هل يعلم رئيس مجلس النواب خليفة الظهراني أنه لولا قوى المعارضة من إسلاميين ووطنيين، ولولا نضالهم طيلة هذه السنين من هجران وغربة وتضحيات لما أصبح هناك برلمان ولما أصبح هناك انتخابات ولما أصبح هناك رئيس برلمان، ولبقي مجلس شورى يُعَّينُ أعضاؤه. إن البرلمان الحالي لم يأتِ على طبق من ذهب أو عبر تصريحات إنشائية فضفاضة إنما جاء مخلفا وراءه آلاما كبرى وتوجهات وطنية شارك في تحقيقها كل الغيورين على هذ الوطن وبفضل لجنة العريضة وغيرها من التحالفات الوطنية، فلو أن مطلب البرلمان ترك تحت رحمة التصريحات الإنشائية لما كتب له الوجود حتى على ما هو عليه الآن.
عندي ملاحظات على مقابلة الرئيس أذكرها سراعا:
- التجنيس: قال «عن الذين جنسوا من الوافدين العرب أو الذين استقطبوا أو وُظفوا بالأصح في وزارة الداخلية أو وزارة الدفاع... وإني أسأل: أليس من الواجب أن نسأل أنفسنا لماذا تم هذا الشيء؟».
هل نفهم من رئيس البرلمان البحريني (أعلى سلطة تشريعية) أنه يقبل التجنيس؟ وهل ذلك يبرر تقديم المجنسين وإعطاءهم وتمييزهم على المواطنين جميعا وأن يعطوا أفضل المراكز والخدمات من إسكان وأعمال، في حين البلد يغص بالكثافة السكانية وبالفقر والجوع والبطالة المتكدسة بين زوايا القرى والمدن؟
- المجنسون ليسوا من الوافدين العرب فقط، بل هم أيضا من الدول الآسيوية فلم يبق بائع «سمبوسة» ولا فلافل إلا وجُنِّس... هل للرئيس ان ينشئ لجنة محايدة شعبية أو برلمانية لبحث هذا الملف؟ أم ان جهاز الحاسوب في إدارة الهجرة مازال عاطلا؟ ولو افترضنا جدلا أن الناس تسببت في التجنيس فهل هذا مبرر لإغراق الوزارات والأسواق الشعبية وغيرها بالمجنسين والناس يعيشون فقرا وجوعا وعندنا بطالة خمس نجوم؟ أليس أبناؤنا ـ من حملة شهادات الماجستير والدكتوراه ـ العاطلون أولى بهذه الأعمال؟
هل يضمن لنا الرئيس غدا توفير أعمال لأبنائنا وللأجيال القادمة؟ ألا يعلم الرئيس ان راتب المواطن البحريني لا يكفيه لسداد فواتير الوزارات فضلا عن إطعام أبنائه؟ هل يعلم أن هناك 30 ألف عاطل عن العمل؟ هل يعلم أن هناك 10 آلاف أسرة تعتمد على المساعدات؟ هل يعلم أن هناك 1600 سائق معرضون للفقر والضياع؟ هل يعلم أن هناك حملة دكتوراه وماجستير من المواطنين هاجروا من الوطن بحثا عن الرزق في الدول الخليجية والغربية؟ هل يعلم الرئيس أن هناك مواطنا يدعى عبدالأمير المطوع (دكتوراه في الاقتصاد) بقي 14 عاما من دون عمل وإلى الآن هو بلا عمل؟ لماذا تبذر الأموال على التجنيس العشوائي والناس يأكلها الفقر؟ وأتمنى من الرئيس لو يقتطع جزءا من وقته لنصطحبه إلى آلاف العوائل في القرى ـ مع الصحافة والإعلام ـ ليعرف حجم الفقر والجوع، فهناك عشرات القرى أشد سوءا من قرية المقشع التي عرضت صورها في التلفاز فأثار فقرها استغراب المسئولين وكل مدن البحرين!
الناس ليسوا عدائيين أو شعوبيين تجاه إخوانهم من العرب أو غيرهم، ولكن لا أحد يقبل ما يحدث وفي مناطق كل الامم والشعوب بما فيها مناطق هؤلاء العرب لا يقبلون ان يُقدم المجنس على المواطن، هل يقبلون هم أن يحدث ذلك في أوطانهم؟ أليس ديننا يقول (الأقربون أولى بالمعروف) هذا إذا كانوا أيضا في حال شبع فكيف وهم يعانون من فقر وبطالة ودخل محدود؟! إن لدي أسماء عوائل بحرينية تنام بلا عشاء!! وراح الرئيس يبرر الأخطاء وينبش في الماضي ليقول: «حين يشعر جاري أنني أتجهز للانقضاض عليه، ماذا تعتقد أنه سيعمل، هو أيضا سيستعد وسيكون متيقظا...» في معرض تبريره للأخطاء.
نقول هنا: إذا كنت تعتبر المطالبة بالديمقراطية سواء في التسعينات أو الثمانينات أو السبعينات «انقضاضا» فلماذا قبلت بلعبة الديمقراطية والانتخابات التي جاءت جاهزة وفي جو حريري؟ إذ إن كرسي الرئاسة هذا جاء بتضحيات وطنية كبرى على مر عقود، في حين كان بعض من مثقفي البحرين ضد المطالبة بالبرلمان وأسموه «برطمان» استهزاء به وإذا بهم هم أول المرشحين واللاعبين فيه!! فهل أحد يقبل بما كان يفعله هندرسون؟ وهل هذا يبرر قانون أمن الدولة وسياسة تكميم الأفواه السابقة؟ وهل من المنطق اختزال تاريخ بكامله لـ 100 عام في أسطر إنشائية لتاريخ شعب بكامله كان قادته الباكر والجمري والشملان؟ ثم لماذا هذا التفسير التآمري لحوادث البحرين؟ ألا تعتقد سعادة الرئيس أن لفظة «انقضاض» لفظة غير مناسبة وغير دقيقة ولا تناسب أن تنسب إلى نائب فضلا عن رئيس؟ فهل من الموضوعية وصف تاريخ نضالي بكامله للقوى الوطنية بأطيافها بأنه «انقضاض»؟ سؤال أخير: هل للرئيس أن يجيبنا عن المحسوبية في تعيين الوظائف في البرلمان وبالأسماء بدلا من هذا الكلام؟
إقرأ أيضا لـ "سيد ضياء الموسوي"العدد 264 - الثلثاء 27 مايو 2003م الموافق 25 ربيع الاول 1424هـ