العدد 2305 - السبت 27 ديسمبر 2008م الموافق 28 ذي الحجة 1429هـ

غزّة... مرحلة ما بعد العار

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

نعم... لقد انتهت مرحلة العار العربي، ودخلنا ما بعد بعد مرحلة العار!

لقد انتهت مرحلة الحصار التي طلبتها «إسرائيل»، وشارك في إحكامها وإنجاحها بعض قومنا العرب بكلّ كفاءةٍ واقتدار، حتى أصبحت «غزّة» كالتفاحة التي حان وقت قطافها.

وأنا أكتب المقال مساء هذا اليوم (السبت الأسود)، تقول وكالات الأنباء إن ضحايا المجزرة الاسرائيلية بلغوا حتى اللحظة 195 (...)، أما الجرحى فبالمئات، والأنظمة العربية التي تمسك بأيديها مقاليد هذه الأمة تتفرّج، وكأن القضية لا تعنيها.

قبل عشرة أيام، حذّر السيّد محمد حسين فضل الله من أن تقوم الدول العربية بتوفير «غطاء عربي» لأي عدوانٍ إسرائيلي واسعٍ على غزّة، حينها ظننت أن السيّد ربما يبالغ، فمهما كان لا يمكن أن نتصوّر عربا يوفّرون غطاء لحرب إسرائيلية جديدة ضد الفلسطينيين... ولكن ها هي النبوءة تتحقّق أمام أعين الجميع.

طوال الأسبوع الماضي، كانت القيادات الصهيونية، في الحكم أو المعارضة، تتبارى في إطلاق تهديداتها ضد غزّة المحاصَرة المجوَّعة. وفي سياق المزايدات الانتخابية الداخلية، وعدت وزيرة الخارجية تسيفي ليفني (أحد رموز هزيمة حرب تمّوز) بالقضاء على «حماس» في حال فوزها.

هذه الوزيرة الصهيونية المحتقنة دائما، اختارت يوم الجمعة المبارك عند المسلمين، لتطلق التهديد الأخير على طريق الحرب الشاملة ضد الفلسطينيين. واختارت تلك الحيّة الرقطاء أكبر عاصمةٍ عربيةٍ منصّة لإعلان الحرب، وأمام وزير خارجية ذلك البلد دون أن يردّ عليها بكلمةٍ تحفظ ماء الوجه، أو يطالبها بالتخفيف على الأقل من غلوائها.

البعض يقول إن إعلان الصهاينة الحرب على غزّة من عاصمة العروبة والأزهر الشريف، كان مجرّد «أخذ علما»، فلا يصحّ خوض حربٍ دون إشعار الجار ليأخذ حسابا بما قد تؤول إليه الأمور. على الأقل أن يحتاط بغلق حدوده في وجه من سيتدفقون من اللاجئين هربا من جحيم القنابل الإسرائيلية. وربما سيحتاج إلى ترتيبات أمنية «مشتركة» لفتح المعابر لعبور الجرحى والجنائز والأشلاء.

البعض يذهب إلى الاتهام الصريح، فمن فاخَر بالمشاركة في الحصار، ومنع المصريين البسطاء من إرسال ربطات الخبز والدواء لإخوانهم في غزّة، وهدّد هؤلاء بكسر أرجلهم، لم يردّ بكلمةٍ عندما قالت ليفني إنها تهدف للدفاع عن مصالح مصر أيضا في الحرب ضد غزة! فالتخلص من بؤر المقاومة في الجسم العربي كله هو هدفٌ إسرائيلي -أميركي - عربي في هذا الحلف المقدّس! وما ترونه من قتلٍ ومجازر وأشلاء، إنّما هو امتدادٌ لما جرى في آب 2006، أو عملية ثأرٍ وتصفية آثار لحرب تمّوز!

الاسرائيليون أعلنوا أن مجزرة السبت إنما هي مرحلة أولى، وعلينا أن نهيئ أنفسنا للفرجة على هذا المسلسل العربي/الإسرائيلي المشترك. فمع سوء التقدير في حسابات «حماس»، دعا عمرو موسى (أمين عام جامعتنا العتيدة) لاجتماع «طارئ» لوزراء الخارجية العرب بعد يومين، وطبعا في القاهرة حيث وقفت ليفني قبل يومين! أما محمود عباس، رئيس السلطة في رام الله، فقد دعا إلى ضبط النفس، بينما الدول العربية مشغولة بانهيارات البورصة وكشف المؤامرات الصهيونية ضدها وقمع المعارضة، وتدهور أسعار النفط والعقار.

مع صباح السبت الأسود، انتهت مرحلة العار والحصار، ليدخل النظام العربي المتفسّخ المطبِّع... مرحلة ما بعد العار والشنار

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 2305 - السبت 27 ديسمبر 2008م الموافق 28 ذي الحجة 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً