أثارت الصحف الأميركية مسألة استمرار عمليات النهب والسرقة وحالة الفوضى في مناطق مختلفة من العراق والتي بررت قوات الاحتلال الأميركية عجزها في إعادة الأمن والاستقرار إلى بغداد بـ «المفاجآت» موضحة انها واجهت الكثير من العوائق غير المتوقعة، من بينها إشكالية هوية الأشخاص الذين يجب اعتقالهم. كما تناولت الصحف الأميركية إشكالية تخفيض عديد القوات الأميركية كما يريد وزير الدفاع دونالد رامسفيلد، وأثارت أيضا مسألة الوفاء بما وعدت به قبل الحرب أي مسألة «إرساء الديمقراطية» التي سألت ذي نيو ريبابليك أونلاين، من على موقعها على الإنترنت، إذا كانت أميركا، لا تريد البقاء في العراق، إلى أن يتم تشكيل حكومة ليبرالية تساعد الشعب العراقي المقهور، فلم خاضت هذه الحرب من الأساس؟ وإذ ذكرت «واشنطن بوست»، بما ردده مسئولون رفيعو المستوى في الإدارة الأميركية، قبل بدء الحرب ضد العراق، بأنهم ينوون تحقيق السلام وإراحة الشعب العراقي وتحسين وضعه، لاحظت انه بعد مرور 5 أسابيع على انتهاء هذه الحرب ما زالت إدارة بوش، غير قادرة على تحقيق ما كانت تريده. فقد فشلت في فرض النظام والقانون في الشوارع وكل ما حققته هو إعادة الكهرباء والماء، وبعض الاحتياجات الضرورية. وختمت بالقول ان الخطة التي تقضي بجعل عراق ما بعد الحرب آمنا قد تصدعت.
ورأى بول كروغمان في «نيويورك تايمز» ان الحرب عى العراق، لم تساعد الولايات المتحدة، في الحفاظ على أمنها فقد قدمت «للإرهابيين» خدمة كبيرة. ولاحظ كروغمان، ان عدم الاهتمام بالأمن الداخلي، ينعكس في فشل إدارة بوش، في إكمال ما تشرع القيام به ولا تتمكن من إنجازه بشكل كامل. موضحا ان القضاء على نظام طالبان، كان من أبرز الانتصارات الأميركية على «الإرهاب» لكن ما ان سقطت كابول، حتى فقدت إدارة بوش، اهتماماتها بأفغانستان، التي باتت تحت سيطرة أمراء الحرب، حتى ان نظام طالبان، يكاد يبرز من جديد. وقال كروغمان، ان القضاء على الرئيس العراقي صدام حسين، لا يزيد من أمن أميركا. فهو لم يكن يشكل في الأساس تهديدا لواشنطن، ولم يكن على صلة وثيقة «بالإرهاب». لافتا إلى انه ما أن انتهى الاقتتال حتى عصفت بالعراق، موجة من النهب والسرقة التي طالت أماكن عدة فشل الأميركيون، في الحفاظ عليها.
والآن، ثمة مخاوف كثيرة، من أن يتحول العراق، إلى صيغة أسوأ من أفغانستان. وختم الكاتب الأميركي بالقول، ان سعي الرئيس بوش، وراء المجد قد أدى إلى عدم اهتمام إدارة بوش، بتنظيم «القاعدة» فاهتمت هذه الإدارة بمحاربة نظام لا يمثل تهديدا لها فباتت في وضع قلق وأقل أمانا.
ولاحظت «واشنطن بوست»، في افتتاحيتها، انه حتى الآن لم يتم العثور على أماكن أسلحة الدمار الشامل في العراق. وإذ اعتبرت ان هذا الأمر قد أثار شكوكا عديدة في ما يتعلق بالاستخبارت الأميركية، رأت ان ثمة أمرا يستدعي الانتباه. فثمة حقائق، يتم اكتشافها في العراق، وهي تقلب البلد رأسا على عقب. وأوضحت الصحيفة الأميركية، ان المقابر الجماعية، التي يتم العثور عليها بكثرة تثير الانزعاج. فبين الموتى جثث لأطفال ونساء حوامل، وأشخاص معصوبي العينين ثقبت رؤوسهم بشكل مريع.
ولفتت الصحيفة الأميركية، إلى ان ما يتم اكتشافه قد أدى إلى انزعاج مجموعات حقوق الإنسان، لأن القادة الأميركيين يفشلون في حماية الأماكن التي توجد فيها الجثث. ورأت انه لابد من تحسين الأوضاع. فإذا تمكن المواطنون من الحصول على جثث أقاربهم، لن يتمكن أحد من وضع سجل على مرتكبات الرئيس العراقي صدام حسين، الإجرامية. واعتبرت انه مع إيجاد كل مقبرة جماعية، يتم تقبل ما قامت به الولايات المتحدة، للتخلص من دكتاتورية صدام. لكنها اعتبرت انه على رغم كل ما يحصل لابد من الإجابة على كل ما يطرح بشأن الأسلحة غير التقليدية. ورأت انه ما زال من الممكن أن يتم العثور على الأسلحة غير الشرعية. وقالت انه على الإدارة الأميركية أن تهتم بالأولويات وأن تتخلى عن رفضها غير العقلاني السماح للمفتشين الدوليين بالتأكد من صحة ما قد يجده الأميركيون. واختتمت بالقول ان الاهتمام بمسألة الأسلحة، ضرورية لحماية صدقية الولايات المتحدة. وسيتوجب على إدارة بوش، تقديم التفسيرات إذا لم يكن لأسلحة الدمار الشامل وجود.
ولاحظ لورانس كابلن في موقع نيو ريبابلك أونلاين، ان كل الزمرة العسكرية الأميركية كما أسماها ووزير الدفاع دونالد رامسفيلد، ومستشاروه المدنيون في البنتاغون كلهم متفقون على السياسة الأميركية تجاه العراق. وشرح انهم يدعمون الخطة التي تطالب بخفض عدد الجنود الأميركيين في العراق بشكلٍ سريع. وتابع ان الجيش الأميركي الموجود في العراق، يضم 130 ألف جندي تخطط الولايات المتحدة، تخفيض عددهم إلى 30 ألفا مع حلول الخريف المقبل. غير انه اعتبر ان عدد الجنود غير مهم، فالأهم هو كيفية استخدام هؤلاء الجنود لافتا إلى ان القادة العسكريين الأميركيين أبدوا استعدادا ضئيلا لأن يكون الجيش الأميركي بمثابة قوة شرطة في العراق. وأضاف كابلن، انه في الوقت الذي يؤيد البنتاغون انسحابا أميركيا سريعا من العراق، يؤكد زعيم المؤتمر الوطني العراقي أحمد الجلبي، ان العراق، قادرٌ على إعادة إعمار نفسه بنفسه وبوقتٍ قصير.
وأكد كابلن، ان الأميركيين إن أطالوا البقاء في العراق، سيحولون نظر العراقيين إلى التركيز على رفض هذا الوجود وسيؤدي ذلك إلى التأثير بشكلٍ سلبي على الديمقراطية التي أتى الأميركيون لإحلالها في العراق. وتابع كابلن بالقول ان الوضع في وزارة الخارجية مختلفٌ تماما فالمسئولون فيها أبعد من أن يوافقوا على تقليص عدد الأميركيين في العراق لأنهم لم يكفوا يوما عن التصريح بوجوب نشر قوة أميركية كبيرة في العراق. إلا ان كابلن لاحظ أن كولن باول، لن يرفض تقليل عدد الجنود في العراق، وهو متحمسٌ لفكرة القوة المتعددة الأطراف التي من شأنها أن تضفي على الوجود الأميركي في العراق، شرعية هو بحاجةٍ إليها وهو إلى ذلك يدعم فكرة تقليل الاهتمام الأميركي بالعراق.
بيد انه اختتم بالقول ان البيت الأبيض مؤمن بأن الوجود الأميركي في العراق، يعزز الديمقراطية فيه، لذلك اتخذت قرارا من شأنه أن يصلح خطأ دونالد رامسفيلد، في ما يتعلق بالوجود العسكري الأميركي في العراق، ألا وهو تعيين بول بريمر، بدلا من الجنرال غارنر، لمهمة إحلال الأمن في العراق، وحتى إبعاد صفة البعثية عنه.
وإذ أعربت ذي نيو ريبابليك أونلاين، من على موقعها على الإنترنت، عن تأييدها المستمر للحرب التي شنت على العراق، إلى جانب اقتناعها بضرورة القضاء على النظام العراقي وضرورة قيام ديمقراطية في العراق، رأت ان مهمة الأميركيين في العراق، لم تنتهِ بانتهاء العمليات العسكرية. وقالت ان 3 أسباب كانت وراء شن الحرب، وهي أسلحة الدمار الشامل و«الإرهاب» والديمقراطية. فلاحظت انه لم يتم العثور حتى الآن على أسلحة غير تقليدية. كما ان صلة النظام العراقي بـ «الإرهاب» كانت وما زالت ضعيفة للغاية. أما بالنسبة الى الديمقراطية، فهذا أمر يتطلب جهدا أميركيا كبيرا يتعدى إحلال النظام في الشوارع العراقية فقط. ورأت ان أمام الولايات المتحدة، الكثير لتقوم به. ويجب ألاّ تبدأ أمرا وتتوقف عن تنفيذه بمجرد إحساسها بالملل. مشددة على انه لا يمكن توجيه ضربة لمكان ما وفقدان الاهتمام بتحسين وضعه. وأوضحت انها لا تعني ان على أميركا، أن تحكم العراق، وإنما أن تسيطر عليه إلى أن يتمكن من حكم نفسه، وهذا أمر يتطلب وقتا أكثر من 6 أشهر. واختتمت بالتساؤل إذا كانت أميركا، لا تريد البقاء في العراق، إلى أن يتم تشكيل حكومة ليبرالية تساعد الشعب العراقي المقهور، فلم خاضت هذه الحرب من الأساس؟
ونقل حسن فتّاح في ذي نيو ريبابليك أونلاين، عن خبراء أمنيين عراقيين في العاصمة العراقية، ان من ينفذون عمليات النهب والسرقة، لم يعودوا مجرد أفراد يحملون أسلحة، وإنما بات منفذو هذه العمليات، أشخاصا ينتمون إلى جماعات وعصابات منظمة تقوم بتخزين الأسلحة كما لو انها تحضّر لحرب أهلية محتملة للسيطرة على العراق. ونقل عن مصادر عراقية مطلعة، انه قد بات لحزب الله، (يقصد حزب الله في لبنان) فرع في بغداد. ورأى فتّاح، انه إذا لم يتم ملء فراغ السلطة في العراق، في أقرب وقت ممكن، فقد تصبح بغداد، بعد ظهور المجموعات المسلحة المنظمة، صورة طبق الأصل عن بيروت في الثمانينات
العدد 260 - الجمعة 23 مايو 2003م الموافق 21 ربيع الاول 1424هـ