العدد 2305 - السبت 27 ديسمبر 2008م الموافق 28 ذي الحجة 1429هـ

نحن أقوياء ببعضنا واستخدامات الطاقة النووية السلمية خيار المستقبل

في حديث لرئيس الوزراء مع صحيفة «الوطن» العمانية: //البحرين

جدد رئيس الوزراء سمو الشيخ خليفة بن سلمان آل خليفة في حديث خاص مع رئيس تحرير صحيفة «الوطن» العمانية محمد بن سليمان الطائي الدعوة إلى دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية إلى المبادرة بتوحيد وتعزيز سياساتها الاقتصادية، والتعاطي مع التطورات الراهنة كمجموعة اقتصادية واحدة، بهدف حماية المنطقة من أية أزمات تهدد اقتصادها حاضرا ومستقبلا. وأكد سموه أن التكامل الخليجي بات أمرا ضروريا ومصيريا لدول مجلس التعاون وخاصة أن العالم كله يتجه نحو إقامة التكتلات الاقتصادية، وهو ما يتطلب التعجيل في استكمال بقية الخطوات التي تدفع بخطى الاندماج والتكامل بين دول المجلس.

وقال سموه: «إن التحديات التي مرت بها المنطقة زادت من إيماننا بوحدة المصير، وإن التجارب التي مرت بها المنطقة علمتنا الكثير، وهناك قضايا وتحديات كثيرة لازالت تواجه دول الخليج». وأكد سموه ضرورة استيعاب الدروس المستفادة من الأزمة المالية العالمية الراهنة التي ألقت بتداعياتها على الجميع من خلال إدراك حقيقة أن استثمار الأموال في بلداننا هو الأضمن، والمبادرة إلى تكثيف وتيرة التعاون المشترك والتوجه إلى مزيد من التكامل في مختلف المجالات. وشدد سموه أهمية الدفع باتجاه تحقيق المزيد من التكامل بين دول مجلس التعاون، من خلال إزالة كل الحواجز والعقبات التي تعوق نمو النشاط التجاري والاقتصادي والاستثماري بينها، وأن يتاح لكل دولة عضو إمكانية الاستفادة من المزايا النسبية لبقية الدول الأخرى، إلى جانب قيام المزيد من المشاريع الإنمائية المشتركة القادرة على تحقيق قيمة مضافة لدول المجلس.

وقال سموه: «إن التعاون بين الدول الخليجية يجب أن يمتد إلى آفاق متقدمة تبني أسسا متينة، حتى يتحول ذلك التكامل إلى خيار رئيسي واستراتيجي لدول مجلس التعاون مع الاحتفاظ بحق أية دولة عضو في أن تتخذ ما تراه مناسبا من خطوات وسياسات سيادية تحقق مصلحتها». وأشاد سمو رئيس الوزراء بالعلاقات التاريخية التي تربط بين مملكة البحرين وسلطنة عمان الشقيقة، معربا عن ارتياحه لما وصل إليه التنسيق والتعاون بين البلدين والرغبة الصادقة في دعم وتعزيز العلاقات الثنائية لما يخدم تطلعات القيادتين البحرينية والعمانية، والشعبين الشقيقين البحريني العماني. وقال سموه: «إن الحدث التاريخي المتمثل في القمة الخليجية التي تستضيفها السلطنة يوم غدٍ (الاثنين) برئاسة السلطان قابوس بن سعيد، نحن على ثقة من أنها ستكون قمة ناجحة ثرية في قراراتها ومضمونها وتجديد للعزم على بذل كل الجهود التي تدعم خطوات التكامل بين دول المجلس» وفيما يتعلق بالملف النووي الإيراني، دعا سموه إلى حل كل المشاكل والقضايا بالحوار العقلاني، والتفاهم الذي يستند إلى المصالح المشتركة، وعدم انفراد أي طرف بخطوات أحادية الجانب قد تلحق الضرر بالأطراف الأخرى. وأكد سموه حرص المجموعة الخليجية على حل أزمة الملف النووي الإيراني بالوسائل السلمية، وبواسطة الحوار الذي يراعي حق كل دولة في استخدام الطاقة النووية للأغراض السلمية وتحت الإشراف الدولي لوكالة الدولية للطاقة الذرية. وفي السياق ذاته قال سموه: «إن مخاطر اندلاع مواجهة عسكرية محتملة تحتم على كل الأطراف ضرورة نزع فتيل إمكانية حدوث أية مواجهة جديدة في المنطقة لأنه لا مصلحة لأية دولة سواء من داخل المنطقة أو خارجها في حرب جديدة قد تدفع بالمنطقة بل والعالم بأسره إلى نفق مظلم لا يعلم أحد نهايته، أو مدى تداعياته على الجميع». أما على الصعيد المحلي، فقد أكد سمو رئيس الوزراء أن ما تشهده مملكة البحرين من تطورات سياسية واقتصادية بقيادة جلالة الملك وما توفره الحكومة من حوافز الاستثمار أدى إلى زيادة التدفقات الاستثمارية وشجع العديد من الشركات العالمية على تنفيذ مشاريعها الإنمائية في البحرين. وقال سموه: «إن هذا الإنجاز الذي أتاح ديناميكية جذب الاستثمارات لم يأتِ من فراغ، ولم يكن وليد المصادفة، وإنما كان نتاج عمل جاد، وجهود لم تتوقف، ودراسة وقراءة متعمقة للأوضاع الاقتصادية الإقليمية والدولية، وتطوير متواصل للبني التحتية، ووضع أطر تشريعية وتنظيمية ورقابية متطورة». كما أعرب سموه عن اعتزازه بما تشهده مملكة البحرين من تطور ديمقراطي وما تحقق من إنجازات حظيت بقبول وتجاوب كل أطياف الشعب البحريني، وأكد سموه أن عملية التطوير مستمرة بما يحقق الأهداف المرجوة للارتقاء بالوطن، وتحقيق المزيد من الرفاهية والرخاء للمواطنين... وفيما يلي نص الحوار:

*ما هي رؤيتكم لمسيرة العلاقات العمانية البحرينية وآفاق العمل المشترك بين البلدين؟

- نرحب بكم ، ونود أن نعرب عن تقديرنا لصحيفتكم، وما تقوم به من دور وطني متميز، وما تسهم به من جهود في نشر الثقافة، وإثراء معرفة القراء بكل ما يحيط بهم من أحداث بالكلمة الرصينة والرأي الحر والتحليل المدروس، وعتبنا عليكم أن الصحافة العمانية مقلة في زيارة البحرين، فما يربطنا بالأشقاء في عمان من علاقات قوية ومتينة تحتاج منا التواصل. ونحن نرى أن العلاقات التاريخية المتميزة التي تربط بين مملكة البحرين وسلطنة عُمان، والوشائج والصلات الحميمة التي تجمع بين قيادتي البلدين وشعبيهما الشقيقين، لا تحتاج منا إلى أدلة أو براهين، فهذه العلاقات تتحدث عن نفسها، وتتجسد واقعا حيا في مختلف المجالات، كما نؤكد ارتياحنا البالغ لما وصل إليه التنسيق والتعاون بين البلدين الشقيقين، والرغبة الصادقة في دعم وتعزيز العلاقات الثنائية لتحقيق تطلعات القيادتين، والشعبين الشقيقين، في تعزيز التعاون في المجالات السياسية والأمنية والاقتصادية والتجارية والصناعية، وغيرها من المجالات الأخرى. أما عن الحدث التاريخي والكبير المتمثل في القمة الخليجية التي ستستضيفها السلطنة برئاسة جلالة السلطان قابوس بن سعيد، فنحن نثق ونؤكد أنها ستكون قمة ناجحة ثرية في قراراتها ومضمونها وتجدد العزم على بذل كل الجهود التي تدعم خطوات التكامل بين دول المجلس.

*تستعد مسقط لاستضافة قادة دول مجلس التعاون الخليجي في قمتهم القادمة، كيف تنظرون إلى ما تحقق على صعيد التكامل الخليجي، وكيف تقيمون مسيرة المجلس الراهنة، في ظل الجدل حول تأخر تطبيق إجراءات التكامل الخليجي على معظم الأصعدة؟

- لقد حقق مجلس التعاون لدول الخليج العربية انجازات ومكاسب عديدة خلال مسيرته المباركة منذ تأسيسه في العام 1981وحتى اليوم، وقد صنعت هذه النجاحات كيانا سياسيا أشاع روح الوحدة بين الدول، حيث بات المواطن الخليجي يتنقل بحرية ويسر بين دول المجلس الست، وهناك تحرك دؤوب باتجاه تفعيل وتطبيق قرارات المجلس، التي تسمح للمواطنين الخليجيين بممارسة العمل بحرية في أي من دول المجلس، وكذلك تم مد مظلة التأمين الاجتماعي لتشمل المواطنين العاملين في غير دولهم بأية دولة من الدول الأعضاء في المجلس. إن مجلس التعاون هو حصيلة نموذجية لسياسات اقتصادية وسياسية، كما أن مجالات التعاون بين الدول الست الأعضاء شهدت وستشهد تطورات مهمة، سواء كان ذلك على صعيد بناء السوق الخليجية المشتركة والاتحاد الجمركي، أو السعي للوحدة النقدية بين هذه الدول تتوج بإصدار عملة خليجية واحدة. لكن الواقع يقتضي منا أن نعترف بأن هناك المزيد من الجهد الذي ينبغي أن يبذل، لتحقيق كامل تطلعات وآمال وطموحات الشعوب في دول المجلس، حيث أن شعوبنا تطالب بمزيد من التعاون والتشريعات الخليجية المشتركة، ليس في التنقل وحسب وإنما في جميع المجالات.

*ما رأيكم في انعكاسات الأزمة المالية الأميركية على الدول الخليجية... وهل ترون أن الإعلان عن عدم تأثر الأسواق الخليجية كثيرا بهذه الأزمة، يتمتع بالشفافية الكافية؟

- دول مجلس التعاون هي جزء حيوي من هذا العالم، ونظرا لطبيعة موقعها الجغرافي والسياسي، وأهميتها الاقتصادية لاحتوائها على أكبر مخزون نفطي في العالم، فإنها بدون شك تتأثر بما يحدث في محيطها الإقليمي والدولي، بالقدر نفسه الذي تؤثر فيه خارجيا، ومن هنا فإن هذه الدول تأثرت حتما بتداعيات الأزمة المالية العالمية، باعتبار أن هناك استثمارات لدول المنطقة في البنوك الأميركية والأوروبية، وما يهمنا هنا هو حجم وانعكاسات هذا التأثر، الذي نعتقد أنه لا يرتقي إلى مستوى تهديد اقتصاديات دولنا. نعتقد أن دول المنطقة تتعامل بشفافية كاملة في هذا الموضوع، فلم يعد هناك في عالم اليوم بثورته المعلوماتية الهائلة، ما يمكن إخفاؤه أو التعتيم عليه، وعلينا أن نسمي الأسماء بمسمياتها والبحث عن الأسباب التي أدت إلى هذه الاختلالات المالية تحسبا لدرء أية أزمات مستقبلية، ولقد حرصنا في البحرين ومنذ اللحظة الأولى على إعلان الحقائق بتفاصيلها مع اتخاذ التدابير الوقائية المطلوبة، مما حدا بمصرف البحرين المركزي إلى دعوة كل البنوك والمؤسسات المالية إلى الإسراع بنشر نتائجها المالية، وهو ما تجاوبت معه هذه البنوك على الفور.

*هل لدى مملكة البحرين نية في إقامة برامج نووية مدنية بالتنسيق مع دول المجلس الأخرى أو بشكل مستقل؟

- نحن أقوياء ببعضنا بعضا وثقتنا بدول المنطقة تعكس ارتباطنا المتوارث، ولم يعد هناك أدنى شك في أن الطاقة النووية واستخداماتها في المجالات السلمية، هي خيار المستقبل، ونحن في مملكة البحرين نعتبر أن هذه الطاقة هي خيار استراتيجي، وهو ما أكده جلالة الملك، خلال افتتاح الدور الثانية لانعقاد الفصل التشريعي الثاني لمجلسي الشورى والنواب، وطالب بضرورة مواكبة العصر، والتوجه لاستخدامات الطاقة النووية في المجالات السلمية، وذلك تكليلا لقبول عضوية البحرين في الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وقد شدد جلالته على أن هذا الخيار الاستراتيجي أصبح من ضمن الاستراتيجية التنموية في البحرين. وكما تعلمون فإن هناك توجها خليجيا وعربيا للبدء في برامج للاستفادة من الطاقة النووية الخاص بالاستخدامات السلمية.

