العدد 264 - الثلثاء 27 مايو 2003م الموافق 25 ربيع الاول 1424هـ

54 صحافيا قتلوا خلال العام 2002

اللقمة المغمسة بالدم:

سمير عواد comments [at] alwasatnews.com

مازالت حرية الصحافة تواجه تهديدات الأمر الذي تؤكده باستمرار المنظمات الإعلامية التي استغلت اليوم العالمي لحرية الصحافة بتاريخ الثالث من شهر مايو/ أيار الجاري للتأكيد على هذا العامل السلبي والتهديدات التي يواجهها الإعلاميون خلال القيام بمهامهم، بالإضافة إلى المضايقات التي تمارس ضدهم، حتى في بلدان تصف نفسها بأنها ديمقراطية وتحترم حرية الصحافة وحقوق الإنسان. وتعكس الكثير من الحالات كيف أن تهديدات الإعلاميين لا تختلف والهدف الأساسي على الدوام هو الحيلولة دون ظهور الحقائق ولو كلف ذلك تصفية الإعلامي أو ترهيبه على الأقل. وعبرت حرب العراق بصورة واضحة عن الأخطار الجديدة التي تهدد حرية الصحافة. فقد تجلت هذه الحقيقة من خلال ضم قوات الغزو الأميركية والبريطانية نحو ستمئة إعلامي ألبسوهم سترات عسكرية وكان موقع كل إعلامي في عربة عسكرية بين الجنود الذين كانوا يشقون طريقهم إلى ساحات القتال الأمر الذي أسفر عن مقتل بعضهم وإصابة آخرين بجروح، كذلك بنيران التحالف ئْىمَلٌ ئىْم وفي قاعدة السيلية في قطر، كتب على الإعلاميين أن يحصلوا على المعلومات التي تسمح بها الإدارة العسكرية الأميركية. كما وجهت القوات الأميركية ضربة جديدة لتلفزيون (الجزيرة) فبعد أن ضربت مكتبه في كابول خلال حرب أفغانستان استهدفت مكتبه في العاصمة العراقية وضربت غرفة في فندق (فلسطين) حيث كان فريق (الجزيرة) يمارس عمله وقتلت واحدا من أعضاء الفريق بصورة توحي بأنها عمل مقصود أكثر من مجرد حادث خطأ.

وتتواصل عمليات اغتيال الإعلاميين في مختلف دول العالم بينما تستمر الكثير من الأنظمة في محاولات التأثير على حرية الصحافة وتقويضها قدر الإمكان واستخدامها لخدمة مصالحها الذاتية والثمن يكون داميا للإعلاميين الذين يحاولون كشف الحقائق وفضح شخصيات سياسية بارزة. مثالا على ذلك: هارون رشيد كان يبلغ 45 عاما من العمر، يعمل محررا في الصحيفة اليومية(بورباشنال) في بنغلاديش، حصل على شهرة بعد نشره تحقيقات عن عصابات الفساد في البلد وتعاون بعض رجالات الأمن معها. في الثاني من مارس/ آذار العام 2002، قتل هارون داخل مكتبه في مدينة كولنا واندفعت الجماهير الغاضبة إلى الشوارع احتجاجا على مصرعه. وواجه باريتوش باندي مصيرا مماثلا، وكان هذا الصحافي الهندي البالغ 51 عاما من العمر والمحرر في صحيفة (ساتا إكسبريس) المختص في الكتابة عن تقارير الشرطة إذ كشف معلومات كثيرة عن نشاطات عصابات الجريمة المنظمة وبتاريخ 14 أبريل/ نيسان قتل داخل منزله ويعتقد أن المافيا المحلية هي التي أجهزت عليه لهدف إسكاته وتحذير الإعلاميين الآخرين. كذلك لم يحظ سوني ألكنتارا بسمعة طيبة عند كثيرين لأنه كان يركز على فضح نشاطات السياسيين المحليين. بعد تلقيه سلسلة من التهديدات، قتل بتاريخ 22 أغسطس/ آب 2002.

