قرأت بشيء من الاستغراب طلب مجموعة من أعضاء مجلس الشورى إنشاء دائرة قانونية بالمجلس، مكونة من ثلاثة مستشارين قانونيين على الأقل، وعدم الاكتفاء بمستشار قانوني واحد كما هو عليه الحال في الوقت الحاضر...
ووجه الغرابة هنا أن هؤلاء الأعضاء يريدون خلق بطالة مقنعة بين المستشارين القانونيين بمجلسهم، وكذلك مجلس النواب، كما هو الحال بأعداد الموظفين، والذين يطالبون بزيادتهم وزيادة رواتبهم أكثر من موظفي الحكومة، متناسين أن الحل الصحيح يكمن في تفعيل المحكمة الدستورية التي اكتفت الحكومة بتعيين رئيسها واختيار مبناها التراثي الشاسع، وتجاهلت تعيين أعضاء المحكمة، ومن ثم تفعيلها بأخذ رأيها في دستورية القوانين والقرارات، بل وردود الوزراء على الأسئلة الموجهة إليهم، وإن هذا التجاهل استمر وسط صمت من أعضاء المجلس الوطني، على رغم قرب انتهاء دور الانعقاد الأول.
والأكثر غرابة من ذلك أن هؤلاء الأعضاء يريدون إنشاء دائرة قانونية وتبديد مبالغ أخرى من المال العام، وهم يعلمون أن صلاحيات مجلسهم وزميله مجلس النواب لا تعطيهم حق تشريع القوانين، وبالتالي فإنهم لا يحتاجون إلى مستشارين قانونيين لوضع مشروعات القوانين، وكل ما منحهم دستور 2002 الذي دخلوا المجلس بفضله هو حق اقتراح القوانين كما تقول المادة (92) منه: «... ولأي من أعضاء المجلسين حق اقتراح القوانين ويحال كل اقتراح إلى اللجنة المختصة في المجلس الذي قدم فيه الاقتراح لإبداء الرأي، فإذا رأى المجلس قبول الاقتراح أحاله إلى الحكومة لوضعه في صيغة مشروع قانون وتقديمه إلى مجلس النواب في الدورة نفسها أو في الدورة التي تليها».
و«كل اقتراح بقانون تم تقديمه وفق الفقرة السابقة ورفضه المجلس الذي قدم إليه لا يجوز تقديمه ثانية في دور الانعقاد ذاته».
فإذا أضفتم إلى ذلك ما جاء في الفقرة الثانية من المادة (81) من الدستور ذاته والتي تقول: «على أن تعطى الأولوية في المناقشة دائما لمشروعات القوانين والاقتراحات المقدمة من الحكومة»، فعليكم أن تدركوا أنكم سلطة تشريعية مسلوبة حق التشريع، وأن الحكومة هي التي تضع التشريعات والقوانين من خلال دائرتها القانونية، وان مهمتكم تنحصر فقط في مناقشة مشروعات القوانين التي تضعها الحكومة وفي الوقت الذي تحدده هي، وان تكون الاولوية دائما لمناقشة مشروعات قوانينها، وما دام الأمر كذلك، فلماذا تطالبون بدائرة قانونية إذن؟
العدد 260 - الجمعة 23 مايو 2003م الموافق 21 ربيع الاول 1424هـ