بكل تقدير نتوجه برسالة أخرى إلى المسئولين وعلى رأسهم وزير شئون البلديات والزراعة جمعة الكعبي الذي قال في تصريح صحافي أمس «إن الزراعة في البحرين تشهد تحديا كبيرا في ظل التوسع العمراني الذي بدأ يستولي على مساحة الأراضي الزراعية».
هذا الكلام فيه شيء من الصحة لكنه ليس صحيحا بالكامل والدليل أن «العشوائية» التي يعيشها المواطن البحريني في مناطقه السكنية (التي وعد المسئولون بالنظر فيها) - عدا مشاريع المدن الاستثمارية - هي تماما ما تعيشه مناطقنا الزراعية، وهو ما يناقض استراتيجية رؤى 2030.
إن إبقاء مساحة زراعية واحدة في البحرين ليس سببه الزحف العمراني بقدر ماهو حالة من «اللا قانون» في مسألة حماية المساحات الخضراء، وعليه لاتوجد حماية للبيئة. فلو كان القانون مفعّلا لكانت المساحات الخضراء في مأمن وبخير، ولكن الدليل على عكس ما يقوله الوزير ما يحدث حاليا في مزارع «عالي».
ما حدث بالأمس، وما يحدث اليوم وغدا يقول لنا انه لا توجد آذان صاغية لمعالجة مشكلة الزراعة، فما هو موجود من أراضي إما خاص (أكثرية الأراضي) أو انه عام يدمر إربا إربا دون محاسبة.
جميل أننا نخرج بأفكار وبمشاريع مستقبلية تعمل لصالح العام، ولكن مصلحة الصالح العام أيضا في البلاد تنصب بالدرجة الأولى في تفعيل قوانين تحمي الزراعة وإيجاد حلول حقيقية. أما تدمير البيئة ومزارع عالي لإقامة جامعة خاصة (بحجة حل أزمة الإسكان)، أو التعذر بتحويل هذه البقع إلى حديقة عامة أمر لا يصدق، لأنه قلما وجدنا حديقة عامة بمعناها الصحيح والمتكامل في مناطقنا السكنية. ولو أردنا جدّيا أن نقيم حديقة عامة كبيرة على غرار حدائق لندن الشهيرة مثل هايد بارك وغرين بارك وسانت جايمس بارك، لكان هناك مقترح آخر بفتح المزارع التي يقال انها الخاصة وتحويلها إلى حدائق عامة، والكف عن اقتلاع الأخضر من الأراضي قسرا.
كل ما جاء ذكره سلفا من المسئولين لا يقوله الواقع الذي تعيشه الزراعة في البحرين ولا يتماشى مع المخطط الهيكلي للدولة في المحافظة على الرقعة الخضراء، التي بدورها لن تدعم أي أمن غذائي من منتج محلي، لا في التمور ولا غيره من الخضراوات والفواكه، ولا حتى في علف الحيوانات مادام الشعار «لا قانون...لا زرع»!
إقرأ أيضا لـ "ريم خليفة"العدد 2546 - الثلثاء 25 أغسطس 2009م الموافق 04 رمضان 1430هـ