نريد تسليط ضوء خافت على نشاط حركة استيطانية، تتم في الخفاء بين طرفين تحت تأثير ضغط جاذبية القاع التي عادة ما تكون تحت مسميات مختلفة، مرة باسم تبادل مصالح واخرى باسم استثمار عقار، يتم فيها العقد بنظام شريعة الغاب، أي حكم القوي على الضعيف، بين السمكة والبحار، ويحتم علينا الواجب احيانا ان نرتفع قليلا، ليس برؤوس الاصابع، لإلقاء النظرة الاخيرة، اكثر منه موقف التفرج، في الوقت الذي سطرت فيه اضعف وأرق المخلوقات، اجمل صور الصمود والمقاومة، في طرد الأجسام الغريبة، بأبسط الاسلحة التي سخرت للكائنات في البحر... إنها دموع المحار، لتخرج بعد المخاض، لؤلؤة تنير سماء القاع، من هنا يمكن القول إن تأثير البيئة المحيطة بالمشدات (الشعاب الصناعية) تعتمد على نوع المادة المستخدمة كالسيارات أو الاطارات والخرسانة وغيرها. فمن هنا تأتي اهمية المراسيم والقوانين، كالمرسوم رقم (20) لسنة 2002 بشأن تنظيم الصيد واستغلال وحماية الثروة البحرية، ولنسلط الضوء على المادة رقم (21) التي تقول لا يجوز بغير ترخيص من الادارة المختصة وبعد موافقة الجهات المعنية القيام بأي من الاعمال الآتية: (ج) القاء او وضع المواد او الاجسام الصلبة أو الحادة وغيرها التي تعوق عمليات الصيد والملاحة كما لا يجوز استخدام هذه المواد او الاجسام الصلبة او الحادة او غيرها في تشييد الشعاب الصناعية. تتم عملية بناء المشدات على ثلاث مراحل:
أولا: تحديد موقع صخري (قوع) أو عشبي (مشعورة) على اثره تحدد نوعية الاحياء.
ثانيا: انتظار موسم النضوج لقطف الثمار، أي الانتهاء من عملية تغطية المشد بالكائنات البحرية.
ثالثا: الحصاد ويبدأ بعد الازدهار مباشرة ويستمر لمدة أربعه شهور أخرى، وعلى سبيل المثال نموذج السيارة ويقدر عمرها بسنة تقريبا قبل ان تتحلل، وعادة ترتفع نسبة الصيد في الشهور الأولى لتنخفض تدريجيا الى نسبة 25 في المئة علما بأن عمر بعض المشدات يستغرق عشرات السنين، وهنا نحن لسن بصدد التقليل من أهمية هذا الجهد الكبير الذي تبنته ادارة الثروة السمكية في تيسير عملية المخاض الذي يشهده البحر وذلك بعملية نوعية وفريدة في العالم، من وحدات الهامور والسبيطي والصافي، لنقل جسد البحر من حالة سريرية وانعاش الى حالة نقاهة وانتعاش. لكن على رغم كل هذا، ونحن جزء من هذه البيئة، حبذا لو تحسب المخالفة قبل تجاوز الاشارة الحمراء، كي لا يستفحل الداء ويتعذر الدواء، ففي الحالات سريعة العطب، ذات التشخيص الظاهري للمرض، كحالة مشد السيارات، عادة لا يكون فيها الدخان بلا ثقاب، مع وجود الأعراض الآتية:
- وجود بقع صفراء في المنطقة المحيطة بالموقع.
- عدم انبات الحشائش وتصبح المشعورة صلعاء لمدة يتكفل بها الزمن.
- عادة في المنطقة الجدباء عكس (مرعى) تنعدم فيها الحياة.
وبناء على مثل هذه الحالات يتم اتخاذ الآتي:
- جمع عينات شهرية من المنطقة المصابة على مدار السنة.
- وضع نموذج مشابه للمشد (سيارة) في مياه راكدة لعمل المقارنة.
- وضع نموذج آخر للمشد (سيارة) في حوض اسماك ويتم جمع عينات مياه وتربة وتحليل لعينة اسماك قبل وضع المشد وبعد ذلك من كل شهر وعلى مدار السنة، مع متابعة التغيرات الأخرى.
- ونقترح في ذلك تشكيلا مكونا من ثلاثة أو أربعة من الاختصاصيين في المجالات الآتية:
- الثروة البحرية: دراسة التغيرات على الاحياء البحرية.
- حماية البيئة: التأثير على البيئة المحيطة.
- جهة أخرى: لفحص عينات الاسماك وتحليل الماء وحبذا أن تكون بمشاركة مؤسسة وطنية تجمع بين الربح المادي والوطني، كالبتروكيماويات، وبنك البحرين الوطني وكذلك نتمنى ان تكون تحت رعاية سمو الشيخ عبدالله بن حمد آل خليفة الذي تشهد له الحياة البحرية والفطرية والبيئية بكثير من الانجازات الوطنية.
وكذلك عند سن التشريعات يرجى مراعاة الآتي:
- عدم التقيد بتحديد عدد المشدات (الشعاب الصناعية) أو عدد المواقع لأي شخص.
- عدم تسجيل المشدات بأسماء الاشخاص.
- اعتبار المشد صدقة ايفاء بالدين الذي دفعه البحر ضريبة للآباء والاجداد، وكذلك يعتبر جزءا يسيرا من المساهمة نحو الطريق الصحيح مع مراعاة الثقافة البحرية في المجتمع.
- المشد ملك البحر والبحر ملك الجميع.
أيضا من المهم ان تكون هنالك آلية بين ادارة الثروة السمكية والموارد البحرية وبين وزارة البلديات لضبط المخالفين، الذين يشوهون بعض سواحلنا من الناحية الجمالية لتنقلب الى مواقع (سكراب) وهذه الآلية ليست بالضرورة ان تكون ضبط المخالفين ومعاقبتهم معاقبة مادية، بل يجب التركيز على التوعية والتثقيف، ان هناك كثيرا من السبل لتوعية وتثقيف هذا الجزء من المجتمع الذي يشهد له التاريخ بأنه مجتمع ناضج للحس الوطني
