غادرت أمس مع وفد رؤساء تحرير الصحف اليومية الى العاصمة العمانية (مسقط) لحضور قمة مجلس التعاون التي تنعقد وظروفنا صعبة جدّا على المستويين الإقليمي والمحلي. فإقليميّا إننا جميعا مشغولون بما يجري في غزة من مجازر بشعة، ومحليّا مشغولون أيضا بما تحدثت عنه وزارة الداخلية من اكتشاف مجموعة تنفذ «أعمالا إرهابية».
ليس سهلا أن تكون بعيدا عن الحدث مباشرة، وتحاول في الوقت ذاته أن تعلِّق بشأن وضع يتطلب الدقة، فأنا لم أشاهد البث التلفزيوني للاعترافات مساء أمس لأنني كنت والوفد الإعلامي منشغلين بإحدى فقرات برنامج الزيارة... ولكني وزملائي كنا منشغلين بما كان يحدث عبر المكالمات الهاتفية المتواصلة.
لست بحاجة إلى أن أوضح موقفي شخصيا، فإنني ضد استخدام العنف من أي طرف كان، وإنني من المؤمنين بضرورة التزام العمل السياسي السلمي، وإن البحرين هي كل شيء بالنسبة إلينا، وأي أذى لها أو لمن يعيش فيها فهو عمل مرفوض. لكنني أيضا في حيرة... فهل نحن بحاجة إلى بث اعترافات في التلفزيون وقبل أن يفصل القضاء في القضية، وقبل أن يقدم المحامون دفاعهم، وقبل أن يلتقي المتهمون بأهاليهم؟
أحد الإخوة أجابني على سؤالي مساء أمس: ماذا تفعل الدولة إذا كانت مسئولة عن حياة وأمن الناس وتبيَّن لها أن هناك مجموعة كررت وتصر على تكرار أعمال تخريب تقوم بها باستمرار والجميع يعلم من يحرِّض عليها ومن ينفّذها وتوافرت أدلة على التورط المباشر؟
ولكن حيرتي هي أن ما حدث أن الدولة استخدمت وسائلها المتوافرة لها بشكل يخالف الأصول المتعارف عليها لحفظ حقوق المتهمين وضمان محاكمة عادلة لهم.
أما إذا كانت الغاية هي التأثير على الرأي العام لرفض أعمال عنف أو حث من يتورط بها على الإقلاع عنها، فإن هذه الغاية يمكن تحقيقها عبر وسائل أكثر تطورا. فنحن لسنا أول بلد يعاني من مثل هذه المشكلة، فكانت شمال ايرلندا تعاني أكثر مما نعاني، وعندما تم اعتماد أساليب سياسية متطورة تحقق الوئام وانتصرت إرادة الخير المشتركة.
إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"العدد 2306 - الأحد 28 ديسمبر 2008م الموافق 29 ذي الحجة 1429هـ