*ما حجم الاستثمارات الأجنبية في البحرين... وما هي وسائلكم لجذب رؤوس الأموال الأجنبية إلى بلدكم؟

- نحن نحمد الله كثيرا على ما تحقق في بلادنا على صعيد جذب الاستثمارات المحلية والأجنبية، ونظرة واحدة على ما تشهده البحرين حاليا من نهضة عمرانية ومشروعات تقام في مختلف المناطق، تؤكد حجم ما تحقق، وقدرة المملكة على جذب المزيد من الاستثمارات، وهو ما يعكس اهتمام وثقة المستثمرين في البحرين، وفي مناخ الاستثمار والحوافز التي تقدمها الحكومة للمستثمرين في البحرين. ولعلكم تعلمون أن البحرين قد حصلت على أفضل تقييم على مستوى دول الخليج حول أداء اقتصادها في مجال استقطاب الاستثمارات الأجنبية المباشرة، واحتلت مرتبة متقدمة على مستوى دول العالم في هذا التقييم، كما جاءت في المرتبة الثانية على مستوى منطقة الخليج والتاسعة عالميا في مجال أداء التدفقات الاستثمارية الصادرة. وقد أظهر تقرير الاستثمار العالمي الذي أصدره مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية «أونكتاد» للعام 2008، أن البحرين قد استقطبت نحو 1.765 مليار دولار من الاستثمارات الأجنبية المباشرة في العام 2007، كما أنها تصدرت دول منطقة الشرق الأوسط في مجال الحرية الاقتصادية على مدى السنوات الأربعة عشرة الماضية، أي منذ العام 1995 وحتى الآن، وفقا للتقرير الصادر عن مؤسسة « هيرتج « الأميركية. ونحن نرى أن هذه المؤشرات الدولية والإقليمية، تؤكد أن مملكة البحرين هي الوجهة المفضلة للاستثمار من قبل الشركات العالمية، وهو ما يعززه ارتفاع عدد الشركات التجارية المسجلة في البحرين إلى نحو 77 ألف شركة، ووصول حجم الاستثمارات المحلية والأجنبية التراكمية المباشرة إلى 33 مليار دولار بنهاية العام الماضي.

*كم يمثل عائد السياحة في مملكة البحرين بالنسبة إلى الناتج المحلي الإجمالي للبلاد وما هي الخطوات التي تتخذونها لتعزيز هذا القطاع الحيوي والحفاظ على مملكة البحرين كدولة جاذبة للسياحة بمختلف أنواعها؟

- إن السياحة هي أحد القطاعات الاقتصادية الهامة والواعدة التي نعلق عليها أمالا كبيرة في مملكة البحرين، لدعم مسيرة النمو الاقتصادي وتنويع مصادر الدخل، فما تنفرد به البحرين من مزايا طبيعية وخصائص جغرافية وبشرية يؤهلها لأن تكون أحد أهم مناطق الجذب السياحي في المنطقة، كما أن السياحة تعد من أبرز القطاعات التي يمكن أن تساهم في تحقيق قيمة مضافة من خلال زيادة عدد الزائرين، وما يترتب على ذلك من تنامي حركة البيع والشراء ورواج الحركة الاقتصادية في المملكة. وهناك خطوات جيدة تحققت ومازالت تتحقق لتحويل المملكة إلى مركز إقليمي للسياحة في المجالات العلاجية والتعليمية وسياحة المؤتمرات والمعارض، فضلا عن البطولات الرياضية العالمية التي باتت تستضيفها مملكة البحرين، وتحقق من خلالها رواجا سياحيا كبيرا، وفي مقدمتها سباق السيارات العالمي السنوي «الفورمولا واحد».

*تنهج مملكة البحرين نهجا يقوم على الانفتاح السياسي والحوار مع كل الأطياف السياسية في الداخل... إلى أي مدى تثقون في نتائج هذا النهج وانعكاساته في إطار دعوة جلالة الملك للتوافق والمصارحة؟

- كما تعلمون، فإن لدينا كمجتمع خليجي وعربي عادات وتقاليد وأعرافا توارثناها على مر التاريخ عبر الأجداد والآباء، ومازلنا نتمسك بها وتشكل جزءا لا يتجزأ من نسيج مجتمعاتنا، ومن بينها ذلك التواصل الرائع بين المسئولين والمواطنين، فأبوابنا مفتوحة دائما أمام المواطنين، ولدينا في مملكة البحرين قنوات عديدة ومتاحة للتواصل مع المواطنين، كما أننا نفخر في الوقت ذاته بأننا دولة المؤسسات والقانون. وكما إننا منفتحون على الجميع فلدينا مجلس نواب منتخب ومجلس للشورى يضم نخبة من أهل الخبرة والحكمة والكفاءة، ويؤدي المجلسان دورهما كسلطة تشريعية على أكمل وجه. وبانفتاح كامل من الحكومة على التعاون مع المجلسين لإنجاح دوريهما، ويتم طرح كل الموضوعات التي تهم الشأن العام تحت قبة البرلمان بحرية كاملة، فضلا عن سن التشريعات المهمة، وتقديم الرغبات والمقترحات التي تصب في صالح الوطن والمواطنين. ولدينا أيضا مجالس بلدية منتخبة هي الأخرى ذات دور فاعل في التواصل مع المواطنين والبناء على ما أنجز من خدمات وبنى تحتية.

*ينهج مجلس التعاون سياسة توطين اليد العاملة المحلية وتأهيلها للحلول محل الأجانب. ماذا أحرزتم في هذا المضمار بمملكة البحرين؟

- نحن نهتم بتوطين العمالة البحرينية المؤهلة لتولي مختلف الوظائف سواء في القطاع الحكومي أو القطاع الخاص، ولتحقيق هذا الهدف فإننا نحرص باستمرار على تطوير مناهج ومخرجات التعليم، وربطها باحتياجات سوق العمل في البحرين، وننفذ برامج وخططا تدريبية تساعد على تأهيل البحرينيين لتولي مثل هذه الوظائف، بما يؤمن ويضمن الحفاظ على مستويات عالية من الإنتاج، وتحقيق قيم مضافة للاقتصاد الوطني. لدينا حاليا العديد من البرامج والخطط الهادفة إلى جعل المواطن البحريني هو الخيار الأول المطلوب في سوق العمل، مع الإقرار بحاجتنا إلى العمالة الوافدة المتخصصة والمؤهلة والمدربة. لقد شرعنا ومن خلال تطبيق البرامج التي أعدها مجلس التنمية الاقتصادية الذي يقوده ولي العهد سمو الشيخ سلمان بن حمد آل خليفة، في إعادة تنظيم سوق العمل، بما يؤدي إلى تحرير السوق ويحقق التوازن المطلوب بين العمالة الوطنية والوافدة، وأنشأنا صندوقا لتأهيل وتدريب البحرينيين، ونفذنا قبل ذلك وبدعم مباشر من جلالة الملك مشروعا وطنيا للتوظيف، نجح في توظيف العديد من أبناء وبنات البحرين، وقد ساهمت كل هذه الجهود في انخفاض معدلات البطالة.

*ما هي رؤيتكم لاتفاقيات المناطق الحرة لكل دولة خليجية على حدة مع التكتلات العالمية الكبرى، وما تأثير ذلك على مبادئ التكامل الخليجي؟

- إن التعاون بين الدول الخليجية يجب أن يمتد إلى آفاق غير متناهية وعلى أساس متين، ونحن نشدد دائما على أهمية التكامل بين دول مجلس التعاون ونرى أن هذا التكامل هو الخيار الرئيسي والاستراتيجي للدول الأعضاء في هذا المجلس، مع الاحتفاظ بحق أية دولة عضو في أن تتخذ ما تراه من خطوات وسياسات سيادية تحقق لها مصلحتها، وتصب أيضا في مصلحة هذه الدول وتشكل إضافة للتكامل المنشود.

*ما هي انعكاسات المواجهة الراهنة والمحتملة بين إيران والولايات المتحدة على الأمن في منطقة الخليج. وهل اتخذت البحرين خطوات استباقية في هذا الشأن لحماية مصالحها وأمنها الوطني؟

- نحن وإيران دولتان متجاورتان وشريكتان في هذه المنطقة الحيوية من العالم، ونحن جميعا أبناء هذه المنطقة معنيون بالتنمية وزيادة معدلاتها من أجل صالح دولنا وشعوبنا. وكما أكدنا دائما، فإن التنمية لا يمكن أن تتحقق إلا بتوافر عوامل الأمن والاستقرار، وبالتفاهم المشترك بين الدول على ضفتي الخليج، وعدم السماح بحدوث أي توتر، قد يؤثر سلبا على الأوضاع في المنطقة برمتها. نحن نعتقد أن خطر حدوث مواجهة عسكرية محتملة تحتم على كل الأطراف ضرورة نزع فتيل إمكانية حدوث أية مواجهة جديدة في المنطقة، ولأنه لا مصلحة لأية دولة، سواء من داخل المنطقة أو خارجها، في اندلاع حرب جديدة قد تدفع بالمنطقة بل والعالم بأسره، إلى نفق مظلم لا يعلم أحد نهايته، أو مدى تداعياته على الجميع. إننا ندعو دائما إلى حل كل المشاكل والقضايا بالحوار العقلاني، والتفاهم الذي يستند إلى المصالح المشتركة، وعدم انفراد أي طرف بخطوات قد تلحق الضرر بالأطراف الأخرى.

