عندما قرأت المقابلة التي أجريت مع رئيس مجلس النواب خليفة الظهراني رثيت لحال المقابلة. فقد وضع الرئيس نفسه في موقع لا يحسد عليه، وورط بهذه التصريحات السلطة التنفيذية والبرلمان وكل الوزارات وورط نفسه ايضا إذ أراد أن يمدح فذم. أقدر أن موقف الرئيس في ورطة وفضيحة البرلمان البحريني والاحراج الذي سببه النائب عبدالنبي سلمان في كشف اسماء الوزارات والهيئات والشركات التي تفشت فيها ظاهرة المحسوبية والتمييز بما في ذلك الاحراج الذي سببته لرئيس البرلمان التعيينات التي تمت بطريقة انتقائية وتحت طاولة مجلس الشورى والنواب من دون نشر في الصحف، ما عرض المؤسستين لحرج وضعف في الصدقية وخصوصا مجلس النواب الذي يفترض به أن يحارب المحسوبيات إذا هو يقع فيها، وهذه سابقة خطيرة تأتي على قاعدة «اذا كان رب البيت»، فاذا كان دور البرلمان ان يستجوب السلطة التنفيذية اذا سقطت في محسوبية فمن يستجوب البرلمان ان هو وقع فيها؟ فهل للبرلمان ان يستجوب ذاته؟ هذه اشكالية كبرى أثارت حتى بعض مثقفي جيراننا من الدول الاخرى، ففي اتصال لنائب خليجي قال لي - وبالحرف الواحد - عندما قرأ مقابلة رئيس البرلمان: «معقولة... هذا منطق رئيس برلمان؟... كل المقابلة تبريرات للسلطة التنفيذية» في كل المقابلة لا يوجد نقد واحد... النقد كله موجه إلى الناس، والغريب انه يبرر كل شيء باسم «عدم الثقة» وراح يبرر التجنيس، وعدم قبوله بتخفيض الموازنة العسكرية، وبرر كل ما يجري من اقصاء في الوزارات الحساسة، والخطورة في الامر انه سحب هذا التمييز حتى على الوزارات الاخرى، وذلك عندما قال: «وهذا ليس في الداخلية والدفاع فقط وانما حتى في الاعمال الخاصة، وفي الشركات، بعض المراكز لا يتم فيها وضع اي أحد...» وقال النائب واعدا بكتابة مقال للرد في الصحافة البحرينية: «... التجنيس العشوائي غير مبرر... انظروا إلى الكويت عندما غزاها صدام حسين لم يقف معها من جنسوا سياسيا وموسميا بل وقف الغيارى من الشعب سنة وشيعة» ثم تساءل: «معقولة... محسوبية في البرلمان... هذا شيء خطير»... انا فهمت من اجابات الرئيس ان كل الذي تقوم به السلطة صح، والدليل انه لم ينتقدها في طول المقابلة وعرضها... بل وضع المبررات وبكلمات انشائية تسطيحية من قبيل (مثلما تدين تدان) او (الخير يجلب الخير) و(الشر يجلب الشر)، وهنا عندي اسئلة اقدمها - ونحن في عصر الشفافية - إلى رئيس البرلمان ارجو ان يتسع صدره لذلك:
1- سعادة الرئيس، العالم الآن لا يحترم إلا لغة الارقام ووضع الاسماء على مسمياتها فهل بإمكان الرئيس ان يكشف عن التعيينات والوظائف التي تمت في المجلسين بالاسماء والارقام وكذلك بالمستوى الاكاديمي للذين وظفوا؟ بدلا من كلام انشائي خطابي مثل «مثلما تدين تدان» و«الخير يجلب الخير والشر يجلب الشر»؟
- هل يعلم الرئيس انه بمقابلته اعترف ضمنيا بالقضية التي عمل الوزير محمد المطوع ما في وسعه لنفيها ألا وهي قضية «التمييز» وذلك بالمبررات التي ساقها؟
- لا نريد الدخول في تفاصيل المقابلة الصحافية ولكن كل ما نريده اعطاءنا كشفا كاملا بالتعينات الوزارية والوظائف العامة للوزارات والشركات والمؤسسات بما فيها مجلس الامة ومن ثم عرضه على الصحافة والناس. فالرئيس الظهراني كان جريئا في الطرح فنريده ان يكمل الجرأة باعطائنا كشفا لما اردناه، وسنرى هنا حجم المأساة والفاجعة في قضايا التوظيف والمحسوبيات والتمييز. فهل يعدنا بذلك عبر رد في الصحافة؟ ارجو من الرئيس ان يقبل العرض ويقول: نعم سأعرضها.
- الرئيس برر أخطاء الوزارات «بانعدام الثقة» التي كررها في كل مكان إذ اصبحت الشماعة التي جعلت - لو سلمنا بصحتها - مبررا للاقصاء عن الوزارات الحساسة فهل هو مبرر للاقصاء من كل الوزارات والتي عددها النائب عبدالنبي والتي انسحبت لتصل إلى صندوق التقاعد ووزارة التربية وحتى محمية العرين؟ هل هذا منطق؟ بل ووصلت إلى مؤسسة الشباب والرياضة! ثم لماذا يسحب كل ذلك على امة بكاملها فهل اخطاء الطالبان الآن - وبهذا المنطق - بامكانها ان تجر على من يتبعهم؟ هذا منطق منقوص وغريب وغير مبرر!!
- هل «عدم الثقة» تبرر لبعض الوزراء اختطاف البحر او بيعه قبل دفانه؟
- هل «عدم الثقة» تبرر اهمال قلعة البحرين وبيع مواقعها لتجار ومن ثم شراءها منهم؟ ونقول للرئيس فليعلم أنه لولا النضال الشعبي للديموقراطية لم يستطع أن يصبح رئيسا لمجلس النواب.
- كلام الرئيس غير منطقي وخطير ايضا لانه يبرر كل شيء بـ «عدم الثقة» بما في ذلك مرض سارس والسرقة والتلاعب بالمال العام؟! ما دخل «عدم الثقة» بالتلاعب بـ قرض بـ 17 مليون دينار لشخص واحد من دون ضمانات من البنك البحريني السعودي؟ او سرقة اموال الناس من قبل العقيد العائد؟ فهل هذا الامر يدخل تحت قاعدة «كما تدين تدان» و«الخير يجلب الخير» إلى آخرها من العبارات؟ بهذا المنطق علينا ان نلقي انفسنا في البحر او نهاجر لان هذا المبرر خطير وقابل لأن يجر على كل خطأ او سياسة تمارسها السلطة، وبعد ذلك لا نقول إلا عاشت الديمقراطية!
إقرأ أيضا لـ "سيد ضياء الموسوي"العدد 262 - الأحد 25 مايو 2003م الموافق 23 ربيع الاول 1424هـ