سينتهي بعد يومين العام 2008 شأن كل ما له أول! سينتهي العام بحلوه ومره، بخيره وشره. سينتهي بعد سياق عام ميزته الحوادث والتطورات السياسية التي عصفت بعالمنا العربي وأضفت على مجرياته طابعا من الكآبة والحزن، ليطل عام ميلادي جديد لا نعلم ما سيحمله لنا من طيبات ومآس، ومن أفراح وأحزان، ولكن هناك شعورا غريبا يخالج البشر عند مقدم العام الجديد، فكثير من الناس تنتابهم مشاعر تفاؤل بأن العام الجديد سيحمل معه كل ما يتمنون حدوثه وعلى جميع أصعدة الحياة.
قبل أيام أرسلت إلي صديقة تعودت مراسلتها رسالة بمناسبة العام الجديد، وذلك عبر البريد الإلكتروني، الغريب في الأمر أنها ومنذ العام 2005 وحتى اليوم وبدخولنا العام 2009، مازالت مصرة على إرسال هذه الرسالة دون سواها، التي كتبت فيها أمورا تجعلني أحس بأنها قد يئست بأن عالمنا سيتغير. هي ذاتها التي وصلتني في العامين 2007 و2008، ومن الصديقة نفسها، وربما هي بعثتها هذا العام أيضا لعل جزءا منها يتحقق في ظل كل تلك المتغيرات التي يشهدها عالمنا الحالي، وكانت رسالتها تقول:
«أيها العام الجديد أصغ إلي... أتوجه إليك متوسلا راجيا على رغم أنني أعرف جيدا بأنك لا تملك أذنين، إلا أنني أعلم أيضا بأنك لست بحاجة إلى أذنين لتصغي إلي.
أيها العام الجديد رجاء لا تكن كما كانت الأعوام الأخيرة... رجاء لا تحمل في يومياتك أخبارا جديدة، لا تحمل مفاجآت سواء كانت سارة أم مفجعة... رجاء كن رماديا. كن كخريف لا تتساقط فيه أوراق الشجر.
أيها العام الجديد لن أطلب منك أطيب الأماني والأمنيات. لا أريد حظا سعيدا... لا أريد وظيفة أعشقها... لا أريد قصة حب جديدة... لا أريد المزيد من الأصدقاء... لا أريد أن أفوز بجائزة التميز... لا أريد حكومات جديدة في بعض بلداننا العربية ولا انتخابات تمثيلية في البعض الآخر منها... لا أريد رفعا لمعدلات الأجور ولا تظاهرات تحتج على السياسات الاقتصادية. لا أريد المزيد من المغنيات ولا المطربات... لا أريد المزيد من مساحيق الغسيل سواء أكانت تلك التي تتغلغل في الغسيل لتبيّض الثياب أو تلك التي تبيّض الأموال، والسياسيين.
أيّها العام الجديد أريدك أن تكون رتيبا مملا... أريدك مضجرا... لا تحمل في طياتك تراجيديات وميلودرامات سياسية واجتماعية... أريدك بلا متفجرات ولا شهداء ولا انتفاضات وتظاهرات مليونية في الساحات... أريدك أن تكون شفافا صادقا برتابتك... أريدك أن تكون مختلفا عن زملائك الأعوام الأخيرة».
أمنيات تلك الصديقة بها الكثير من الحزن والأسى، ولكنني أتمنى في العام المقبل 2010 «إذا الله عطانا طول العمر»، أن ترسل إلي «إيميلا» آخر تتمنى فيه أمنيات أخرى، ليست كتلك التي تمنتها العام 2009... وكل عام وأنتم بخير.
إقرأ أيضا لـ "ايمان عباس"العدد 2306 - الأحد 28 ديسمبر 2008م الموافق 29 ذي الحجة 1429هـ