*دعا وزير الخارجية البحريني مؤخرا إلى إنشاء منظمة إقليمية تضم «إسرائيل» وإيران والعرب لمعالجة قضايا المنطقة. إلى أي مدى ترون هذا الطرح ممكنا في ظل الأوضاع والتوازنات القائمة حاليا؟

- لدينا موقف ثابت في مملكة البحرين يؤكد دعم كل الجهود التي تحقق الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط، بمشاركة كل الإطراف المعنية، كما نحرص على المساهمة في كل الجهود التي تدفع بعملية السلام العادل والشامل إلى الأمام، وبما يؤدي إلى إنهاء الاحتلال الإسرائيلي لكل الأراضي العربية المحتلة، واستعادة الشعب الفلسطيني الشقيق لحقوقه المشروعة، وفي مقدمتها حقه في إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف. وقد بادرت البحرين بالدعم والمشاركة في كل المبادرات العربية والدولية التي تدفع في هذا الاتجاه، بما في ذلك مبادرة السلام العربية ومقررات مؤتمر أنابوليس، وهي تؤكد دائما التزامها بقرارات الشرعية الدولية والقرارات العربية ذات الصلة، وتربط إقامة أية علاقات مع «إسرائيل»، بانتهاء احتلال الأراضي العربية، وتحقيق السلام العادل والشامل في الشرق الأوسط. ومن هذا المنطلق فإننا ننظر إلى دعوة وزير الخارجية، وهو أحد أعضاء الحكومة ويعبر عن مواقف المملكة، بإنشاء منظمة إقليمية تضم كل الأطراف في المنطقة لمعالجة القضايا والمشاكل التي طال أمدها وباتت تؤثر بشكل خطير على التنمية، على أنها دعوة تنبع من الرؤية العقلانية والمنفتحة، التي تستند إليها مملكة البحرين في النظر إلى سبل تسوية قضايا المنطقة.

*ما هي القضايا التي ترونها أكثر إلحاحا للطرح على جدول أعمال قمة مسقط الخليجية المقبلة من وجهة نظركم؟

- لا شك في أن التحديات التي مرت بها المنطقة زادت من إيماننا بوحدة المصير، وأن التجارب التي مرت بها المنطقة علمتنا الكثير وهناك قضايا وتحديات كثيرة لازالت تواجه دول الخليج، ونحن نثق في حكمة وقدرة قادة دول المجلس، في التعامل مع هذه القضايا ومواجهة التحديات والخروج بقرارات ورؤى وتصورات واضحة تحقق مصالح الدول الأعضاء وتصب في مصلحة شعوب هذه الدول. نعتقد أن الأزمة المالية العالمية ستتصدر اهتمامات القمة المقبلة، ونتوقع أنها ستحظى بمناقشة مستفيضة من طرف القادة، وسيتم تحديد آليات التعامل الجماعي مع هذه الأزمة التي تضرر منها الجميع، والسعي لتفادي أثارها السلبية والتخفيف من تداعياتها على دول المنطقة، وخاصة أن هذه الأزمة ستكون أيضا محور اهتمام ومناقشات القمة العربية الاقتصادية، التي ستعقد في الكويت خلال شهر يناير/ كانون الثاني المقبل، وهو ما سيؤدي إلى وجود موقف خليجي وعربي جماعي في التعاطي مع هذه الأزمة. نحن نجدد الدعوة إلى أن تبادر دول المجلس بتوحيد سياساتها الاقتصادية، والتعامل كمجموعة اقتصادية واحدة مع التطورات العالمية، لحماية المنطقة من أية أزمات قد تهدد اقتصادها سواء في الحاضر أو المستقبل

العدد 2305 - السبت 27 ديسمبر 2008م الموافق 28 ذي الحجة 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً