هكذا تعيد أميركا أكل فراخها... بالأمس أقامت حكومة أميركا المسيحية، التي تعتبر بجدارة ظل اليهودية الصهيونية، الدنيا ولم تقعدها بشأن مسلسل «فارس بلا جواد»، دفاعا عن سيدة البيت الأبيض حكومة أميركا العليا (إسرائيل اليهودية الصهيونية العنصرية)، لأن مؤلف النص الهزيل استند في بعض مقاطعه إلى «بروتوكولات حكماء صهيون» إذ استشاطت حكومة أميركا المسيحية غضبا وخرجت عن إطار الحكمة والعقل والرزانة، وبصورة متشنجة على طريقة الكاوبويز في فرقعة السياط، وبمزاجية المخمور، رافضة ارتباط البروتوكولات بحكومة أميركا العليا «إسرائيل» الصهيونية، المدعية زورا وبهتانا بأنها ممثلة يهود العالم وملجئهم، ولكن للإبادة الجماعية، ذلك «ان قيام إسرائيل إنما يكمل رسالة هتلر في إبادة اليهود» كما قال المؤرخ البريطاني اليهودي «سيسيل روث».
وفي محاولة تعلق الغريق بالقشة لجأت أميركا إلى ربط البروتوكولات بالشرطة الروسية السرية، من دون أن تسوق أي دليل يسند هذا الربط ويقيم العلاقة ويؤكدها، وفي ظل تبنيها الأهوج والأعمى للجانب الإسرائيلي لم تنتبه الحكومة الأميركية المخترقة من قبل اليهودية الصهيونية إلى الكثير من الثغرات التي شابت اتهامها، وما احتوى عليه هذا الاتهام من سقطات يكفي أقلها لهز صدقية أميركا، بقدر أكثر اهتزازا مما هي عليه أمام المجتمع الدولي والعالمي، إذا استثنينا بعض حكام متناثرين على رقعة الكرة الأرضية وعلى رأسهم حكام عرب (آسف أعني كرب)، وهكذا يتأكد أن أميركا دولة تتخبط في اتخاذ قراراتها بعد أن سقطت في أوصال مخططات اليهودية الصهيونية!
لقد قلنا فيما سبق من مقالات نشرناها في صحفنا المحلية، وسنستمر نقول في وقتنا الذي نعيشه ونحن على ثقة بما نقول، وسنقول مستقبلا وبالثقة نفسها التي لا تهتز والإيمان الذي لا يتزعزع، في إطار أي تحليل علمي مبني على المنطق والعقل وفي إطار الأخذ والعطاء المتوازن، إنه لا يمكن للشرطة الروسية أن تستبق الحوادث وتتنبأ قبل ما يزيد على القرن، وبدقة متناهية، ونحن اليوم نعيش العام 2003، مع الحوادث التي يشهدها العالم المتفقة مع نصوص البروتوكولات الصهيونية ومخططاتها المرعبة ما لم يكن هناك من يتابع تنفيذها ويوليها كل العناية المطلوبة، وبالتأكيد لا يمكن أن تكون تلك الجهة الشرطة الروسية لأنه وبكل بساطة لا وجود لها... وهنا يحق لنا أن نتساءل: من الذي يحمل همّ تنفيذها ويسهر عليها؟!
إنه، في تقديرات أميركا أكيد هو (ابن لادن، أو حزب الله اللبناني، أو الأبالسة المزعجين الفلسطينيين، وإذا لم يكن أحد من هولاء، فلابد أنه رئيس الآلهة «العجوز المتقاعد» في ميثالوجيا شعوب ما بين النهرين «إلياهو، أو يهوه»...).
وهكذا يتضح وضوحا مطلقا أنه يستحيل في ظل تلك المعطيات فصل البروتوكولات عن أصولها ومنابعها اليهودية الصهيونية، وبالتالي تصبح محاولات أميركا في فصل البروتوكولات عن اليهودية الصهيونية وربطها بالشرطة الروسية مجرد لغو وزبد. ومع أي استعراض يقوم على التحليل العلمي والمنطقي لما سبق يعطي القناعة التامة والانطباع الراسخ بأن ما يجري من حوادث مزعجة في العالم تتفق نصا وروحا مع بروتوكولات حكماء صهيون! وفي ظل هذا التقرير فإن أميركا تصبح في عهدها البوشي، مجرد دولة منسحقة ومتهالكة، في ظاهرة من ذلة انبطاح المستعبد المغلوب على أمره، من أمثال أجداد كوندليزا وكولن باول الذين قضى اليهود منهم الوطر في الاتجار بهم، ليبدأوا الاتجار اليوم بحلفائهم بطريقة أخرى!
إن أميركا تدرك أكثر من غيرها ارتباط البروتوكولات باليهودية الصهيونية، خصوصا وقد تناولها الكثير من الرجال الطلائع الأميركان الشرفاء في أحاديثهم وأدبياتهم، وحذروا مما تحتويه من مخططات خطيرة لا على أميركا ولكن على العالم، ونبهوا إلى ما هو أخطر منه وهو تغلغل الرأسمال اليهودي، من أمثال بنجامين فرانكلين، وأبراهام لنكولن، وهنري فورد وغيرهم ممن دخلوا في مواجهات طاحنة مع الرأسماليين اليهود، فيما نرى اليوم المتساقطين والانسحاقيين من رؤساء أميركا الذين انفصلوا عن تاريخ الأجداد بدءا بهاري ترومان الذي وصفته ابنته «مارغريت ترومان» بأنه أحط رئيس عرفته أميركا وانتهاء ببوش الولد الذي وصف بأنه رئيس غير شرعي جاء عن طريق المحاكم التي يسيطر عليها اليهود، وهذا أمر يحط من كرامة الناخب الأميركي وينفي الديمقراطية التي تتبجج بها أميركا، وإن رئيسا مثل بوش وبسياسته الهوجاء المفروضة عليه بعد حوادث الحادي عشر من سبتمبر/أيلول 2001 الانقلابية التي دبرها اليهود، قد جعلت من رئيس الولايات المتحدة ومن شعب الولايات المتحدة مجتمعا منبوذا ومكروها وهدفا للإرهاب، لا يشفع له تقدمه العلمي وتطوره التكنولوجي. إن كل ذلك التميز الإنحطاطي الذي يتميز به الصغار من الرؤساء والأميركان سواء يحدث ذلك برضاهم وقناعتهم أو بقسر وإكراه أوقعهم اليهود في إطار دائرته... فالملاحظ أن مصادرة أميركا المسيحية أموال الدول، والإقراض بأرباح مرهقة تؤدي إلى العجز والإفلاس، وقيام أميركا المسيحية بشن الحرب على أية دولة من دول العالم تحت كومة من الحجج الكاذبة التي لا وجود لها، من شأنها أن تسوّد وجه الحكومة الأميركية المسيحية والشعب الأميركي، وما العراق إلا النموذج الصارخ لهذا العبث الأميركي بتوجيه من الصهيونية!
وما قامت به حكومة أميركا المسيحية من حرب ضد العراق لإرهاب الدول المجاورة وحتى البعيدة لبث الرعب في نفوس قادتها وتركيعهم كما هو حاصل في دول عالمنا العربي إذ بدأوا يسارعون إلى تبديل جلودهم التي لا تفيدهم ولا تقربهم إلى شعوبهم ولا مقدار حبة من خردل بعد أن أذاقوها مختلف الويلات والهوان والاستعباد!
كل هذه الظواهر البادية للعيان على مستوى العالم، ليست إلا تطبيقا لنصوص تعاليم بروتوكولات حكماء صهيون، والهدف منها بث السيطرة اليهودية على العالم، تأكيدا لما جاء في البروتوكولات، «نحن شعب الله المختار وقد خلقنا لنحكم الأرض ومن عليها، والله وهبنا الحكمة والعبقرية لنطلع بهذا الأمر»!
على أن الذي يهمنا الوقوف عنده، بعد هذا الاستعراض الذي أتينا عليه وتناولناه بقدر من التوضيح، والذي يمكن من خلاله استخلاص تطلع اليهودية الصهيونية العالمية إلى حكم العالم، وأن هذا الاستخلاص الذي أهاج أميركا هو ذاته الذي ثبتته وأكدته مستشارة البيت الأبيض للأمن القومي «كوندليزا رايس»، في مقابلتها مع صحيفة «يديعوت أحرنوت» الإسرائيلية، ونقلتها عنها صحيفة «أخبار الخليج» في عددها الصادر في 3 مايو/ أيار الجاري، وقالت فيها ما يؤكد ما بالأمس رفضته وقاومته أميركا ونفت تطلع «إسرائيل» للهيمنة العالمية. قالت فيها بفصيح اللسان:
«إن الولايات المتحدة تعتبر أمن إسرائيل ليس فقط مفتاحا للأمن الإقليمي بل للأمن العالمي»!
وباستعراضنا هذا التصريح الخطير الذي يضع «إسرائيل» فوق العالم، وتفوح منه رائحة الاستعلاء، وتتأطر فيه أرقى وأخطر مفاهيم التعنصر التي تتكفل بحمايته أميركا بكل وضاعة، ودون أي احترام لنفسها كدولة ديمقراطية كما تدعي وتتبجج بديمقراطيتها... إنه باستعراضنا لهذا التصريح، ودراسته وتحليله واستخلاص معانيه وأهدافه الباطنة والظاهرة، يجد المرء أنه يمثل شهادة بدرجة امتياز، وإقرار واضح وضوحا مطلقا بتطلعات اليهودية العالمية الصهيونية العنصرية، على لسان «كوندليزا رايس» كقطب سلام مركزي يجب أن يلتف العالم حوله، بما في ذلك أميركا نفسها، هو أوضح معاني العنصرية!
وهكذا يتضح أن المطلوب من العالم أن يكيّف نفسه لاكتساب سلامته، وسلمه القومي، وأمنه الوطني، بما يتفق بعالمية أمن «إسرائيل» وسلامتها!
وعند هذا المنعطف في سيرورة الحوادث، واتضاح الكثير من أمور كانت محل خلاف وجدل غير مستقر عن العلاقة بين أميركا و«إسرائيل»، إذ اتضحت الأمور وتحددت الملامح بأنه ليست هناك خطوط فاصلة بين علاقات إسرائيلية يهودية صهيونية، وبين طرف أميركي مسيحي، بل هناك علاقات بين «إسرائيل»، وامتدادها اليهودي الرأسمالي المهيمن داخل أميركا، وتأسيسا على ذلك فإن المطلب الشعبي العربي للحكومات أن تكف هذه الحكومات عن الضحك على ذقون الشعوب، وتوقف الحوار مع أميركا التي لا تملك أي قرار خارج ما تقرره «إسرائيل»، والدلائل كثيرة على ذلك، ولا ضرر من أن نشير إلى بعضها.
ألم تعترف أميركا بتقسيم فلسطين إلى دولتين، وأقر حاييم وايزمن هذا التقسيم في مذكراته «التجربة والخطأ» وتعهد للعرب بأن «إسرائيل» لن تتعدى الحدود الجغرافية التي أعطتها لها الأمم المتحدة؟ فأين موقف أميركا من انتهاكات قرارا التقسيم؟ ألم تعترف أميركا بوضع القدس الشرقية عاصمة للدولة الفلسطينية، ومن ثم داست بأقدامها القذرة على هذا الاعتراف واستعاضته بالاعتراف بوحدة شطري القدس عاصمة لـ «إسرائيل»؟، ألم تقدم أميركا عشرات المشروعات لحل المشكلة الفلسطينية ثم تخلت عنها؟ ألا يكفي الحكومات العربية مثل هذه الدلائل بأن أميركا تخادعهم وأنها مجرد عميل لـ «إسرائيل»؟ وهناك الكثير من الأدلة والبراهين التي تثبت عبودية أميركا المسيحية لـ «إسرائيل» اليهودية الصهيونية التي لا يمكن استيفاؤها في مثل هذه المقالة.
وازاء كل ذلك فإنه من الناحية الأخلاقية نتقدم بأسمى آيات الشكر والامتنان والتقدير لـ «كوندليزا رايس» على ما أسدته من خدمة جليلة. إذ وضعت العالم كله بحكوماته وشعوبه في خندق واحد، ووضعت «إسرائيل» وأميركا في خندق ثان، وهذه هي العزلة العالمية لهما!
ومن هنا يحق لنا أن نبدل شعار «يا عمال العالم اتحدوا» إلى ما يحقق عالمية أوسع برفع شعار أرقى منه ونقول (يا أيها المظلومون في شتى أنحاء العالم شعوبا وحكومات اتحدوا)، ضد المحور النازي الجديد المكمل لما بدأه هتلر في إفناء اليهود وعلى انقاذهم، وما أظن إلا أن فرنسا وألمانيا وروسيا هم المؤهلون لقيادة شعار (يا مجتمعات العالم شعوبا وحكومات اتحدوا)، بشرط ألا تكرر فرنسا مؤامرة «سايكس بيكو» مع ألمانيا وروسيا، وان تعتذر عن تلك الخيانة الحقيرة في حق البشرية
إقرأ أيضا لـ "محمد جابر الصباح"العدد 258 - الأربعاء 21 مايو 2003م الموافق 19 ربيع الاول 1424هـ