العدد 2551 - الأحد 30 أغسطس 2009م الموافق 09 رمضان 1430هـ

الطأفنة أبرز تحديات «الدمقرطة»

خلال ندوة «التنمية السياسية» عن ثقافة الديمقراطية... عالم الاجتماع باقر النجار:

أكد عالم الاجتماع والأستاذ بجامعة البحرين باقر النجار أن هناك تحديات تواجه أي تحول ديمقراطي في المنطقة العربية، من أهمها نزوع البعض نحو «الدمقرطة» دون أن يكون لديه توجه صادق لذلك، إذ تكون مطالبته بتطبيقها محاولة منه للوصول إلى مراكز صناعة القرار.

وأوضح النجار في الندوة التي أقامها معهد البحرين للتنمية السياسية ضمن برنامج الثقافة السياسية في المجالس الرمضانية، والتي جاءت تحت عنوان «الثقافة الديمقراطية» واستضافها مجلس النائب جلال فيروز بسند مساء أمس الأول، أن التوظيف الكبير للمقولات الدينية داخل الإطار السياسي، يعتبر تحديا آخر للنزوع نحو الديمقراطية.

ورفض اعتبار التنوع الإثني أو الثقافي أحد المعوقات الرئيسية لإحلال الدمقرطة، مشيرا إلى عدد من التجارب الديمقراطية الناجحة التي تدحض هذا الادعاء، كالتجربة الهندية والماليزية والسنغافورية والتركية التي تتميز جميعها بتنوع كبير في إثنياتها، وثقافاتها ومعتقداها غير أنها نجحت في تشكيل ديمقراطيات ناجحة على رغم ذلك.


عوامل صوغ الثقافة الديمقراطية

وقال النجار في بداية الندوة إن كل إنسان داخل المجتمع مثقف وفق رؤيته الخاصة، وبما يحظى به من شبكة العلاقات الاجتماعية داخل المجتمع الذي يعيش فيه. وأشار إلى أن الثقافة تأخذ أُطرا متعددة اجتماعية وسياسية، وقد يمتد تبرير الثقافة إلى أطر أكثر تعددا، مضيفا في الجانب السياسي أن أي مجتمع له ثقافته السياسية المحددة، لذلك فلكي تفهم هذه الوجهة، لابد لك أن تعرف عواملها الخاصة، ويبرز الدين كأحد أهم العوامل في تشكيل أية ثقافة.

وأضاف «هناك عامل مهم في تشكيل ثقافة الديمقراطية هو النظام السياسي الذي يعطيك الشرعية ويضفي عليك حالا من الاستقرار السياسي، وقد تجد أن الحال السياسية السائدة في أية دولة أو منطقة جاءت انعكاسا لحال سياسية معينة، كما هو الحال في الأنظمة الشمولية التي تكرس نمطا معينا من النظام السياسي الذي بدوره له رؤيته بالثقافة الديمقراطية، وقد تجد بالعكس من ذلك أن المجتمعات التي تحوي قدرا من الديمقراطية بها قدر أكبر من الانفتاح السياسي، كما يتشكل بين أفراد هذا المجتمع نمط من الثقافة السياسية».

وتابع «الآلية الأخرى التي تتشكل في إطارها التشكيلات السياسية هي الأحزاب السياسية، وخاصة في المجتمعات التي يسمح فيها بتشكل الأحزاب، إذ يكون لها برنامج محدد وواجهات مهنية، وتسمح بقدر من تداول السلطة، وتتأثر بقدر من الأطروحات السياسية، ونلحظ هذا النمط من التشكيلات في الغرب بشكل واضح، إذ يقوم تصويت المواطنين على برامج الأحزاب، ويمكن ملاحظة ذلك في الديمقراطية الاميركية والهندية، إذ تتوزع الانتماءات السياسية بحسب الأحزاب وليس وفق توزيعهم الإثني».

وأردف «الآلية الأخرى التي تشكل الثقافة السياسية هي الإعلام، بقدر ما هو منفتح أو مقيد، كما أن النظام التعليمي يعتبر عاملا آخر من العوامل المؤثرة على الثقافة السياسية، بل هو عنصر أساسي في تشكيل وعي الناس، ليس معرفيا فقط، بل حتى في بنائهم الاجتماعي والثقافي والسياسي ونلحظ أهمية هذا العامل من خلال الصراع المستميت بين القوى السياسية في القبض على النظام التعليمي لبناء الأتباع والمريدين السياسيين من خلال النظام التعليمي، ويمكن ملاحظة ذلك بشكل لافت في الأنظمة الشمولية».

وواصل قائلا إن ثقافة الديمقراطية هي جزء من الثقافة السياسية في أي مجتمع من المجتمعات، ولا يمكن القول إن الأفراد يولدون ديمقراطيين أو لا، لكن الآليات والأطر الاجتماعية هي التي تشكل ديمقراطية أي فرد من عدمها.

وذكر أن الديمقراطية كثقافة لا تولد عند الناس، بل لابد من التدرب عليها من خلال أطر مختلفة، وإحدى هذه الأطر والآليات هي الأسرة والتعليم والنظام الإعلامي والسياسي والطريق الذي يحل به الأفراد أو المجتمع مشكلاتهم.

وقال أيضا: «إن كثيرا من الكتاب تطرقوا للديمقراطية العربية، وأقيمت لأجل ذلك العديد من الندوات في المنطقة العربية، وهناك توجه شبه عام يشير إلى تلكؤ الديمقراطية العربية وعدم فاعليتها، وقد ألقى البعض باللائمة في ذلك على الخارج، فيما رمى البعض أسباب ذلك على الداخل متمثلا ذلك في الدولة ونظامها السياسي المحتكر للقرار، أو القوى السياسية المختلفة أو ما يسميه البعض بقوى الإسلام السياسي، على اعتبار أن هؤلاء لا يمكن أن يؤسسوا ثقافة ديمقراطية لأن ممارساتهم كلها غير ديمقراطية، وهنا يشير البعض إلى مقولة تلفت إلى انه لا يمكنك تأسيس ديمقراطية من دون أن يكون لديك أفراد ديمقراطيون».


تحديات الدمقرطة

وتحدث النجار عن التحديات التي تواجه ثقافة الديمقراطية، مشيرا إلى أن هناك تحديات تواجه أي تحول ديمقراطي، وبعضها يأتي من محاولة البعض احتكار القوة، وهذا التحدي ينطبق على الحالة العربية بشكل عام، فيما يأتي التحدي الآخر لهذا التحول من داخل المجتمع، فإذا كان كثير من النقد يوجه إلى السياق السياسي، فإن جزءا من المجتمع له مسئولية في ذلك، وهناك تحدٍ آخر بنزوع البعض نحو الدمقرطة دون أن يكون لديه توجه صادق، بل هي محاولة للوصول إلى مراكز صناعة القرار، ونشير إلى أن طبيعة تشكيل هذه الجماعات هي ليست طبيعة ديمقراطية، فهي تعيد ذات الثقافة الأبوية على رغم انتقادها لممارسات الدولة.


فخرو: الديمقراطية تحتاج نضالا طويلا

من جهته قال المفكر والوزير السابق علي فخرو في مداخلته التي قدمها تعليقا على ما ذكره النجار في ندوته، إن البحرين جزء من الوطنين العربي والإسلامي، وما يحصل فيهما يؤثر بلا شك على البحرين، مضيفا «مشكلتنا في البلاد العربية إننا مازلنا ننظر لعلاقتنا بالنظام الحاكم ونتساءل إذا ما كان لهذا النظام شرعية أو لا، أو هل يسمح بتداول السلطة أم لا يسمح، وكأن الأمر في الديمقراطية ينحصر على ذلك، على رغم أننا إذا ذهبنا إلى الغرب لوجدنا أن الديمقراطية فيه مرّت بمتاهات عدة، في مختلف العصور الوسيطة والمعاصرة منها، وكان هناك نقاش طويل عن القيم والأسس التي تقوم عليها الحياة السياسية».

وأضاف «هناك إشكالية تطرح عند الحديث عن الثقافة الديمقراطية، وهي علاقتها بالثقافة الأخرى التي تأخذ قلوب الناس وهي الثقافة الإسلامية، إذ إنه عندما لا تأتي ثقافة قريبة من واقعنا الإسلامي، سيتم رفضها كالايديولوجيا الاشتراكية التي لم يتقبلها مجتمعنا، كونها غير نابعة من الثقافة العربية الإسلامية».

العدد 2551 - الأحد 30 أغسطس 2009م الموافق 09 رمضان 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً