حقيقة... الناس صدمت بسبب إحباط التحقيق في قضية التجنيس، وبسبب مَن؟ النواب في البرلمان... أمر عجيب وغريب!... فعلى رغم معرفة وقناعة الجميع بخطورة هذا الملف وكيف أنه سيؤثر على مستقبل أبنائنا بل وحتى على استحقاقاتنا الوطنية، وعلى رغم معرفة حتى النواب بأهمية هذا الملف بالنسبة إلى القواعد الشعبية التي انتخبتهم، فإنهم أثاروا إحباط عقد لجنة تحقيق في عمليات التجنيس، وعلى رغم علم الجميع بأن التجنيس لا مدافع عنه ولا ناصر له شعبيا ومن كل الأطياف إلا المتمصلحون منه من مسئول هنا أو متنفذ هناك، فإن البرلمان ونتيجة للتوازن المخيب للآمال سقط هذا الملف دون أن يكون معه إلا 4 أو 5 مناصرين.
لقد قمت بكتابة مقالات عن التجنيس قبل أشهر ووجدت لذلك صدى إيجابيا لدى أوساط متنوعة لدى الشعب، بل وجدت أن أكثر الاتصالات التي وصلت إليّ مستاءة من التجنيس هي من الرفاعين الغربي والشرقي ومدينة حمد والمحرق وغيرها من المناطق وذلك بسبب اختلاطهم المستمر بالمجنسين عشوائيا، فوجدوا وتلمسوا خطورة المشكلة وراحوا يبعثون ارتياحهم لمعالجة هذا الموضوع في الصحافة، حتى قال أحدهم في رسالة له: «إنني سأنتخب المرشح الفلاني كونه وعد برفع شعار ينتقد فيه التجنيس». ولذلك حتى الذين فازوا في الانتخابات النيابية كان البعض منهم رفع شعارات انتخابية تنتقد التجنيس. طبعا، كل ذلك تحول إلى بالونات فارغة عند أول دخول لمثل هؤلاء باب البرلمان، ما خيّب آمال الناخبين.
وللأسف الشديد، فإن أكثر من راحوا ينظرون إلى التجنيس نظروا بطريقة تسطيحية غير مبالين بأنهم جاءوا إلى البرلمان عبر قواعد شعبية وهي أكثر الناس تضررا من هذا الملف الخطير، لكنها لعبة السياسة فالشعارات الانتخابية شيء وما يجري في البرلمان شيء آخر.
كنت أتمنى على السلطة التنفيذية أن تقوم باستفتاء لمسألة التجنيس الذي أكل البقية الباقية من مكتسباتنا الوطنية؛ لنعرف حجم قبول أو رفض الشارع لهذه السياسة، وإن كنت على يقين بأن الإرادة الشعبية ابتداء من المحرق مرورا بسترة وانتهاء بالرفاعين ومدينة حمد ـ بل كل المناطق ـ لن تقبل بما يحدث على الأرض من تجنيس.
عجبي من بعض هؤلاء النواب، فهل «شم الغراء» أو «السياقة بالبرقع» أو وضع لفظة «سعادة» قبل اسم النائب وغيرها من الأمور أهم من مسألة خطيرة باتت تؤرقنا وتؤرق مستقبل أبنائنا سياسيا واقتصاديا واجتماعيا؟! وعجبي من القواعد الشعبية، لماذا لا تضغط على نوابها ولو هاتفيا بفتح هذا الملف ونقاشه؟ فالغرب يجنس العقول ونحن هنا نجنس الكروش والبطون!
أملنا كبير في النواب أن يراجعوا الملف بموضوعية وأن يفتح على مصراعيه بلا مجاملة أو خجل، وهناك حقيقة أشبه بالطرفة قالها لي أحد النواب: «إن النواب كلما طلبوا معلومات من إدارة الهجرة عن التجنيس تعذرت بحدوث عطب في جهاز الحاسب الآلي!»، فهذا العذر يشبه تماما عذر عدم توظيف فئة من المواطنين في وزارتي الدفاع والداخلية بسبب بعد مناطقهم! تهانينا
إقرأ أيضا لـ "سيد ضياء الموسوي"العدد 258 - الأربعاء 21 مايو 2003م الموافق 19 ربيع الاول 1424هـ