في خطوة تصعيدية قد تلقي بظلالها على تنفيذ «خريطة الطريق» قررت «إسرائيل» أمس فرض «إغلاق عام» على الضفة الغربية وقطاع غزة مشددة القيود على دخول الفلسطينيين إلى الدولة اليهودية اثر عملية استشهادية أسفرت عن مقتل سبعة إسرائيليين وجرح عشرين آخرين في القدس المحتلة فجر أمس .
وقال الجيش الإسرائيلي في بيان مقتضب صدر بعد ساعات من العملية التي وقعت في حافلة بالقدس المحتلة «لن يسمح للفلسطينيين بالخروج ودخول أراضي دولة إسرائيل». وقال راديو «إسرائيل» إن البيان يعني إن الفلسطينيين الذين ظلوا يسمح لهم حتى الآن بالعمل في «إسرائيل» سيمنعون من ذلك من الآن فصاعدا.
وقتل سبعة في الهجوم الذي نفذه فلسطيني متخف في زى يهودي متدين فجر نفسه داخل حافلة في القدس المحتلة ما دعا رئيس الوزراء الإسرائيلي ارييل شارون إلى تأجيل زيارة للولايات المتحدة لمناقشة «خطة سلام» في الشرق الأوسط.
وبعد قليل من تفجير الحافلة قام استشهادي آخر بتفجير نفسه قرب حاجز طريق لكنه لم يقتل سوى نفسه. وفي وقت لاحق ذكرت الشرطة الإسرائيلية ان انفجارا عنيفا سببه قارورة غاز وقع مساء أمس الأحد في تل أبيب وأدى إلى إصابة حوالي23شخصا. وقال تحقيق أولي للشرطة إن قارورة غاز سقطت من شاحنة وانفجرت قرب مطعم يقع على شاطيء البحر.
كما زعم قائد الشرطة الإسرائيلية في مدينة القدس ميكي ليفي مساء الأحد انه تم أخيرا تفكيك خلية «خطيرة» تضم ثمانية ناشطين في حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في القطاع الشرقي من المدينة.
واستشهد صبي فلسطيني بنيران القوات الإسرائيلية التي أصابته في أجزاء متفرقة من جسده. كما استشهد ثلاثة آخرون كانوا يحاولون اقتحام مستوطنة يهودية.
واشنطن - محمد دلبح
تقول مصادر مطلعة إن مسألة المستوطنات اليهودية في الضفة الغربية المحتلة ستكون في مقدمة الموضوعات التي سيبحثها الرئيس الأميركي جورج بوش لدى اجتماعه مع رئيس الحكومة الإسرائيلية أرييل شارون في البيت الأبيض خلال زيارة ستتم قريبا توصف بأنها «حاسمة» للتسوية على المسار الفلسطيني- الإسرائيلي. وقال وزير الخارجية الإسرائيلي سيلفان شالوم إن محادثات شارون في واشنطن ستتناول مجموعة من الموضوعات بينها الوضع العام في المنطقة بعد احتلال العراق بالإضافة إلى خطوات باتجاه تسوية الصراع على المسار الفلسطيني، إلى جانب مجالات واسعة من الاتفاق بين بوش وشارون وخصوصا نظرتهما المشتركة في الحرب على ما يسمى «الإرهاب» التي يرجح أن تلعب دورا مهما في محادثاتهما في أعقاب الهجمات التي جرت في السعودية والمغرب أخيرا.
غير أن ذلك لن يمنع أن يواجه شارون استفسارات من بوش بشأن الخلافات المعلقة بشأن «خريطة الطريق» إذ أظهر بوش في عدة خطابات أخيرا إصرارا على تجميد النشاط الاستيطاني في الأراضي المحتلة ومطالبة شارون بأن تنبذ السلطة الفلسطينية حق العودة للاجئين الفلسطينيين في بداية عملية استئناف المحادثات بين الجانبين. وقال شالوم إن واشنطن توصلت بالفعل إلى تفاهم بشأن معظم التحفظات الإسرائيلية الأخرى على «خريطة الطريق»، التي تشمل اعتراض قيام الاتحاد الأوروبي وروسيا والأمم المتحدة بلعب أي دور في مراقبة عملية تقيّد السلطة الفلسطينية بالأمن. كما أن الحكومة الأميركية قبلت أيضا وجهة نظر «إسرائيل» بأن التقدم في عملية التسوية يجب أن يرتكز على الأداء وليس على جداول الأعمال. ووافقت واشنطن على طلب «إسرائيل» بأن تتولى وكالة المخابرات المركزية الأميركية (سي آي إيه) وليس الشركاء الثلاثة الآخرون في اللجنة الرباعية مسئولية مراقبة الأداء الأمني الفلسطيني. وفي سياق تقليل الاحتكاك بشأن الاستيطان إلى أدنى حد فمن المتوقع أن يقدم شارون إلى بوش قرارا إسرائيليا بإزاحة بعض ما يسمى «المراكز الأمامية غير الشرعية» - كناية عن المستوطنات التي أقامها الصهاينة في الضفة الغربية بعد شهر مارس/ آذار 2001. وهي مستوطنات هامشية مقارنة مع الكتل الاستيطانية الكبرى في الضفة الغربية التي لا تتناولها «خريطة الطريق». ويصف مسئولون في وزارة الخارجية الأميركية المستوطنات بأنها «كعب أخيل» لشارون على رغم الدعم القوي الذي يتمتع به داخل حكومة بوش والكونغرس. وقال مسئول في وزارة الخارجية «إن هذا هو الاسفين الوحيد الممكن بين بوش وشارون. وتأتي زيارة شارون المؤجلة لواشنطن في أعقاب جولة قام بها وزير الخارجية الأميركي كولن باول إلى المنطقة هدفت إلى ترتيب «خريطة الطريق» والضغط على السلطة الفلسطينية للبدء في تنفيذ الجانب الأمني منها بوقف العمل الفدائي والانتفاضة. كما تأتي في أعقاب الاجتماع بين شارون مع رئيس الوزراء الفلسطيني محمود عباس». وقلل شالوم من أهمية تصديق الحكومة الإسرائيلية رسميا على «خريطة الطريق» مرددا صدى دعوة باول للجانبين للبدء في العملية قبل تسوية كل الخلافات. وقال «إذا بدأ الجانبان فقط بالقيام بأشياء فسيكون باستطاعتنا أن نبدأ بتحطيم جدران عدم الثقة والشكوك». وكان شارون استبعد في مقابلة مع صحيفة «جيروزاليم بوست» يوم الجمعة الماضي أي حديث عن ضغط أميركي بشأن المستوطنات قائلا «إن الضغط الوحيد يأتي من اليهود على أنفسهم». غير أن مصادر مطلعة تقول إن شارون يتجنب الاعتراف بوجود هوة مع الولايات المتحدة بشأن المستوطنات. ولكن واشنطن في الوقت الذي تصر فيه على تجميد النشاط الاستيطاني بعد مارس 2001 إلا أنها لا تمانع في توسيع النشاط الاستيطاني ضمن حدود ما يسمى «النمو الطبيعي».
الأراضي المحتلة - محمد أبو فياض
قتل سبعة إسرائيليين على الأقل وجرح عشرين آخرين أمس، في عمليتين فدائيتين جعلتا رئيس الوزراء الإسرائيلي ارييل شارون يقرر تأجيل سفره لواشنطن، ونددت الحكومة الفلسطينية بهما، وذلك بعد انتهاء اللقاء الذي عقد في القدس المحتلة بين شارون ورئيس الحكومة الفلسطينية محمود عباس (أبومازن) والذي انتهى من دون نتائج. وذكرت مصادر أمنية إسرائيلية أنه وقعت في وقت مبكر من صباح أمس عند مفترق شعفاط بالقرب من «التلة الفرنسية» في القدس الشرقية، عملية استشهادية في حافلة ركاب، وأنه فور وقوع العملية هرعت قوات كبيرة من الشرطة وسيارات الإسعاف إلى المكان معززة بوحدات من «عناصر الأمن الخاصة» التي قامت بتطويق المكان وإغلاق المسار المؤدي من «التلة الفرنسية» إلى مركز مدينة القدس أمام حركة السير.
أشار قائد شرطة الاحتلال في لواء القدس، ميكي ليفي إلى أن العبوة الناسفة التي تمنطق بها الاستشهادي الفلسطيني كانت كبيرة الحجم وأدت إلى تدحرج الحافلة وتفتتها، ولم تكد تمر 20 دقيقة على العملية الأولى حتى دوى انفجار آخر عند مفترق طرق في القدس الشرقية إذ قام استشهادي فلسطيني آخر بتفجير نفسه بعد أن طلب منه عدد من الجنود التوقف وقد استشهد المنفذ.
وأشارت الإذاعة العامة العبرية إلى أن الشرطة وأجهزة الأمن في معظم المدن الإسرائيلية وضعت في حال تأهب في ظل ورود إنذارات جديدة بنية جهات فلسطينية القيام بعدد من العمليات الاستشهادية داخل الخط الأخضر، على حد قولها. وقال عضو الكنيست إيهود ياتوم (الليكود) إنه «طالما استمر ياسر عرفات في الوجود هنا، فطريق الإرهاب ستنتصر، في حين ذكر رئيس كتلة حزب «الاتحاد الوطني»، يوري شتيرن، أن «خريطة الطريق هي جائزة للإرهاب ونحن نرى النتائج على أرض الواقع. وبدوره قال رئيس حزب العمل سابقا، عضو الكنيست عمرام متسناع، إن رئيس الحكومة، أرييل شارون، أخطأ عندما ألغى زيارته إلى واشنطن، وإن شارون يتصرف بما يرضي المتطرفين الذين هدفهم الوحيد هو وقف العملية السلمية. وعقب العملية ذكرت مصادر في مكتب شارون أن الأخير أجل زيارة كان مقررا أن يقوم بها إلى واشنطن للقاء الرئيس الأميركي جورج بوش وذلك لبحث الرد الإسرائيلي فيما يبدو على العمليتين. وجاءت العملية بعد ساعات قليلة من اللقاء الذي جمع بين شارون وأبو مازن في القدس بشأن خطة «خريطة الطريق» والذي انتهى من دون تحقيق أية نتيجة تذكر، إذ رفض شارون الإعلان بشكل رسمي عن قبوله الخطة. ويعتبر اللقاء الأول من نوعه بين شارون و«أبومازن» منذ تسلم الأخير مهامه وتشكيل الحكومة الفلسطينية. وقال مستشار الرئيس الفلسطيني نبيل أبو ردينه إن اللقاء لم يحقق أي نتائج بيد أن الطرفين اتفقا على استمرار اللقاءات.
وفي تصريح له بشأن اللقاء، قال وزير الإعلام الفلسطيني، نبيل عمرو، إن «أبومازن» عرض خلال اللقاء الموقف الفلسطيني والقاضي بالموافقة الفلسطينية على «خريطة الطريق» وطالب «أبومازن» الجانب الإسرائيلي بإعلان موافقته رسميا عليها ومن خلال ذلك يمكن العمل بشكل مشترك وبالتزامات متبادلة في جميع المجالات، وطالب وبشدة بإنهاء الحصار المفروض على الرئيس ياسر عرفات وإطلاق سراح المعتقلين لأهمية ذلك في خلق أجواء ملائمة تساعد على عودة المسار السياسي إلى العمل. وحسب عمرو فقد أكد «أبومازن» على ضرورة إنهاء الحصار والإغلاق الذي يعاني منه المواطنون الفلسطينيون وكذلك وقف الأنشطة الاستيطانية والأعمال العسكرية ووقف العمل بالجدار العازل، وأعرب عن استعداد وقدرة الفلسطينيين على الوفاء بالتزاماتهم المحددة في «خريطة الطريق» ولابد من موافقة «إسرائيل» على ذلك والوفاء بالالتزامات المترتبة عليهم، وقال: «وإننا لا نستطيع العمل معا بشكل مجتزأ أو تجريبي لابد عمليا أن يكون التحرك في إطار شامل ومتكامل».
وميدانيا أيضا، استشهد أمس ثلاثة فلسطينيين بنيران قوات الاحتلال الإسرائيلي، وفي المقابل طالب وزير الزارعة الإسرائيلي، رئيس حكومته ارييل شارون بالتخلص سريعا من الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات. وقالت مصادر فلسطينية إن فلسطينيين استشهدا حين حاولا اقتحام مستوطنة «شعاري تكفا» في الضفة الغربية وتبادل المسلحان النار مع جنود الاحتلال والمستوطنين ما أسفر عن إصابة مستوطن بجروح بالغة فيما أصيب آخر بجروح متوسطة خلال اقتحام المستوطنة. وفرضت قوات الاحتلال طوقا عسكريا مشددا على المدن الفلسطينية وأغلقت المداخل الرئيسية لعدد منها، ودفعت بتعزيزات إضافية من جنودها في الشوارع الرئيسية ومحاور الطرق، ولاحقت المواطنين عبر الشوارع والطرقات الترابية الالتفافية، وأغلقت مداخل البلدات والقرى والأحياء الفلسطينية إذ أوقف جنود الاحتلال عشرات المواطنين لساعات طويلة تحت أشعة الشمس للتدقيق في بطاقاتهم قبل السماح لهم بالمرور إلى منازلهم.
وفي خليل الرحمن شن المستوطنون سلسلة من الاعتداءات وعمليات العربدة ضد مواطني المدينة، بينما وسعت قوات الاحتلال الإسرائيلية من نطاق حظر التجوال على المدينة، ليطال ميدان الصحة ودوار المنارة وشارع واد التفاح إلى جانب مركز المدينة التجاري والبلدة القديمة ومناطق جنوب وشمال شرق المدينة القريبة من مستوطنة «كريات أربع». وفي رام الله أغلقت قوات الاحتلال، المدخل الرئيسي لبلدة الرام شمال القدس، وكذلك مداخل قرى وبلدات شمال غرب المدينة، وشرعت بعمليات تفتيش وتوقيف للمواطنين، واقتحمت مدخل الرام الرئيسي، ومحيط البنك العربي على شارع القدس الرام العام، وأغلقت الطريق في الاتجاهات الأربعة المؤدية إلى المدينة المقدسة والبلدة نفسها، ومختلف قرى وبلدات شمال غرب القدس. واندلعت مواجهات بين عدد من الشبان وجنود الاحتلال في محيط دوار الساعة وسط رام الله، وسط إطلاق نار من قبل جنود الاحتلال في المنطقة. وفي نابلس اقتحمت قوات الاحتلال، المدينة من مداخلها الشرقية والجنوبية، ومن سهل روجيب، ودفعت إليها بمزيد من التعزيزات العسكرية، وأغلقت شارع عمان بالسواتر الترابية، ورابطت مجموعة من الآليات العسكرية معززة بدبابتين على مداخل مقر المحافظة، إذ عزلت هذه القوات المنطقة الشرقية من المدينة عن باقي أجزائها. وفي وقت لاحق حاصرت قوات الاحتلال مخيم بلاطة من جهاته الثلاث، واعتقلت مروان عبدالفتاح عصيبة (23 عاما) على حاجز البحرية المقام على مدخل قرية تل جنوب غرب نابلس، واقتادته إلى جهة مجهولة. وفي خان يونس أعلنت مصادر طبية عن استشهاد علي أبو ناموس (18 عاما) جراء إصابته بنيران قوات الاحتلال الإسرائيلية. وفي المقابل طالب وزير الزراعة الإسرائيلي، يسرائيل كاتس» باتخاذ خطوة واضحة ومحددة ردا على استمرار العمليات الاستشهادية مقترحا على شارون التخلص من عرفات أولا لأنه هو الذي يواصل تغذية الإرهاب الفلسطيني.
وحذر النائب العربي في الكنيست الإسرائيلي عزمي بشارة (التجمع الوطني الديمقراطي) الرأي العام الإسرائيلي والعالمي من مغبة قيام حكومة «إسرائيل» بخطوات مبيتة معدة سلفا ضد الرئيس الفلسطيني المنتخب ياسر عرفات. وعلى صعيد متصل، أبعدت قوات الاحتلال الإسرائيلي مساء أمس، إلى غزة المعتقل الإداري محمود السعدي «الصفوري»، من جنين بعد أن قررت المحكمة العليا الإسرائيلية إبعاده ونفيه لقطاع غزة لمدة عامين ابتداء من أمس.
أم الفحم - الوسط
اعتقلت الشرطة الإسرائيلية، أمس، رئيس بلدية أم الفحم، سليمان إغبارية، في قضية الحركة الإسلامية. ولم تتضح بعد التهم المنسوبة إليه، وبذلك يرتفع عدد المعتقلين في القضية إلى17 شخصا، على رأسهم رئيس الحركة، الشيخ رائد صلاح. وقال اغبارية، لدى وصوله إلى محكمة الصلح في تل أبيب ان اعتقاله والتحقيق معه يأتي على خلفية سياسية، وسنواصل عملنا ولن نتوقف عنه، وعلى الفور قام أفراد الشرطة بإخراجه من القاعة بالقوة للحيلولة دون تحدثه مع الصحافيين. وكانت المحكمة المركزية في تل أبيب رفضت استئنافا قدمه ستة من المعتقلين من قياديي الحركة الإسلامية، وتقرر استمرار احتجازهم رهن الاعتقال. وحدد القاضي أنه لا يمكن الإفراج عنهم لحجزهم رهن الاعتقال المنزلي خشية القيام بتشويش مجريات التحقيق
العدد 255 - الأحد 18 مايو 2003م الموافق 16 ربيع الاول 1424هـ