العدد 258 - الأربعاء 21 مايو 2003م الموافق 19 ربيع الاول 1424هـ

ما الهدف من وراء هذا الهجوم الأهوج؟

محمد خليل الحوري comments [at] alwasatnews.com

العقيدة الدينية يختارها الإنسان بمحض إرادته، من دون ضغوط خارجية من أحد، لأن الإنسان يولد على الفطرة، ولكن والديه يؤسلمانه أو يمجسانه أو يهودانه، بفعل التربية والتأثير بالبيئة المحيطة به، والممارسات اليومية للوالدين والمحيطين به، فالإنسان عندما يبلغ الرشد، تكون له حرية الاختيار في اعتناق الدين أو المذهب أو حتى أية فكرة أو عقيدة معينة يقتنع بها، ويؤمن بها، ولا يستطيع أحد أن يرغمه على أن يؤمن أو يعتنق بهذه الفكرة أو تلك خلاف إرادته وقناعته. فلو فرضنا جدلا بأن شخصا يدين بديانة أو عقيدة معينة، كعبادة الشمس أو عبادة النار، فما الذي يضيرنا أو ما الذي يضير الآخرين من ذلك؟ ولو انتقدناه أو تهجمنا عليه بشتى الطرق، فما الفائدة من جراء ذلك؟ قد نستطيع أن نقنعه بأن يتخلى عن مثل هذه الاعتقادات الوثنية، عندما ننجح في محاورته ومناقشته بصورة حضارية بعيدا عن الضغوط أو الإكراه أو الانتقاد اللاذع، والتهجم عليه وعلى ما يعتقد به، بشكل جارح وبقساوة مفرطة، ففي هذه الحالة سيتمسك أكثر بمعتقداته، ويصر بشدة على التمسك بهذه المعتقدات حتى ولو لم يكن مقتنعا بها، أو ربما يعرف أنها خاطئة. فما بالك في من يعتنق الدين الإسلامي، وينتمي إلى أية طائفة من طوائف الإسلام المختلفة، ويأتي شخص آخر ينتمي إلى طائفة أخرى، ويتهجم عليه وعلى معتقداته بصورة استفزازية؟

ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد بل يتعرض للقذف والتجديف للطائفة ومعتقداتها، فقد يسبب هذا للشخص الآخر ردة فعل عكسية، قد تعكر مزاجه ويتصرف مع الشخص الذي يتهجم عليه، بتصرف غير لائق، وقد يؤدي إلى تدخل البعض من كلتا الطائفتين وتكون هناك فتنة طائفية، قد تتسبب في اقتتال ومعارك دامية تروح فيها الأرواح وتسفك فيها الدماء، بسبب تصرف أحمق، وسلوك أهوج من قبل شخص واحد لا يعرف أن يزن الأمور، ويتصرف بغير حكمة، ويعمل على تعكير صفو ووحدة هذه الأمة، التي أصبحت مستهدفة ومهددة من قوى الشر والظلام والطغيان، وهذا ما نهى عنه الإسلام، وكل الديانات السماوية.

وماذا سيستفيد هذا الشخص الذي سعى جاهدا إلى بذر بذور الفتنة والتفرقة، من دون أن يعي ما ستؤول إليه الأمور من جراء تهجمه وتهكمه هذا، وهو إثارة النعرات والعداوات الطائفية، وخلق الفتنة والبلبلة والتي تكون نتائجها وخيمة وغير محمودة العواقب، وتكون وبالا على الأفراد وعلى المجتمع. وما الفائدة المتوخاة من التهجم والتعرض لهذه الفئة أو تلك الفئة، إلا إذا كان هذا الشخص مأجورا من جهات أجنبية تدفع له بسخاء على ما يقوم به، لزعزعة الأمن والاستقرار في البلاد، لأهداف وغايات شيطانية، يرفضها كل عاقل، وكل من يملك ذرة من الإحساس والشعور، وذرة حب لهذا الوطن الشامخ على ذرى المجد، ولا يمكن لهؤلاء الحاقدين أن يعبثوا بأمنه وسلامته، ولن يستطيعوا المس بوحدته الوطنية الصامدة، بفضل أبنائه المسلحين بالإيمان والوعي الوطني.

ولهذا إننا لعلى ثقة بأن هؤلاء العابثين سيفشلون، وسيرد الله كيدهم في نحورهم، وستبقى رايات الوحدة الوطنية شامخة خفاقة على رغم كل ما يخططون ويحيكون له في الظلام من مؤامرات وفتن ولا شك في أن أبناء هذا الوطن الواحد يدركون تماما ما يهدف إليه هؤلاء المفلسون، مثيرو الفتنة، والنعرات الطائفية، ولن تنطلي عليهم تلك الأحابيل والأضاليل الباطلة. قال تعالى في محكم كتابه العزيز: «واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا» (آل عمران: 103)

العدد 258 - الأربعاء 21 مايو 2003م الموافق 19 ربيع الاول 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً