إن أعز مطلب للانسان في هذه الحياة هو الأمن والاستقرار النفسي والاجتماعي فاذا انعدم الامان في اي مجتمع من المجتمعات فقدت الحياة أهم ما فيها...
والاسرة نواة المجتمع فاذا استقرت امور افرادها واستقامت أمن المجتمع بكامله... أما اذا تزعزعت اركانها وتخلخلت قواعدها فإن انهيارها في هذه الحال امر حتمي بأي حال من الاحوال، وبالتالي زعزعة أمن فئة كبيرة من المجتمع. فالأم تلعب دورا اساسيا في توفير الراحة النفسية والتوازن الذهني والسلوكي للأبناء. أما الاب فإن قيامه بدوره كاملا يضفي الطمأنينة والامان والاستقرار على جو الأسرة فاذا تضافرت جهود الوالدين أصبح بامكانهما بناء انسان سويّ قويم متكامل الشخصية وفق المعايير التي يقوم عليها بناء الاسرة القوية المتماسكة.
أما اذا تنحى الاب عن منصبه القيادي في الاسرة وتوقف عن القيام بدوره التربوي في عملية التوجيه والنصح والارشاد والادارة، وتخلى عن قيامه بالتزاماته تجاه الزوجة والابناء، وإذا تمادى باهمالهم ونسيان قضاياهم وخصوصا الابناء فإن النتائج ستكون اكثر سلبية وايذاء لكيان الاسرة بكاملها، بل قد يؤدي ذلك إلى انهيارها بكاملها واصابة افرادها بامراض اجتماعية نفسية، اهونها الاكتئاب أو الانحراف بجميع المفاهيم وعلى جميع الاصعدة. فالابناء كما هو معروف منذ القدم وقبل التطور العلمي والانفتاح الاجتماعي يحتاجون إلى وجود الاب وغياب دوره قد يؤدي إلى مشكلات بل كوارث اسرية، فالشعور بالفراغ العاطفي وما يتبع هذه المرحلة من مظاهر هي في غاية الخطورة، واذا فقد الابناء من يتحدثون اليه ويناقشونه فيما يشعرون به وما يجول بخواطرهم فستترتب على ذلك آثار سيئة للغاية تؤدي إلى انحراف الابناء وحدوث التمرد والقطيعة مع افراد الاسرة، وهنا يبرز دور الأم والتي من واجبها اتباع اساليب التنشئة السليمة القويمة لسد الفجوة بين الاب والابناء بعيدا عن الاضطرابات النفسية والمشاحنات ونوبات الغضب والصراخ وفي اجواء آمنة مستقرة.
وقد تضطر الأم لظروف قهرية إلى ان تلعب دور الاب ايضا وربما توفق - إلى حد ما - إذ تتحمل جميع الالتزامات من نفقات وتعليم ومتابعة إلى غير ذلك وتأمين الأمور المادية من طعام وكسوة حتى سن معينة... ولكن هناك وظائف اخرى لا يمكن ان يؤديها سوى الاب، واضطرار الأم إلى القيام بها قد يؤدي إلى شذوذ في وضع الاسرة ويضر بشخصية الابناء. فالاب يلعب دورا حساسا في حياة الابناء وتعجز الأم عن القيام به، لانه هو القائم على شئون الاسرة داخل البيت وخارجها من دون افراط وتفريط، ونجاح الأم في القيام بدورها يبقى ناقصا إذ ان الأمر لا يتوقف على تأمين الأمور المادية فهي وان غمرتهم بالحب والحنان والرعاية تبقى حاجتهم ملحة وقاهرة إلى دور الاب في حياتهم لانه المعلم والموجه والمرشد والمسئول.
إنهما معا يشكلان اساسا قويا لحياة مستقرة اقتصاديا واجتماعيا وعاطفيا
العدد 254 - السبت 17 مايو 2003م الموافق 15 ربيع الاول 1424هـ