اتهم مدير عمليات «أطباء بلا حدود» كيني جلوك، وهي المجموعة الدولية الإنسانية المعروفة، سلطات الاحتلال الأميركي والبريطاني في العراق بالمسئولية عن تفشي مرض الكوليرا وأمراض أخرى والمسئولية عن الإهمال في العناية بالوضع الصحي وتردي حال المستشفيات العراقية. وقال في مقابلة مع مجلة «نيوزويك» في عددها الذي يصدر اليوم، (الاثنين)، إن «موظفي الصحة العامة في جنوب العراق معتادون على التعامل مع الكوليرا ولكن الآن، فإن نظام الصحة العامة في حال من الفوضى لدرجة أنهم فقدوا القدرة على التعامل حتى مع المشكلات العامة. وبالنسبة إليّ فإنه لأمر مذهل أن نظام إمداد المستشفيات لم تتم إعادته في الوقت الذي تعمل فيه أكبر آلة لوجستية في العالم هناك». في إشارة إلى القوات الأميركية التي تحتل العراق. واضاف أنه على رغم أن المسألة ليست معقدة فإن قوات الاحتلال الأميركي ـ البريطاني لم يكترثوا بتزويد المستشفيات بما تحتاج إليه لإبقائها عاملة. فالأطباء هناك قلقون جدا بشأن الكوليرا. لقد أبلغونا: «نعم، إننا نستطيع التعامل معها بسهولة جدا ولكن إذا لم نحصل على الإمدادات التي نحتاج إليها، فإنها ستتحول إلى وضع خطير جدا».
ووصف جلوك ـ الذي أنهى جولة له في جنوب العراق وخصوصا في البصرة ـ نظام الرعاية الصحية في العراق في ظل سيطرة قوات الاحتلال الأميركي بأنه في مجمله «في حال من الفوضى لدرجة أن الموظفين لا يعرفون لمن يرجعون. إنهم لا يعرفون من هو المسئول عن رواتبهم. إنهم لا يعرفون من المسئول عن تقديم الأدوية. وهم لا يعرفون من يضع طلبيات الأدوية ولمن»، مؤكدا أن «الفوضى تدمر أية قدرة على مواجهة الخطر»، موضحا أن «هذه أعمال حكومية أساسية. فعندما استولت الولايات المتحدة وبريطانيا على البلاد، فقد تولتا المسئولية. إنهما تهملان المسئولية بدرجة كبيرة. وإنني في الحقيقة أجد أنه لا يوجد عذر لذلك». وحذر جلوك من أن «الفوضى التنظيمية في المستشفيات العراقية تعني إخراج الكثير من الناس الجرحى من هذه المرافق ولذلك فإنهم لا يحصلون على الرعاية المناسبة بعد الجراحة. وهذا سيعني موجة ثانية من الأمراض المعدية». وقال: «نحن أيضا قلقون جدا من انقطاع إمدادات أدوية السل، فمن دونها فإن الأشخاص الموجودين تحت العلاج سيُقضى عليهم، كما أن انقطاع العلاج سيؤدي إلى تفاقم المرض، وهذا لم يعالج في العراق إطلاقا. لذلك فسيكون قاتلا 100 في المئة، ويمكن أن يصبح أزمة صحية عامة حقيقية».
وأوضح جلوك أن من بين المشكلات الصحية الأخرى في العراق، «وجود مرض أكثر إثارة من الكوليرا وهو كالازار، وهو ليسمانياسيس، وهو نوع من المرض الطفيلي القاتل 100 في المئة. وهو في العراق يصيب بصورة خاصة الأطفال تحت سن خمس سنوات»، مشيرا إلى أن هذا المرض مستوطن في جنوب العراق. لكنه قال إن « أيا من المرافق التي زرناها لا تملك أية أدوية له». وقال متسائلا: «أين هو التحالف؟ لماذا لم تكن لديهم خطة للتعامل مع بعض الأمراض التي كانت هناك؟ وإذا انتشر مرض كالإزار في جنوب العراق، فإنك قد تتحدث عن وفاة 200 إلى 300 طفل في الشهر... لعدم وجود دواء بسيط يتم إنتاجه بالمناسبة في بريطانيا». وقال جلوك إنه يجب على سلطة الاحتلال الأميركي ـ البريطاني «توفير الأمن للمرافق الصحية حتى يمكن للأطباء والممرضين وغيرهم من الموظفين المجيء إلى العمل بسلام. وعلاوة على ذلك. هناك إعادة إيجاد الأنظمة، فهذا لا يتعلق ببناء بلد جديد، بل هو مجرد إعادة بدء عمل الأنظمة التي كانت قائمة وعاملة قبل الحرب»، مشيرا إلى أنه «كانت لدى المستشفيات (العراقية) أدوية ومواد طبية قبل الحرب، أما الآن فإنها بدأت تنفد منها. وهي لا تعرف من أين يفترض أن تأتي هذه الأدوية والمعدات. إنه أمر مرعب جدا، لأننا ندخل فصلا يمكن أن تتفشى فيه الأمراض المعدية»
العدد 255 - الأحد 18 مايو 2003م الموافق 16 ربيع الاول 1424هـ