طالعتنا الصحف المحلية بتاريخ 12 أغسطس/ آب 2009 م ببيان صادر عن وزارة الداخلية بينت فيه ما تم في مجلس اللوردات البريطاني الذي استمع الحاضرون هناك إلى شهادة أدلى بها ميثم بدر جاسم الشيخ، حيث ورد في البيان «أن المواطن ميثم بدر الشيخ قد قدم إدعاء عاريا تماما عن الصحة أمام مجلس اللوردات البريطاني بتاريخ 6 أغسطس 2009 عن تعرضه للتعذيب فور القبض عليه بتاريخ 21 ديسمبر/ كانون الأول 2007 ما نتج عنه إصابته بمرض خطير».
وذكر البيان في ثنايا فقراته، عبارة تدعو للقلق والمراجعة، وهي بحسب ما نقلته الصحافة «ومن الأهمية التأكيد أن آثار مثل هذه الادعاءات تؤثر سلبا بعدم التركيز على الوفاء بحقوق الإنسان والتمتع بحرياته».
وما يدعو للقلق ويفرض المراجعة الجادة لمثل هذا التصريح الوارد بالذات في هذا العبارة، هو أن هذه «الشهادة» أو «الادعاء» بحسب تعبير البيان «يؤثر سلبا على الالتزام بالوفاء بحقوق الانسان والتمتع بحرياته»، وفي ذلك تهديد مبطن ووعيد وتخويف من جهة رسمية للمجتمع لثنيه عن أية جهود لكشف بعض الأمور وتكريس مبادئ الحقوق الفردية والاجتماعية.
في حين يفترض المراقبون والحقوقيون أن مثل هذه الشهادات أو الادعاءات إنما يجب أن تدفع الجهات الرسمية إلى تنشيط الجهود وتوجيهها إلى التحقق من صحتها أو بطلانها، وليس المسارعة لنفيها وإنكارها، وخصوصا أن باب الانتصاف والمقاضاة الداخلية موصد أمام المدعين، فقد رفض القضاء والنيابة العامة النظر في دعاوى رفعها ضحايا تجاوزات وانتهاكات، حيث إن 8 قضايا تقريبا، تتعلق بالانتهاك والتعذيب أغلق القضاء المحلي أمامها الأبواب ورفضت الدعاوى أساسا، مستندة - الجهات الرافضة - على ما يبدو إلى المرسوم بقانون رقم 56 لسنة 2002 غير الدستوري.
إن نصوص ميثاق العمل الوطني والدستور والقوانين المعمول بها في البلاد، والمعاهدات التي انضمت إليها الدولة وصادقت عليها، تقضي بمنع وتحريم التعدي على الحقوق وممارسة الانتهاكات التي قد ترد على لسان الكثير كدعاوى أو شكاوى يصدح بها المفرج عنهم أو المنتهكة حقوقهم. وما يجب أن يفضي إليه كل ذلك، هو الالتزام واحترام تلك النصوص الواضحة والتي لا يعتريها ريب أو غموض والتي تؤكد على احترام حق الضحية في إظهار الحقيقة والانتصاف ورد الاعتبار.
ففي الميثاق الفصل الاول في باب كفالة الحريات الشخصية والمساواة، الفقرة (3) (لا يجوز بأي حال تعريض أي إنسان لأي نوع من أنواع التعذيب المادي أو المعنوي، أو لأية معاملة غير إنسانية أو مهينة أو ماسة بالكرامة، ويبطل أي اعتراف أو قول يصدر تحت وطأة التعذيب أو التهديد أو الإغراء. وبصفة خاص يحظر إيذاء المتهم ماديا أو معنويا ويكفل القانون توقيع العقوبة على من يرتكب جريمة التعذيب أو الإيذاء البدني أو النفسي).
وما جاء في الدستور في المادة 19 الفقرة د (لا يعرض أي إنسان للتعذيب المادي أو المعنوي أو للإغراء أو للمعاملة الحاطة بالكرامة، ويحدد القانون عقاب من يفعل ذلك. كما يبطل كل قول أو اعتراف يثبت صدوره تحت وطأة التعذيب أو بالإغراء أو لتلك المعاملة أو التهديد بأي منها).
وما جاء في قانون الإجراءات الجنائية في الفصل الثالث المادة 61 (لا يجوز القبض على أي إنسان أو حبسه إلا بأمر من السلطات المختصة بذلك قانونا، كما يجب معاملته بما يحفظ عليه كرامة الإنسان، ولا يجوز إيذاؤه بدنيا أو معنويا).
وما جاء في العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية في المادة 7 (لا يجوز إخضاع أحد للتعذيب ولا للمعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو الحاطة بالكرامة...) وفي المادة 10 الفقرة 1 (يعامل جميع المحرومين من حريتهم معاملة إنسانية، تحترم الكرامة الأصيلة في الشخص الإنساني).
وما جاء في اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة في المادة 2 الفقرة 2 (لا يجوز التذرع بأية ظروف استثنائية أيا كانت، سواء أكانت هذه الظروف حالة حرب أو تهديدا بالحرب أو عدم استقرار سياسي داخلي أو أيه حالة من حالات الطوارئ العامة الأخرى كمبرر للتعذيب) وفي الفقرة 3 (لا يجوز التذرع بالأوامر الصادرة عن موظفين أعلى مرتبة أو عن سلطة عامة كمبرر للتعذيب).
كل هذه النصوص بوضوح مدلولاتها، وتنوع حيثياتها تأطر وتأسس للسلطة والمجتمع، مؤسسات وأفراد على السواء، لأن يتعاملوا مع أي سلوك يصدر عن أي طرف كان، تنطبق على سلوكه صورة من صور الانتهاك والتعذيب الجسدي أو النفسي، البدني أو المعنوي، الحاط بالكرامة الإنسانية أن يقف الجميع - سلطة ومجتمعا - موقف التمنع والرفض بشكل مطلق وصريح حياله. ما يفرض حالة من التدافع لتأكيد وتكريس حق الشكوى والتظلم من قبل أي طرف كان يتمتع بحقوق وتقع عليه واجبات الوطن والمواطنة.
وهنا نؤكد على حقنا - كمجتمع عزيز كريم وحر - في وجوب تجنب أية جهة تنفيذية رسمية لطرح مثل هذه التهديدات المبطنة؛ لأن الوفاء بحقوق الإنسان والتمتع بحرياته ليس ورقة يمكن أن يساوم عليها أحد لا النظام ولا المجتمع. ومن جهة أخرى يتعين على السلطات التنفيذية والقضائية الركون إلى خيار فتح الباب أمام المتظلمين للتقاضي في المحاكم المحلية والاحتكام للعدالة محليا. حيث تشير المادة 20 من الدستور والفقرة (و) منها إلى أن (حق التقاضي مكفول وفقا للقانون) وهذا النص عام ومطلق يشمل حق التقاضي للجميع، ويشمل الحقوق جميعها التي وردت في الدستور والقانون والمعاهدات والاتفاقيات التي انضمت إليها الدولة. وإلا فإن أبواب الخارج مفتوحة أمام الضحايا للتقدم بشكاواهم من أجل الحقيقة والانتصاف.
لذا فإنه من التعدي والانتهاك الواضح أن لا يجد الإنسان في البحرين السبيل للتقاضي في قضايا التعذيب، والتي يدلل على أنها مشكلة يعاني منها من يبحث عن الانتصاف عبر القضاء. وإلا فكيف يتمكن المواطن من أن يحرز حقه وحرياته المقررة في القانون وهو يحرم من الوسيلة التي كفلها له الدستوروالقانون للتقاضي الداخلي.
على أنه تجدر الإشارة هنا إلى أن ردا قد يأتي بأن أبواب المحاكم مفتوحة، ولكن نرد على ذلك سلفا أو مقدما، لماذا تم رفض الدعاوى التي رفعت ضد معذبين وجلادين مارسوا الانتهاكات التي أفضت إلى أضرار وصلت إلى حد القتل والحرمان من الحياة؟.
إقرأ أيضا لـ "هادي حسن الموسوي"العدد 2547 - الأربعاء 26 أغسطس 2009م الموافق 05 رمضان 1430هـ
تسلم يا سيد
تسلم ياسيد،الله يعطيك العافية،فلقد نصرت بمقالك المظلوم وفضحت المجرمين .
حاولت أن أقرأ مقالك أكثر من مرة لأرى كيف يمكن أن تلبس بشماعة الطائفية،ولم أجدها
ولكني وجدت الطائفية في تعليقات البعض ممن يغض النظر عن تعذيب أجهزة الداخلية للمعتقلين من المذهب الآخر،هؤلاء هم طبالة السلطة اولن يمدوحك إلا عندما تكون مثلهم.
لا للطائفية
من قال لكم بأن الشارع راضي عن التخريب في الممتلكات الخاصة والعامة اياً كان مالكها فعلمائنا دائماً يذكرونا بحرمة الاعتداء على الغير ان كان في ماله او عرضه ولكن تعرف يامن تتهمنا بالطائفية ان الشباب من المراهقين لايقتنعون بأي شئ ولابد ان لديك ابن مراهق لا يقبل بأي نصيحة فيها مصلحته وتذكر ان كل شئ له سبب وأنت تعرف السبب ولكن أذكرك يامن تتهمنا بالطائفية ان من احب فعل قوم حشر معهم وكل ظالم ليه يوم فالفرج قريب إن شاء الله قبل انتهاء شهر رمضان سيزول من اقلق الناس وجعل ليلهم نهار......
تحليل من طرف واحد
واضح جدا انك ظائفي..و تحليلك و مقالك مكتوب دون ادله و براهين..و كما هو معروف ان المرسوم بقانون رقم 56 لسنة 2002 معمول به على جميع البحرينين..و الا سوف اقاضي من خرب و لا يزال يخرب ممتلكاتي..و اطالب بتعوضات بم اهدر و خرب من موارد و اصول لثروتي..لكن المرسوم بقانون رقم 56 لسنة 2002 يطالب الناس بل تسامح و ان يكون الناس متساوين و بدء بصفحه جديده بيضاء..لكن المنظور الطائفي لديكم لا يسمح لذلك..فأبدء بصفحه جديد بيضاء..و ابدء بأن تكون وطني و ليس طائفي في مقالاتك..الله يستر عليك..و شكرا
تحليل واقعي
المشتكى لله وهو الذي سيقتص من جميع الظالمين، والذين أزهقوا أرواحا بريئة، وعذبوا أجسادا، وأسلوا الدماء، فلا حرمة للنفس في بلدنا.
تحليل غير منطقي
تحليلك غير منطقي أبداً بل هو للأسف طائفي