العدد 2551 - الأحد 30 أغسطس 2009م الموافق 09 رمضان 1430هـ

الوزير وحقيقة «القرى الأربع»

فرح العوض farah.alawad [at] alwasatnews.com

حسنا فعل وزير الإسكان الشيخ إبراهيم بن خليفة آل خليفة عندما خرج في مقابلة تلفزيونية على شاشة تلفزيون البحرين الفضائية عرضت في 20 أغسطس/ آب الجاري، وأعلن عن الكثير من المعلومات التي خالفت ما سمعناه من حقائق على مدى الأعوام الماضية فيما يخص مشروع إسكان القرى الأربع (النويدرات)، والتي في الوقت نفسه يجدها الوزير و(البعض) أنها حقائق واقعية جدا جدا جدا.

إلا أن الأحسن من الحسن هو الإدلاء بحقائق يتفق عليها الجميع بنسبة لا تقل عن 70 في المئة على الأقل من الجمهور المختلف عليها.

لن اختلف مع الوزير أو غيره في أنها حقائق، فالحقيقة التي يجدها أي من يقف أمامي أو في صفي يقرأها من وجهة نظره الشخصية، وهذا هو ما تعلمناه منذ صغرنا في المدارس الحكومية - إن اعترف بها البعض طبعا - وهو لو أن أكثر من فرد أراد أن ينظر إلى سبابة فرد آخر فكل سينظر لها من زاوية مختلفة عن الآخر، لنصل في النهاية إلى إجابة للسؤال: ماذا نريد من حركة النظر؟ وهو بالضبط الذي نريد أن نصل إليه: ماذا يريد أن يقول وزير الإسكان؟

الحديث هنا لا يدور عن إسكان خاص أو عام كما قاله الوزير، وإنما عن إسكان امتدادات قرى وإسكان عام، والفرق بين الاثنين واضح؛ فالإسكان الخاص يعني أن المشروع يعتبر لفئات معينة وشريحة اجتماعية معينة، بينما مشروع امتدادات القرى أمر مختلف، ويحتاج إلى دقة في الحديث عنه.

من جملة ما قاله الوزير إن «الوزارة لا تمتلك ما يثبت بأن مشروع إسكان القرى الأربع هو من امتدادات القرى، وأنه على ذلك الأساس اعتبر مشروعا عاما ويخدم المنطقة والسياسة العامة للوزارة»، إلا أن ذلك الحديث لم يكشف عنه في الأوقات السابقة، أو منذ أن بدأت الضجة حول المشروع نفسه، بل إضافة إلى ذلك التزمت الوزارة الصمت حيال جميع الأوراق الرسمية الصادرة عنها، بشتى أنواعها.

أيضا... قال الوزير أنه «في كل مرة يتم الإعلان أن مشروع إسكان القرى الأربع هو مشروع عام»، بينما لم أسمعه أو أسمع من أعلن عن ذلك من المسئولين منذ العام 2005 وحتى الآن، بل بالعكس تماما، في كل حدث كان يذكر فيه اسم المشروع، كانت المعلومات تشير إلى أنه مشروع امتدادت قرى، ويخص أربع قرى فقط، ولو افترضنا جدلا وقوع تلك «الحقيقة» فبالتأكيد سيطلقها زملائي في الصحف المحلية الأخرى.

حقيقة ثالثة - يراها الوزير - هي أن تغيير مسمى المشروع والمنطقة إلى «هورة سند» لن تغير شيئا في الأمر، لكن في الحقيقة هي تعد مهمة جدا، لأنها تدل على بداية تاريخ جديد وهوية جديدة، والقضاء على تاريخ ماضٍ رحل ولن يعود أبدا لا في الكتب ولا في المجلات، ولا حتى على شبكة الإنترنت.

وما المانع من أن يندثر تاريخ منطقة في البحرين لتكون بداية إلى اندثار مناطق مستقبلية في مختلف محافظات البحرين؟

أما الحقيقتان الرابعة والخامسة من وجهة نظر الوزير فهما أن «المستفيدين من القرى الأربع وصلوا حتى أصحاب طلبات العام 1997»، وأن «معيار التوزيع هو الأقدمية»، فما هو الرد الرسمي على المواطنين من أصحاب طلبات العامين 1993 و1994 الذين لم يحصلوا على نصيبهم الشرعي من المشروع؟ وكذلك الرد بشأن الكشف عن أسماء المستفيدين من المشروع وأرقام طلباتهم؟

أخيرا، فإن الحقيقة السادسة هي أن الشيخ إبراهيم أكد «أن النائب يمثل الأمة ولا يمثل الدائرة الواحدة»، وهذه حقيقة أتفق معها بشكل كبير، ولكن أتساءل: لماذا لم يطالب بعض النواب بحقوق أبناء دوائر جارة لدوائرهم، بل أصروا على توزيع جزء من وحدات مشروع إسكان القرى الأربع (النويدرات) لأفراد ليسوا مستحقين لها؟ وهو ما يقودني إلى تساؤل آخر بشأن عدم تأييد الوزير فيما ذهبت إليه المعارضة لتكون البحرين دائرة انتخابية واحدة أو خمسة دوائر على الأكثر؟

تلك بعض من (الحقائق) التي أعلن عنها الوزير، فما هي الحقيقة الحقة؟

أين الحقيقة التي أكدت مخاطبة المجلس البلدي للمنطقة الوسطى لولي العهد صاحب السمو الشيخ سلمان بن حمد آل خليفة والرد الإيجابي من قبل الديوان في الشأن نفسه؟ وأين حقيقة الأوامر الملكية التي أمرت وزير الإسكان السابق فهمي الجودر بتنفيذ توجيهات جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة لتوفير احتياجات أهالي قرية النويدرات الإسكانية، ورفع معها طلبات الأهالي في 27 من مارس/ آذار من العام 2005، ورد الوكيل المساعد لشئون الإسكان والخدمات الفنية (سابقا) نبيل أبوالفتح الذي قال فيه «إن مشروع النويدرات الإسكاني يخدم قرى: النويدرات، والمعامير، والعكر الشرقية والغربية، وسند، وستتم تغطية جزء كبير من الطلبات الإسكانية لأهالي منطقة النويدرات من خلال هذا المشروع الإسكاني»؟

أتذكر أحد الأطفال الذي كان متوجها إلى المشاركة في الاعتصام السلمي لأهالي القرى الأربعة - المنحل بعد مضي 535 يوما - عندما قال لوالده «بابا نبي بيت من طابقين، فرد عليه والده إن شاء الله»، ولربما كان يضمر في قلبه نية أن يكون لديه قبر من طابقين، ولم لا؟ كل شيء جائز في هذا التاريخ، إن كنا فوق الأرض أم تحتها.

إقرأ أيضا لـ "فرح العوض"

العدد 2551 - الأحد 30 أغسطس 2009م الموافق 09 رمضان 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 5 | 3:38 ص

      نور الهدى

      متى توزيع بيوت الاسكان والله احنا عايشين في شقه خيسنه في الشقه والله حرام طعطون الى توهم والى من زمان اتخلونهم

    • زائر 4 | 7:41 م

      شكرا للأستاذه فرح عبدالله العوض

      بارك الله فيك وفي كتاباتك الوطنية، وهكذا فعلا هم كتّاب الوسط مدافعون عن حقوق المواطنين
      بالتوفيق

    • زائر 3 | 6:05 ص

      ارجعوا البيوت الى اصحابها

      ليس عيبا ان يقول الانسان انني اخطأت ولكن العيب كل العيب الاصرار على الخطأ أرجعوا البيوت واثبتوا انكم مع الحق والقانون ولا تكونوا اول من يخالف القانون ونحن في شهر الله الصدق والامانة هي سمات الانسان المسلم

    • زائر 2 | 3:09 ص

      هذا الميدان يحميدان

      الحل الوحيد لهذه المهزلةا المطالبة الشعبية بالاقدمية الا الحالات الطارئة والالحاح لتشريع قانون من مجلس النواب والشورى وهذا المقترح هو ما برر به الوزير سبب التوزيع وحينها من الصعب النلاعب بمصالح الشعب وبدون هذا المطلب اعتقد ان اول المنلاعبين ليس الحكومة بل اعوان الحكومة ومواليهاا في لمجلس النيابي وهذا ما حصل في توزيع المشروع وامام القانون هذا الميدان يحميدان

    • زائر 1 | 2:05 ص

      الصم

      أحسنت أختي ،
      لكن
      "ولا تسمع الصم الدعاء "
      أجرهم على لله بهذا الشهر الكريم

اقرأ ايضاً