العدد 265 - الأربعاء 28 مايو 2003م الموافق 26 ربيع الاول 1424هـ

ضرورة طرح دراسات جدية تناقش مساحات لم يفكر بها

قد لا يجوز بدء مقالٍ صحافي بطرح سلسلة من الأسئلة بيد أن الواقع الشائك في بلداننا وتناقضاته الكثيرة قد يفرض هذا الطراز من الكتابة. إذ لابد من وضع الأسئلة الآتية:

هل تطوير الفكر وإنتاج الجديد (وتنوير العقل) يقود إلى الكفر؟

وهل تنوير العقل والانفتاح على الآخر يقود إلى العلمنة؟

وهل التعايش مع الآخر انحلال؟

والتسامح فساد؟ والتعددية تغرّب؟

وهل فهم أصالة الهوية هو الأخذ بكل شيء من الماضي؟ أو إثبات مكوناتها وعدم تفاعلها مع الواقعين المحلي والعالمي؟

وهل استعمال مصطلحات الديمقراطية والمجتمع المدني وغيره يجعل مستعمليها اقل إسلامية أو وطنية؟

وهل تؤدي قراءة النص بروح عصرية ومرنة إلى الانحراف الفكري أو الانهيار الفقهي؟

وهل إعطاء حق المرأة ولعب دورها، كنصف المجتمع، يقود إلى الفسق والمجون؟

وهل تقود الفلسفة، كما يزعم معظم علماء الدين، إلى التمرد الفكري وهرطقة عقلية كما حدث إبان عصر النهضة في الغرب؟

الإجابة على هذه الأسئلة. قد تتم عن طريق تقييم واقعنا من خلال أفعالنا وأعمالنا. فالدراسات والكتب الموجودة، كواحدة من الأمور التي يمكن استخدامها لقياس فاعلية انتاجات المجتمع وواقعه في العالم العربي، تدوران حول الماضي.

فالكتب والدراسات تكثر من كتابة معارف الماضي حتى تكاد أن تصدق نفسها وتترك معارف الحاضر حتى تبدأ بنسيان نفسها. كتب تبدع بالإنشاء مع قليل من الأفكار. دراسات تزيد من التناقض والرتابة الذهنية.

كتب ودراسات تقوم على عقم المنهج ومنابع معرفتها قليلة وأدوات تحليلها أكل الدهر عليها وشرب.

كتب تعنى بالنقل وليست تعنى بتنمية العقل. فما اكثر كتب التحقيق عندنا التي تختصر الحاضر بالمنتج ماضيا. وتختزل المعرفة الموجودة بالمعلومة مسبقا.

وكأن الجدل الفكري في القرآن والحوار الرباني، روح الحركة العلمية، لم يكن موجودا. وسور القرآن التي تدعو إلى التدبر والتعقل كلها حالات استثنائية. وأحاديث الرسول (ص) كما في واحدة من اقواله«اطلب العلم ولو كان في الصين» كلها أخطاء رسالية تاريخية.

قليل من الكتب تناقش الواقع«كما هو» وكثير منها تعالج الواقع«كما يجب ان يكون». حال مثالية تطغى على العقل والذهن. قليل من الكتب تناقش وتعلم وتربي بطرق جديدة مع تسخير لأدوات عصرية ملائمة.

ما يتوجب عمله هو طرح دراسات وكتب جديدة تحرر العقل للأخذ بالاحتمالات واستخدام الامكانات وتوسيع الآفاق ودراسة الواقع في حاله المزري وليس كما يفترض أن يكون.

كتب ودراسات تنشط الذهن لإنتاج الأفكار والاستمرار في إنتاجها عبر عملية تفكير متقدة ودؤوبة لمنع طغيان أفكار من نمط على آخر.

كتب تنتقد وتخوض في مساحات جديدة لم تناقش سابقا.

كتب تستفز القارئ والباحث والاهم ربما، كتب ودراسات فلسفية من صلب الواقع العربي. كتب تقرأ ميراثنا الإسلامي الفلسفي (كانتاجات ابن رشد وغيره) بشكل آخر، كتب تطور عملية التفكير وتفرض الجديد وتخلق البديع.

كتب تبدأ بالعملي وتنتهي بالنظري أي بادئة بالواقع ثم صوغه وبلورته من قبل العقل. كتب تستخدم الأدوات الملموسة والذهنية لفرز مناهج جديدة في التفكير والتطوير، تجعلنا نفكر بطرائق مختلفة وليس بطريقة جامدة





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً