وصف نائب وزير الدفاع الأميركي بول وولفويتز إطاحة قوات الاحتلال الأميركي بتمثال الرئيس العراقي صدام حسين في ساحة الفردوس ببغداد يوم التاسع من شهر أبريل/نيسان الماضي بأنه «انتصار ومنظر رائع»، وقال في مقابلة مع صحيفة «واشنطن بوست» نشرت يوم أمس الأول الثلثاء: «إن ذلك كان أشبه برؤية سقوط جدار برلين وأحد الصور التي ستبقى». لكن وولفويتز أعرب عن قلقه من بقاء الكثير من رجال النظام العراقي وأن «هناك الكثير من العمل الذي يتعين القيام به» وأضاف: «اعتقد أن الوضع لايزال كذلك» في العراق.
ووصفت الصحيفة العدوان الذي شنته الولايات المتحدة على العراق بأنه «حرب وولفويتز» إذ كان مهندس العدوان. وقال إنه لايزال يتعين على الولايات المتحدة أن تنجز أهداف عدوانها ضد العراق الذي لايزال مكانا خطرا إذ إن البناء السياسي هو في بدايته فقط وثمة إحباط من بطء عملية إعادة الإعمار، وربما كانت عاملا في قرار الحكومة الأميركية نهاية الأسبوع بتجديد فريق مكتب المساعدة الإنسانية وإعادة الإعمار الذي كان يرأسه جاي غارنر وأصبح الآن برئاسة الحاكم الإداري الجديد للعراق لويس بول بريمر.
ويريد وولفويتز أن يتأكد وهو يفكر في السياسة الأميركية تجاه العراق من أن «العدو سيدمر كليا هذه المرة». وقال: «إن أكبر خطأ هو التقليل من قدرة النظام السابق على التكيف واستعادة قدرته، وان الناس يخشون أن البعثيين سيستمرون بعدنا». وأضاف: «إنني أعتقد أن هناك أناسا في حكومتنا يقللون من شأن الخطر الذي يشكله البعثيون والخوف المنتشر الذي يولده وجودهم». وقال إنه ينبغي على العراقيين أن تكون لديهم الثقة.
وفي إشارة إلى التفكير السائد في واشنطن بإطالة أمد احتلال العراق، قال وولفويتز إن الأميركيين لن يختفوا مرة أخرى بسرعة كما فعلوا بعد العدوان الذي قادته الولايات المتحدة ضد العراق في العام 1991 وإن «من المهم أن يعرف عامة السكان أن هذا النظام القديم سيقضى عليه في جذوره وفروعه». مشيرا إلى أن النموذج للعراق الذي تخطط له الحكومة الأميركية مستقبلا من دون بعثيين هو روماني إذ كان من 20 إلى 25 في المئة من السكان يعملون للبوليس السري تحت حكم نيقولاي تشاوشيسكو. وقال وولفويتز «إن معظمهم لم يكونوا يفعلون ذلك لأنهم كانوا يرغبون في ذلك. وبالمثل فإن لحزب البعث العراقي أكثر من مليون عضو عادي». وأضاف: «إنك لا تستطيع أن تقول إن كل من استسلم أوتوماتيكيا يعتبر شخصا بغيضا» وقال إن هناك نحو 30 ألف من «الأعضاء الخاصين» من حزب البعث الذين اعتبرهم أعضاء في قوات الأمن العراقية مؤكدا أن هؤلاء «يجب التعامل معهم بقسوة حتى يتأكد الناس أنهم خارج العمل».
وقال وولفويتز إن الخدعة بالنسبة إلى الولايات المتحدة هي إعادة سياسات العراق إلى أهله حتى في الوقت الذي تحتفظ فيه الولايات المتحدة بوجود عسكري مستمر يؤدي إلى الاستقرار، وقال: «أعتقد أن من الممكن الانسحاب بسرعة نسبية من الحياة السياسية العراقية ومن القرارات اليومية، ولكن البقاء هناك كقوة أمن أساسية». موضحا ذلك بقوله: «إننا نريد أن ننقل رسالة بأننا سنكون هناك للعمل في حالة الطوارئ ولفترة طويلة».
وقال إنه من أجل تخفيض العزلة وإمكان الاختراق للقوات الأميركية فإن «التدويل صحيح» كاستراتيجية لإدارة العراق بعد الحرب، لكنه يصر على أن هذه العملية يجب ألا تكون تحت سيطرة الأمم المتحدة. وجادل بأنها «ينبغي أن تكون عملية التدويل بإدخال أكثر عدد ممكن من الدول وخصوصا من أوروبا الوسطى». وأضاف أن باستطاعة دول أوروبا الوسطى أن تكون مساعدة بصورة خاصة لأنها تحررت أخيرا من الأنظمة «الشيوعية» ويمكن أن تساعد العراقيين في الفترة الانتقالية.
وفي معرض حديثه عن المعارض العراقي أحمد الجلبي الذي يوصف بأنه المفضل له ولغيره من المحافظين الجدد، قال وولفويتز: «علينا أن نساعد كل شخص يستطيع أن يفعل شيئا مفيدا. وأعتقد أن القرار قد اتخذ بدعم الديمقراطية كخيمة كبيرة».
ويرى مراقبون أنه إذا كانت هذه هي حرب وولفويتز من منظور أهدافها الاستراتيجية، فإن من الواضح أنها أبعد ما تكون عن الانتهاء، وأن الحكم على تعليقات وولفويتز ـ المخطط الرئيسي في البنتاغون ـ يشير إلى انه لا يفكر في شأن الصراعات المستقبلية ضد الدول التي تعاديها حكومة الرئيس الأميركي جورج بوش مثل سورية وإيران، ولكنه يفكر في التأكد من أن الولايات المتحدة كسبت حقا حربها ضد العراق
العدد 254 - السبت 17 مايو 2003م الموافق 15 ربيع الاول 1424هـ