العدد 2305 - السبت 27 ديسمبر 2008م الموافق 28 ذي الحجة 1429هـ

لا يجوز زواج المرأة المسلمة إلا بإذنها

سلوى المؤيد comments [at] alwasatnews.com

.

طفلة سعودية في الثامنة من عمرها يزوجها والدها دون أن يهتم بسؤالها إذا كانت راضية أم لا... والأم ترفع قضية على القاضي الذي وافق على هذا الزواج المخالف للدين الإسلامي في دولة تطمح قوانينها أن ترفع شعار تطبيق الإسلام... لكن ما يطبق على الأرض في الكثير من الجوانب هو التقاليد السعودية... وإلا فكيف يرفض القاضي طلب الأم بإلغاء الزواج، مدعيا أن البنت لم تصل إلى سن النضج.

ما معنى هذا؟ ألم يسأل الشيخ الأب كيف زوج ابنته وهي لم تصل بعد إلى سن النضج؟ هل باعها إلى الرجل الذي دفع له 30 ألف ريال لإنقاذه من ضائقة مالية؟

أليس مهر الابنة ملكا خاصا لها؟ فكيف يسمح القاضي أن يستولي هذا الأب على مهر ابنته؟

أليس ما يفعله هذا الأب المجرم في حق ابنته والقاضي الجاهل مخالفا لتعاليم الدين الإسلامي؟

إن ما نقرؤه يشوه صورة الدين الإسلامي الذي اشترط موافقة الابنة أولا على الزواج ثم يعقده القاضي، لا العكس كما حدث في هذه القضية. ما حدث هو اعتداء على حقوق الأطفال يجب أن يعاقب عليه هذا الأب.

لقد منح الدين الإسلامي المرأة الحق في اختيار الزوج المناسب ليكون ذلك أساسا لبناء حياة زوجية سعيدة، حيث جاء على لسان النبي محمد صلى الله عليه وسلم «تستأمر النساء في أنفسهن وإذنهن صمتهن».

ومعنى هذا أن يستشير الأب ابنته في أمر زواجها فإذا صمتت لحيائها فإن معنى صمتها موافقتها.

لكن هذا الحق ضاع كما ضاع غيره من حقوق المرأة الإسلامية بسبب التخلف والجهل، وأصبحت المرأة في بعض الأسر تساق قسرا وقهرا لتتزوج من شخص اختاره والدها، إذ يستغل بعض الآباء حق الولاية أو الإنابة عن الابنة في إنشاء عقد الزواج دون علمها ليحقق به مصالحه الشخصية لا مصلحة ابنته، ولا تستطيع الكثير من النساء إبداء أرائهن والتعبير عنها في الأسر المتعصبة المتخلفة في نظرتها للمرأة، فتقبل الفتاة بواقعها رغم شقائه في بداية الأمر لكنها لا تستطيع أن تستمر في حياتها المعذبة فتطلب الطلاق وتبدأ رحلة عذاب أخرى لهذه المرأة من خلال جلسات المحاكم المطولة أمام القضاء ليتم الحكم في مثل هذه القضايا، إلا أن وعي القاضي وثقافته الدينية يلعبان دورا كبيرا في إصدار الحكم بصددها، إذ لا يوجد حتى الآن قانون محدد يحكم على أساس بنوده القضاء، وتكون النتيجة أحيانا في غير صالح الفتاة، خصوصا عندما يرفض القاضي تطليقها، وعذره أنها قبلت الزواج من هذا الرجل ولم تشتك للقاضي ليمنع والدها من فرض هذا الزواج القاسي عليها. وكيف لطفلة في الثامنة أن تشتكي للقاضي، حتى وإن كانت ناضجة؟ كيف تستطيع أن تشتكي؟ وكما ذكرت من قبل لا تستطيع بعض النساء إبداء أرائهن في أمور حياتهن؛ لأن آباءهن لم يعودوهن على أسلوب المناقشة وإبداء الآراء ثم تنفيذ الأفضل منها، لكن الشقاء والعذاب يدفع هذه المرأة التي لم تتعود إبداء رأيها إلى الشكوى من واقع مظلوم تعيشه أملا في إصلاحه على هدى الحق وخيره، ولا أدري لماذا يرفض رجال الدين القائمون بأعمال القضاء الشرعي في البحرين والسعودية السماح للمرأة بالطلاق من الزوج الذي فرض عليها جبرا من والدها لتتزوج من الشخص الذي تختاره هي وقد سمح به الرسول الكريم عندما جاءت إليه امرأة تزوجت حديثا شاكية إليه من أبيها بقولها:

«أبي زوجني من أبن أخ له يدفع خسيسته وأنا كارهة له».

فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم:

«أتجيزين ما صنع أبوك؟»، أي هل توافقين على ما فعل أبوك؟

قالت المرأة: «لا رغبة لي فيما صنع أبي».

فقال لها الرسول الكريم: «فاذهبي وأنكحي من شئت» «اذهبي وتزوجي بمن شئت»

فقالت المرأة: «لا رغبة لي في غير ما صنع أبي، لكني أردت أن أعلم الناس أن ليس للآباء في أمور بناتهن شيء».

وذكر مؤلف كتاب «التطور روح الشريعة الإسلامية» للأستاذ محمود الشرقاوي المدرس بجامعة الأزهر حديثاَ للرسول (ص) عن البخاري ومسلم جاء فيه:

«إن الخنساء بنت خذام زوجها أبوها زوجا لم تكن راضية عنه، فجاءت إلى النبي (ص) تشكو ذلك، فرد النبي زواجها وأبطله، وكانت الخنساء ثيبا أي «متزوجة من قبل».

وقد روى نفس المؤلف عن بن عباس حديثا للرسول عليه الصلاة والسلام جاء فيه «أن بكرا اشتكت للرسول عليه الصلاة والسلام بأن أباها زوجها وهي كارهة فترك النبي لها الخيار إن شاءت أتممت الزواج الذي أجراه والدها وإن شاءت أبطلته».

أليس من الأفضل إذا حضور الفتاة عقد زواجها أمام المأذون ليسمع موافقتها حتى لا يدعى والدها أنه حصل على موافقة ابنته بينه وبينها ويكون بادعائه هذا كاذبا قاصدا إلى تزويجها من شخص اختاره هو لمصلحة شخصية بينهما دون ضمير أو إحساس بمسئوليته كأب مسئول عن توفير السعادة لابنته؟

إن وجود الضمائرالسوداء والنوايا السيئة الناتجة عن الطمع المادي لدى بعض الآباء يحول دون تحقيق الهدف النبيل الذي سمح به الدين الإسلامي من إنابة الأب أو الولي عن الابنة في إنشاء عقد زواجها بناء على موافقتها، لأن هذه الإنابة تتطلب الضمير الحي والمسئولية الأخلاقية الدينية، فإذا لم تتوفر هذه الشروط سقط حق الأب في هذه الإنابة؛ لأن في إنابته أوقع أضرارا بمستقبل ابنته

إقرأ أيضا لـ "سلوى المؤيد"

العدد 2305 - السبت 27 ديسمبر 2008م الموافق 28 ذي الحجة 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً