القانونية أو التكهن المسبق الخاطئ بأن القضية ستخسر نتيجة الشك في أهلية وصدقية نتائج تقرير اللجان أو بسبب النفوذ الذي يمتلكه الخصم من أصحاب الضمائر المريضة، ما يزيد صعوبة إثبات الخطأ الطبي على الطبيب أو المشفى أو من كان له سبب في هذا الخطأ وخصوصا أنه في حال وجود أي شكوى بخطأ طبي تنتدب وزارة الصحة خبيرا منها ليتحقق من الشكوى المرفوعة ضدها!
ومن منطلق أن من مهمات وصلاحيات وزارة الصحة ترخيص المؤسسات الصحية غير الحكومية ومراقبتها، هناك اسئلة مبهمة تنتظر الإجابة:
1 - في حالات الخطأ الطبي، من تكون جهة الاختصاص في شكاوى الأخطاء الطبية والتحقيق في هذه القضايا؟ هل هي وزارة الصحة، أم هي نقابة الأطباء، أو النيابة العامة؟
2 - ألا يلزم القانون كل مؤسسة صحية غير حكومية بتزويد الوزارة بالتقارير الدورية بشأن سير العمل فيها، وأي معلومات تطلبها الوزارة منها؟ فكيف يسمح لأي طبيب الاستخفاف بطلبات الوزارة بهذا الشكل من غير أن تتخذ الوزارة ضده أي إجراء إلزامي؟
3 - لماذا لا تُشكل لجان طبية ثابتة أو هيئة مستقلة تتكون من أطباء وفقهاء وقانونيين، تكون مهمتها إبداء الرأي الشرعي القانوني في كل مسألة طبية طارئة، وتحديد نوع الخطأ الطبي، ومدى مسئولية الطبيب عنه، مع تقرير العقوبة المناسبة وتقديرها في حالة إدانته؟
4 - هل تقوم نقابة الأطباء ووزارة الصحة بعقد دورات تدريبية للأطباء الجدد، وتزود القدامى من الأطباء بكل ما يستجد في عالم الطب، إلى جانب تبصير الأطباء بالقوانين وعقوباتها في حالة حصول الخطأ الطبي وماهية هذا الخطأ؟
5 - لماذا لا يتم وضع قانون خاص بالأخطاء الطبية، يكون فيصلا في مثل تلك القضايا التي تتشابك فيها المصطلحات والمفاهيم بين الخطأ الطبي والمضاعفات الطبية العائدة إلى القضاء والقدر؟
6 - لماذا لا يوجد تخصص لمحامين في مجال الأخطاء الطبية، إذ لا يوجد أي قانونيين أو محامين متخصصين في هذا المجال في الدول العربية؟
7 - هل يتم إخضاع جميع العاملين في المجال الصحي وخصوصا الأطباء لاختبارات إثبات كفاءة دورية وخصوصا في القطاع الخاص؟
8 - أليس القانون يمنع الأطباء من بيع الأدوية في عياداتهم من غير ترخيص لعدم وجود صيدلاني وصيدلية مهيأة؟ فكيف لطبيبتي المعنية أن تبيعنا الأدوية في مركزها عن طريق مكتب الاستقبال لديها وتخبرنا بأنها تبيعها بأسعار اقل من السوق؟!
9 - كيف تسمح وزارة الصحة وتمنح الترخيص لإحضار أجهزة جديدة من نوعها من غير التأكد من فاعليتها ومتابعة حالة أول مريض مع التأكد من علمه بأنه أول الخاضعين لمثل هذه العمليات أو الأجهزة؟
أخيرا، فإن البحرين تمتلك أطباء مؤهلين وكوادر عالية الكفاءة نكن لهم كل تقدير واحترام على رغم عدم وجود العدد الكافي منهم مقارنة بعدد المرضى ناهيك عن عدم وجود الأجهزة الطبية المتطورة وخصوصا في المستشفيات الحكومية التي تعين على التشخيص الدقيق والذي يساهم في صحة العلاج وإن وجدت هذه الأجهزة للأسف فبالمقابل يمتلكها أطباء أو كوارد تفتقد للآلية العلمية السليمة والمؤهلة لاستخدامها ويتم استغلالها بطرق لا تحقق غايتها الطبية.
طبيبتي أساءت التقدير على نحو سليم للآثار الضارة لفعلها بي فضلا عن عدم مراعاتها القوانين والأنظمة، وحتى اللحظة تكابر وتستخف بالوزارة وتماطل في أبسط شيء وهو إرسال نسخة من ملفي الطبي للوزارة.
حتى الآن لم يتم التحقيق في قضيتي، لكنني متفائلة بعدالة الأطباء وان الشكوى لن تنتهي كغيرها كما جرت العادة بـ «لا شيء» وهنا دور الإعلام أيضا في إبراز أهمية العدل وقباحة الظلم... واسأل الله أن يجعلنا من أهل العدل ويطهرنا من الظلم فإن الظلم جريمة من أقبح الجرائم ولا يستوطن إلا في نفوس قد جفت من الرحمة وخلت من الخير.
(الاسم والعنوان لدى المحرر)
العدد 2553 - الثلثاء 01 سبتمبر 2009م الموافق 11 رمضان 1430هـ
تجارب على الانسان بدل الفئران
أجرك عند الله وأحتسبي على من تسببت لك بالضرر ومن مثلها من الاطباء، وكان الله في عون المواطنين الذين ليس بيدهم غير تقديم ارواحهم واجسادهم إلى أطباء لا يعلم هل سينجو من تحت ايديهم أم لا..
القضية تجارة
القضية في هذا البلد تجارة , الاستشاريون يأكلونها من كل الجوانب , علاقات مع صيدليات , رواتبهم وتعاملهم الفوقي مع الموظفين والمرضى الا ماندر منهم ومارحم ربي , والطب الخاص الذي يستنزف جيوب الناس , فكيف تريدون من شخص يحصل على راتب بالالوف ان يكون قلبه رحيما على الضعفاء والفقراء ؟ خصوصا في ظل وجود قانون الغاب الذي ينهش فيه القوي الضعيف والذي تضيع فيه الحقوق , والعتب كل العتب على من لايسئل ويذهب لكل من هب ودب ومن ثم يتحسر على نفسه , عليكم بالتحري والتدقيق فهذه مهنة الذمم والضمائر