مفوض الاتحاد الأوروبي لحقوق الإنسان توماس هامربرغ كتب مقالا أشار فيه إلى الفجوة القائمة بين الحقوق المنصوص عليها في معاهدات حقوق الإنسان وبين واقع الحال في الدول التي اعتمدت تلك المعاهدات ضمن تشريعاتها المحلية، واعتبر أن سدّ هذه الفجوة أصبح مطلبا أساسيا للناشطين في مجال حقوق الإنسان، وأن تحقيق هذا الهدف يتطلب اتباع منهجية منتظمة وجديدة لجمع البيانات المتعلقة بتنفيذ بنود المعاهدات الدولية، واعتماد خطة شاملة تتضمن تحديد «مؤشرات» ذات معنى يمكن استخدامها لتقييم التقدم الذي تحرزه الدول في هذا المجال.
المؤشرات المتوافرة حاليا من جهات عدة مازالت لاتعطي الصورة الكاملة (من الناحية الكمية والنوعية) حول هذا الموضوع بالذات، ومع ذلك فقد أثبتت العديد من المؤشرات في مجال حقوق الإنسان أنها تدفع باتجاه بيئة أكثر كفاءة وشفافية، وتسهل محاسبة الحكومات فيما يتعلق بحقوق الإنسان، كما تساعد المؤشرات على تسليط الضوء على النجاحات التي تحققت. واقترح المفوض الأوروبي اتباع نهج جديد في إعداد مؤشرات جديدة لحقوق الإنسان من خلال معايير دقيقة توضح المضمون العملي لحقوق الإنسان في حالات محددة، واقترح اعتماد نموذج اقترحه مكتب مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، وهذا الانموذج يتحدث عن اعتماد ثلاثة أنواع من المؤشرات، وهي: المؤشرات الهيكلية «Structural indicators»، والمؤشرات الإجرائية «Process indicators»، ومؤشرات النتائج «Outcome indicators».
المؤشرات الهيكلية تدقق في ما تم التصديق عليه من معاهدات دولية خاصة بحقوق الإنسان، ومدى وجود القوانين المحلية والآليات المؤسسية لحماية حقوق الإنسان المنصوص عليها في المعاهدات الدولية. المؤشرات الإجرائية تقيم سياسات الدولة والتدابير المتخذة لتنفيذ الالتزامات، ومؤشرات النتائج تقيس الإنجازات المتحققة فعلا على المستويات الفردية والجماعية فيما يتعلق بحقوق الإنسان في سياقات محددة.
مفوض الاتحاد الاوروبي يقترح اعتماد هذا النوع من المؤشرات لتحديد مدى التزام بلد ما بالمعاهدات الدولية التي صدّق عليها... وأهمية هذا الحديث هو أن الإدارة الأميركية تصدر تقارير سنوية عن كل بلد ومدى التزامه بحقوق الإنسان أو بمنع الاتجار بالبشر أو بحرية الممارسة الدينية، الخ، وهذه التقارير تستخدم كمادة «إرشادية» من قبل المشرعين ومسئولي الإدارة الأميركان أثناء تعاملهم مع البلدان الأخرى. وعليه، إذا اعتمد الاتحاد الأوروبي مؤشرات أكثر علمية، ومرتبطة مباشرة بالمعاهدات الدولية التي صدّقت عليها هذه الدولة أو تلك، فإنها قد تنافس التقارير الأميركية، وقد يستخدمها الاتحاد الأوروبي في تحديد علاقاته مع البلدان الأخرى بصورة حازمة أكثر من الإدارة الأميركية.
مهما يكن الهدف من حديث مفوض الاتحاد الأوروبي لحقوق الإنسان، فإن ناشطي حقوق الإنسان في البحرين يمكنهم اعتماد مؤشرات من هذا النوع تفسح لنا المجال لتطارح الأفكار داخليا، وأن نعالج القضايا من خلال ضوابط معترف بها دوليا دون الحاجة لانتظار صدور التقارير الأميركية أو الأوروبية عن أوضاعنا.
إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"العدد 2552 - الإثنين 31 أغسطس 2009م الموافق 10 رمضان 1430هـ
الانشغال بالتوافه وترك الاشتغال بقضايانا المهمة
اقدم لك يا دكتور عربون إحترام وتقدير وثناء واعجاب لما تقوم بالاشارة اليه او التذكير به او التنبيه عليه، لاننا في امس الحاجة للتوجه لمثل هذه الامور التي تبني الوطن وتشغلنا بقضايانا الاساسية، أما أولئك الذين ينشغلون بماذا قيل هنا وما قالو ا هناك فإنهم يقعون في فخ الانشغال بالتوافه ونقع ضحايا الضياع بعد ان ضعنا في زحمة الضحايا...
العمل الذي يبني الوطن هو النحت على الصخر وليس على الماء !!!
طبت وطاب قلمك ودمت محروسا موفقا... لخدمة شعبك
بوركت يامنصور
نعم صدقت .. مهما يكن الهدف من حديث مفوض الاتحاد الأوروبي لحقوق الإنسان، فإن ناشطي حقوق الإنسان في البحرين يمكنهم اعتماد مؤشرات من هذا النوع تفسح لنا المجال لتطارح الأفكار داخليا.