طالب خطيب الجمعة بجامع عالي الكبير الشيخ ناصر العصفور، بالابتعاد عن التجاذبات والخوض في أمور شكلية وهامشية وربما تافهة، مضيفا: «إننا في شهر الخير والبركة والرحمة والغفران وهو ما يمثل لنا محطة روحية ومعنوية جاذبة للمحاسبة والمراقبة والمراجعة في مجال النفس والعلاقة مع الله تعالى وفي الجوانب الروحية والمعنوية وفي مجال العلاقات الاجتماعية والروابط أن نغتنم هذه الفرصة لتصحيح الكثير من أوضاعنا وقبل ذلك تصحيح دواخلنا وإصلاح أنفسنا».
وتطرق العصفور قائلا: «هناك قضايا لابد من التركيز عليها وإعطائها حقها من البحث والتحليل والمعالجة لكون مثل هذه القضايا تلعب دورا أساسيا ومحوريا هاما في حياة الناس والمجتمعات والأمم، ويأتي في مقدمة هذه القضايا طريقة تفكيرنا وتعاطينا مع الأمور ومدى قدرتنا على التعامل مع مختلف القضايا وملاحظة الأولويات, فنحن كثيرا ما ندخل في حالات من الجدل الطويل والعريض لمجرد افتراضات لاواقع لها أو مجرد احتمالات نتيجة تفسيرات لمواقف أو أقوال صدرت من هذا أو ذاك وما هي النتيجة؟ لاشيء سوى الإثارة والبحث عن ردود أفعال هنا أو هناك بحيث نشغل ساحتنا بها, ولنا أن نسأل لماذا تأخذ الأمور الصغيرة والهامشية مساحة واسعة وكبيرة من فكرنا وجهدنا وقدراتنا وعواطفنا وتفكيرنا».
وأضاف: «كل ذلك يتم على حساب القضايا الكبيرة والحيوية. أنظروا ماذا يشغل ساحتنا دائما وفي كل الأوقات؟ وماهي القضايا التي أصبحت مدار حواراتنا وموضع جدلنا في مجالسنا ومنتدياتنا غير الانهماك في حالة التجاذبات والخوض في أمور شكلية وهامشية وربما تافهة بحيث تحولت وكأنها قضايا مصيرية, وإذا ما وجدنا الساحة غير ملتهبة وهادئة من المناكفات والمناوشات اللفظية برزت لنا مشكلة هنا وطرحنا ما نتناوش عليه وحوله وكأننا بحاجة إلى المزيد من المشكلات والتعقيدات لندخل في جدليات عقيمة لانجني منها غير الضرر والخواء والضعف ومزيدا من الانقسام. هذه قضية تحتاج منا إلى معالجة دقيقة وجدية, وهذا ما يقع على عاتق العلماء وأهل الفكر والنظر من مربين وموجهين في المجتمع في البحث عن الأسباب وطرق معالجة هذه الظواهر وكيفية التخلص من السلبيات التي تكتنف حياتنا وتفتك بما تبقى من روابط وعلاقات جراء التشضيات والتقسيمات والتصنيفات التي ابتليت بها مجتمعاتنا وما نتج عنها من تداعيات خطيرة في واقعنا. إن السكوت والتغاضي عنها طوال سنوات مضت أدى إلى تراكم هذه المشكلات وتضخمها». واختتم حديثه متسائلا: «هل هذا هو قدر مجتمعنا أن تكتنفه هذه الظواهر السلبية من تراشق وتنابز جراء التخندق الفئوي والطائفي الذي لايجلب إلا مزيدا من التشرذم والانقسام والعداوة والفرقة. كيف لنا أن نخرج من هذه الحالة المزرية إلى فضاء أوسع وأرحب بحيث نرتقي بتفكيرنا وطريقة تعاطينا مع مختلف القضايا والأمور ونعمل على تصحيح علاقاتنا ونتوصل إلى معالجة أوضاعنا ونتعاون على حل مشكلاتنا؟».
العدد 2549 - الجمعة 28 أغسطس 2009م الموافق 07 رمضان 1430هـ