العدد 265 - الأربعاء 28 مايو 2003م الموافق 26 ربيع الاول 1424هـ

فخاخ في طريق الصحافة الحرة!!

سيد ضياء الموسوي comments [at] alwasatnews.com

لا يعلم المرء لماذا كل هذا التجاهل الذي تمارسه السلطة التنفيذية تجاه الأصوات المرتفعة والمنادية بتغيير قانون أمن الصحافة سيئ الصيت؟... ولماذا كل هذا الإلحاح على تكميم الأفواه وقطع أصابع الصحافيين؟ ألا يعلم المسئولون أن ذلك سيخلق مزيدا من الاحتقانات خصوصا وأن كثيرا من التصريحات مازالت عالقة في الهواء؟ لماذا لا نستفيد من واقع بعض دول الجوار، وكيف أن الولايات المتحدة تعمد الى وسائل ضغط مختلفة في سبيل تغيير خريطة المنطقة وبالقوة، مستغلة الثغرات الكبرى من غياب الحرية الى انعدام الصحافة الحرة المستقلة وما إلى ذلك من ثغرات؟

إن الإضاءة الأكثر لمعانا في مكتسباتنا الوطنية هي حرية الصحافة، فإذا أزيلت هذه الإضاءة سنبقى في العتمة وسيمارس بعض الوزراء والمتنفذين كل صلاحياتهم للامعان في الفساد المالي والإداري وكل ذلك سيزيدنا فقرا وجوعا وإحباطا وسينعكس على شعور وإحساس الناس. إذن لماذا كل هذه العراقيل؟ ولماذا كل هذا الإصرار والإيمان المطلق بهذا القانون؟ هل هنالك خوف من نشر الفساد؟ وهل يمنُّ على الناس بهذا البوح الناعم عبر الصحافة؟ ما نطرحه في الصحافة من هموم هو عشر ما يطرح في دول العالم الثالث مثل مصر واليمن، بل حتى بنغلاديش تمتلك صحافة أكثر استقلالا من الصحافة البحرينية فإن من نجلبهم اليوم «خدما للبيوت» هم يمارسون حق الاقتراع والتصويت والنقد في بلدانهم، إذن لماذا يكثر علينا هذا البوح الهزيل من النقد؟ فالمعارضة لم تأت من الخارج وآثرت اللجوء الى القنوات الرسمية في داخل البلاد بعيدا عن الخارج إلا لأجل أن تشارك في تشكيل وعي الجمهور وبناء دولة القانون والمؤسسات، إلا إذا أردنا أن نفرض في كل مكان نظريات أفلاطون القائمة على «الخير يجلب الخير والشر يجلب الشر» القائمة على التلميع واتخاذ سياسة الذرائع في عملية تكميم الأفواه فهذا أمر آخر!!

وحتى نضع النقاط على الحروف نقول وبكل صدق... ان عملية أيذاء احدى الصحف المحلية في المحاكم ما هو إلا أسلوب يراد منه العودة الى صحفٍ مستغلة لإعادة جرجرة من فيها من صحافيين أو كتاب وهي بالون اختبار لصحف أخرى. ان ما نطرحه هنا من نقد الهدف منه إيصال صوت الناس والترافع عن همومهم والتنفيس عن ذلك البخار الحار والملتهب والمتصاعد من قلوبهم، فوجود 30 ألف عاطل لمجتمع لا يتجاوز النصف مليون سابقة خطيرة جدا، إضافة الى وجود آلاف العوائل الفقيرة، إضافة الى ضروب التمييز التي نخرت أعمدة ومفاصل كل المؤسسات الرسمية، فإذا نحن كتمنا أنفاس الصحافة فإلى من يلتجئ الناس؟

وإذا كان هناك استياء من النقد الموضوعي الذي تمارسه إحدى الصحف فلماذا تم السماح لتأسيس صحف مستقلة؟ لأني مؤمن أن كل هذه الفزعة الرسمية والنفرة القانونية وهذه الجرجرة الى المحاكم والنيابات العامة الهدف منها لجم الآراء الوطنية الحرة لدى أية صحيفة مستقرة على رغم اقتناع الجميع - بمن فيهم المشرعون القانونيون - ان مثل هذه الصحف تنعم بكتّاب وصحافيين عقلاء متوازنين مستقلين قلبهم على الوطن لإيمانهم ان الحرية هي قلب الديمقراطية، فديمقراطية بلا حرية - التي منها الصحافة - هي ديمقراطية محنطة. والعجب من النيابة العامة لماذا تمارس هذا الدور مع الصحافة الحرة والمستقلة، أليس الأولى استجواب ومعاقبة من استغلوا النفوذ وهربوا ثم عادوا وهم في حلٍ من أمرهم بلا محاكمة؟ وأليس الأولى جرجرة من تلاعبوا في بنك الإسكان؟ فلماذا أعطي البعض استقالة من غير تقاعد؟ أليس هم أولى بالجرجرة في النيابة من المسئول عن 17 مليون دينار في بنك البحريني السعودي وعن كثير من صور الفساد؟

إقرأ أيضا لـ "سيد ضياء الموسوي"

العدد 265 - الأربعاء 28 مايو 2003م الموافق 26 ربيع الاول 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً