استقالة جمال الهزيم الرئيس التنفيذي لمجلس التنمية الاقتصادية تعني في أبسط صورها هزيمة لهذا المجلس الذي ولد بأهداف تنموية وتخطيطية قوية، وقضى معظم سنوات عمره القصيرة مجلسا ترويجا منافسا لمجلس تسويق وترويج البحرين الذي سبقه، وانتهى به المطاف مشلولا لا يجتمع، وإذا اجتمع لا يتخذ قرارات، وإذا اتخذ قرارا حبس في درج من أدراج مجلس الوزراء.
لقد كانت البحرين ومازالت بحاجة الى مجلس تخطيط، والى مجلس تنمية اقتصادية، وعندما صدر المرسوم بقانون بإنشاء هذا المجلس تنفس الجميع الصعداء، وفرحوا لأن الحلم تحقق والبحرين ستنتقل من مرحلة الفوضى والإدارة الفردية والمزاجية، وتداخل المصالح الخاصة والعامة، الى مرحلة جديدة تقوم على التخطيط الاقتصادي والاجتماعي، وعلى وضع استراتيجية تنمية واضحة قصيرة ومتوسطة وطويلة المدى، أي الانتقال الى وضع مؤسساتي تصان فيه حقوق الجميع من دون تمييز ولا استغلال ولا محسوبية.
لكن مجلس التنمية الاقتصادية، الذي بدأ مرحلته الأولى باسم المجلس الأعلى للتنمية الاقتصادية سرعان ما ألغيت كلمة الأعلى منه، وتغيرت رئاسة مجلس الإدارة، وتخلى أول رئيس تنفيذي عن مسئولياته، وأعلن ضم مجلس الترويج والتسويق الذي كان يتبع وزارة التجارة إليه، ومن يومها تبخرت أهدافه الكبرى، وتبخر دوره التنموي والتخطيطي، وعاد يكرر أخطاء وإخفاقات مجلس الترويج السالف الذكر، بما فيها فتح المكاتب الترويجية في الخارج، وإيلاء الاهتمام وتقديم الدعم لانعاش الاشغال الفندقي في أبرد شهرين في البحرين ألا وهما يوليو وأغسطس، وبعد ذلك توسع في سعيه من أجل الحصول على دور فاعل في التنمية الاقتصادية، إذ اهتدى الى مهرجان صيف البحرين الذي أضاع عليه حوالي ستة ملايين دينار، ولم يحصد سوى النقد والاتهامات والفشل، أما التنمية الاقتصادية فقد أعلنت براءتها من ذلك الصيف الشاوي...
ويبدو أن جمال الهزيم كان طوال هذه التطورات يعاني من أداء مجلس التنمية الاقتصادية، ومن انحراف هذا المجلس عن أهدافه الحقيقية، والتي كان يتطلع اليها هو ومعه شعب البحرين، وقد عبر عن هذه المعاناة بصورة غير مباشرة في الورقة التي قدمها الى «مؤتمر الاقتصاد في ضوء الأحداث» الذي نظمته جمعية سيدات الأعمال حديثا، وكانت تلك الورقة بعنوان «البحرين: التغيير السياسي كمحفز للتنمية الاقتصادية» وفيها دعا جمال الى ضرورة مواكبة الإصلاح الاقتصادي للإصلاح السياسي، والى ضمان آلية فعّالة وسريعة لإقرار المشروعات ، وإلى ان يقوم مجلس الوزراء بالموافقة على الاستثمارات وغيرها من النقاط التي وضعها على حروف الاستقالة
العدد 262 - الأحد 25 مايو 2003م الموافق 23 ربيع الاول 1424هـ