كحال الكثيرين، أقضي بعض الوقت، كلما سنحت الفرصة، للتجول في المنتديات الإلكترونية البحرينية والإطلاع على ما يطرح فيها من موضوعات، وقد لفت نظري، كما هو الحال بالنسبة إلى الكثيرين أيضا، أن التحذير من مطامع إيران في البحرين والتخطيط الدائم من قبل الجمهورية الإسلامية (الجارة) للسيطرة على بلادنا، يتصدر اهتمامات (فصيل) محدد من أصحاب الأسماء المستعارة، الذين يسردون الكثير الكثير من المعلومات الاستخباراتية (التي لا تعلم عنها الدولة وأجهزتها)، بل ويكتبون باللون الأحمر (التحذير) للحكومة مرارا وتكرارا كي لا (تنام في العسل) وتقع الفأس في الرأس.
باختصار شديد، فإن مضامين تلك الموضوعات تحمل من الإهانة لبلادنا ذات الاستقلال والسيادة والقيادة الشرعية ما لا يمكن قبوله، كما أن الاستناد إلى وجود جماعات من أبناء البلد ذوي الهوى الإيراني من (يخططون ويتلقون الأوامر ويتولون التخريب والتدمير والقتل وإرهاب البلاد والعباد) كما تزعم تلك الموضوعات وكتّابها، لا يمكن اعتباره أبدا دليل إدانة، ثم ينقلب الأمر بين ليلة وضحاها، فيتم توجيه الكلام البذيء والإهانات إلى كبار المسئولين حين يزورون إيران ويوقعون الاتفاقات الأمنية والاقتصادية والتعاونية المشتركة، فتظهر عبارات أخرى مثيرة للضحك والإشفاق على تلك العقول من قبيل: «لطالما حذرنا من الخطر الإيراني الصفوي المجوسي على بلادنا، فكيف يا حكومة تتعاونين مع من يريد احتلالنا؟».
تلك (الحقائق المذهلة) تعني أمرا واحدا، وهو أن أولئك الخبراء الفطاحل يمتلكون من المعلومات والحقائق والوثائق والمواقف ما لا تملكه الدولة ولا تريد أن تعرفه! فلزاما عليهم تكرار التحذير، ولا بأس في ذلك طالما الأمر لا يعدو كونه (خزعبلات) أسفل أسماء مستعارة عملاقة عتيدة تمثل (الولاء الحقيقي المطلق والأول ولا شيء غيره).
وفي ظني، أن وزير خارجيتنا الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة، وقع في خطأ جسيم عندما مثّل (مملكة البحرين) في التوقيع على الاتفاقية الأمنية مع (إيران المتربصة)، ولم يأخذ في اعتباره التحذيرات الكثيرة من الخطر الإيراني الذي سيستمر إلى أبد الآبدين كما يبدو، ولم يضع في اعتباره تحذيرات (خبراء الكيبورد) من وجود طابور خامس، وعصابات مدربة، وجماعات (ذات هوى إيراني مجوسي)، فأصبح هذا الرجل السياسي المحنك المقتدر في نظر أولئك الخبراء، مخطئا لأنه ذهب إلى العدو في عقر داره، ليوقع اتفاقية أمنية.
أما بعد، فالبحرين يا (أولئك) لا تحتاج إلى هواجسكم المبطنة بالولاء، وشئنا أم أبينا، ستبقى البحرين عربية، وسيبقى (آل خليفة) حكامها الشرعيين يلتف حولهم كل البحرينيين، ويكفي أن نعود إلى جنيف يوم 11 مايو/ آيار من العام 1970 ونطّلع على الوثيقة التي قدمها مبعوث الأمم المتحدة السير ونسبير بعد الاستفتاء على عروبة البحرين، وهي وثيقة مهمة شاهدة على الولاء الكامل للأرض، وأن الأسرة الخليفية هي القيادة الشرعية لهذه البلاد، ليتم دحض الافتراءات التي يحاول مروجوها النيل من ولاء الكثير من أبناء البلد وإلحاقهم بولاءات مستوردة لا مكان لها من الصحة إلا في عقول من يحمل العداء للبحرين وحكومتها وشعبها.
وأولئك الخبراء الكيبورديون، ومعهم فصيل آخر من الكتّاب والخطباء ومروجي الفتنة (هم من يحمل العداء أيضا)، أما إذا كان المشروع الإصلاحي لجلالة الملك عاهل البلاد قد منح المواطنين حرية التعبير والتظاهر والمطالبة بالحقوق بالأساليب السلمية، فإن (حكومتنا) وليست (إيران) هي القادرة على حل مشاكلنا وإنهاء صورة الصدام العنيف والانفلات المقلق المؤثر على الوحدة الوطنية والسلم الاجتماعي بالحوار مع الأطراف ذات العلاقة...
وعلى أي حال، أطمئنوا أيها الخبراء... لا خوف على البحرين؛ لأنها (البحرين) ولا وطن غيرها
إقرأ أيضا لـ "سعيد محمد"العدد 2305 - السبت 27 ديسمبر 2008م الموافق 28 ذي الحجة 1429هـ