قائمة الضحايا في صفوف الإعلاميين طويلة وخلال العام 2002 قتل 54 صحافيا وفقا لاستنتاجات مؤسسة الصحافة الدولية التي تتخذ من مدينة فيينا مقرا لها. منذ العام 1997 قتل أكثر من 350 صحافيا في مختلف مناطق العالم. إضافة إلى تعرض المئات منهم للاعتقال واحتجاز حريتهم والتعذيب وعقوبات أخرى. ومازال العمل الصحافي مهنة محفوفة بالخطر في عدد من دول العالم، لاسيما في أميركا اللاتينية. ففي كولومبيا على سبيل المثال، يعلم الإعلاميون بأنهم يعرضون حياتهم للخطر مجرد التطرق لنشاطات عصابات تهريب المخدرات في واحدة من أبرز دول العالم في مجال الاتجار بالمخدرات. كما تتسبب الحروب الأهلية بسقوط أعداد من الإعلاميين وكان هذا جليا خلال الحرب الأهلية في لبنان التي استمرت 16 عاما ثم خلال الحرب الأهلية في الجزائر. ومازالت كوريا الشمالية وكوبا تتصدران مجموعة الدول التي ليس فيها حرية الصحافة وتفرض رقابة مشددة على زيارات الصحافيين الأجانب كما يجري الزج بمنتقدي النظام في السجن. لكن هناك مجموعة من الدول (الديمقراطية) تعمل في مضايقة الإعلاميين.

تقول مؤسسة الصحافة الدولية انه لا يمكن أخذ الكلام العذب الذي يصدر عن بعض الأنظمة بشأن احترام حرية الصحافة، على محمل الجد. ويحلو لكثير من المسئولين السياسيين استخدام العبارة التي ذكرها الفرنسي أليكسيس دو توكيفيل حين قال: حرية الصحافة هي حجر الأساس للحريات. هناك خلاف داخل مؤسسة الصحافة الدولية في فيينا بشأن عدد الدول التي تحترم فعلا حرية الصحافة. وقد توصلت منظمة (بيت الحرية) الأميركية في بحوث قامت بها بهذا الصدد إلى أن هناك 72 دولة تحترم حرية الصحافة من اصل 187 دولة، على رغم اختلاف مفهوم حرية الصحافة بين دولة وأخرى.

واستغلت مجموعة من الدول هجوم الحادي عشر من سبتمبر/ أيلول العام 2001 وفرضت إجراءات مشددة على عمل الإعلاميين في إطار ما يسمى الحرب المناهضة للإرهاب. في الغرب يستسلم الكثير من الإعلاميين للنظام وهناك عدد بلا حدود لمؤسسات صحافية توصف بأنها مقربة من النظام. مثلا محطة التلفزة الأميركية (فوكس) التي كانت تروج لحرب العراق وكانت قبل ذلك قد تبنت الحجج كافة التي قدمها الرئيس جورج دبليو بوش وراحت تؤكد في كل مناسبة أنها حقيقة لا داعي للشك بها، مثل تعاون العراق مع تنظيم (القاعدة) وحيازة العراق أسلحة للدمار الشامل على رغم عدم ظهور أدلة تدعم ذلك حتى اليوم. وترى منظمة بشهق الأميركية المختصة في مراقبة محطات التلفزة المحلية أنه من محطة(فوكس) استضافت قبل الحرب مجموعة كبيرة من الخبراء، 397 منهم أيدوا الحرب مقابل ثلاثة فقط رفضوا ذلك. وتقول مؤسسة الصحافة في فيينا ان الكثير من دول العالم كانت تنتظر مثل هذه الفرصة للقيام بإجراءات تحمي الأنظمة مما تصفه بتطفل الإعلاميين. فقد تم إقرار الرقابة على الصحافة في كثير من الدول وخصوصا في آسيا إذ تم وقف إعلاميين وحجبت صحفهم عن الصدور. على رغم أن حرية الصحافة لا تتعرض إلى نقاش، إلا أن المحكمة العليا أقرت بتاريخ 12 مارس/ آذار الماضي حكما يسمح للشرطة والمدعي العام بمراقبة أجهزة الهاتف الخاصة بالإعلاميين في سياق البحث عن أدلة ضد مشتبه بهم، واعتبرت المحكمة أن سير التحقيقات أهم من حرية الصحافة. من خلال التجسس على الإعلاميين استطاعت الشرطة الألمانية إلقاء القبض على عدد من المجرمين الفارين الذين كانوا يتحدثون لوسائل الإعلام الألمانية. بمعنى آخر أن المبدأ الجديد يضع حرية الصحافة جانبا إذا هناك مصلحة للدولة في التجسس عليها. ويجري العمل في ولاية بافاريا بقانون لا يسمح فقط بالتجسس على الإعلاميين إذا دعت الضرورة، ولكن حسب القانون الجديد، فرض رقابة دائمة خاصة على مكاتب المحامين والقساوسة والأطباء ومكاتب تقديم الاستشارة للمدمنين على المخدرات وكذلك الإعلاميين وهكذا تقف بافاريا في صف واحد مع كولومبيا

العدد 264 - الثلثاء 27 مايو 2003م الموافق 25 ربيع الاول 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً