اقتربت الامتحانات نهاية العام الدراسي. وتوشحت الوجوه، كل الوجوه، بالخوف والقلق والاضطراب، بل ربما نجد من بينهم من وضع نفسه في شبه زنزانة انفرادية مغلقة يلتهم الكتب في محاولة جادة للفوز والنجاح وللمحافظة على حصاد وجني ما زرعه طوال العام من جد ومثابرة واستذكار والبعض الآخر بات يتمنى لو تعود عقارب الساعة إلى الوراء تليها الأيام والشهور علّه يتمكن من استدراك ما ضيعه من أوقات ثمينة وما فرط فيه من واجبات. نعم الأسرة بكاملها تعيش جوا من القلق والترقب والخوف مما هو آت. ان نجاح اولادنا في دراستهم هو في الواقع أمٌر نتطلع اليه جميعا وخصوصا انتِ أيتها الأم الصادقة الحب والحنان والعطاء دعي عنك هذه الهواجس الخانقة واتركي خلفك شبح الفشل فيما قدمتيه من جهود لأولادك... الم ترافقي مسيرتهم الدراسية بتفاصيلها وتتابعي معهم يوميا كل صغيرة وكبيرة في البيت والمدرسة. ألم تراجعي معهم مناهجهم الدراسية بدقة وعناية. اذن لماذا هذا الحزن العميق والإحساس المطبق باليأس وخيبة الأمل؟ ألمجرد فشل احد ابنائك في امتحان مادة ما، أولمست تقصيرا منه في استيعاب احدى المواد كالرياضيات واللغات اعلنت حال الطوارئ واصدرت قرارا بمنع التجول حتى في ممرات المنزل؟ واغرقت نفسك في البحث عن وسيلة تساعده على الفهم والاستيعاب؟ وابتكرت أساليب حتى تعينه على الدراسة؟ بالله عليك ألا تكفيه متابعتك في البيت وتوجيهات مدرس المادة في المدرسة فتأتين بمدرس خاص ليعطيه عددا من الساعات الاضافية هي في الحقيقة تزيده خوفا وتوترا ورفضا لما تقدمينه من مجهود يقتل ما تبقى لديه من الوقت ليرتاح فيه. فيا سيدتي ان فشل ابنك في امتحان ما لا يعني كارثة بل هو في الواقع سؤال يطرح عليك: لماذا فشل؟ وحين تعثرين على الجواب يمكنك وبكل بساطة معالجته وتخطيه بسهولة ونجاح وانا لا ألومك، فأي أم تهمها مصلحة اولادها ومستقبلهم العلمي تمارس الضغوط نفسها وتعاني معاناتك وخصوصا في مجتمعنا. ولكن لو تأملنا وحاولنا اقناع انفسنا بان في الحياة امورا كثيرة توازي فهم المواد العلمية أو اللغوية أهمية في حياة الأبناء وفي تحديد مدى نجاحهم في مستقبلهم سواء في الدراسة أو في العمل والحياة الاجتماعية، وقد تشكل حاجزا بينهم وبين استيعاب تلك العلوم لهان الأمر... فبعض الابناء يعانون من مشكلات حقيقية في التركيز وربط المعلومات بعضها ببعض من أجل الوصول إلى حلول واستنتاجات وهم على درجة محدودة من الفهم والذكاء. هؤلاء الابناء حذار من توريطهم بأحلامنا العلمية الكبيرة فعلينا في البداية تشخيص وضعهم من عمر معين واخضاعهم لنظام خاص وتوجيههم نحو مجالات تتناسب وامكاناتهم إذ انهم لا يملكون القدرة الكافية على التعلم والنجاح. وانني اتفق معك على اننا نعيش عصر العلم والمعرفة ومن حقك محاولة تجميع رصيد علمي لأولادك ولكن ما يغيب عن بالك هو انه من واجبك تعليمهم كيفية مواجهة الحياة وبالتالي الفشل برباطة جأش واعصاب قوية لتخطي ما يحيط بهم من تجارب قد تفشل في الغالب. وباختصار علينا ومند بداية عامهم الدراسي احترام نظام الدراسة بشكل دقيق لتفادي اي نقص او خلل قد يصيب تحصيلهم العلمي من اجل نجاحهم وسعادتنا
العدد 257 - الثلثاء 20 مايو 2003م الموافق 18 ربيع الاول 1424هـ