يقلد الرئيس الأميركي باراك أوباما المناضلة الحقوقية المعروفة ماري روبنسون ميدالية الحرية لحقوق الإنسان في البيت الأبيض قريبا.
السيدة ماري روبنسون هي أول امرأة تتقلد رئاسة جمهورية أيرلندا من العام 1992 حتى 1997، والمفوض السامي لحقوق الإنسان في الفترة ما بين 1997 حتى 2002 ورئيسة الكثير من المنظمات الحقوقية الدولية ومنها المركز الدولي للحقوقيين (ICJ) ومنظمة تحقيق الحقوق - المبادرة الأخلاقية العالمية. تهتم هذه المنطقة بالدفاع عن الفئات الضعيفة في المجمعات مثل النساء والمهاجرين والأطفال وذوى الاحتياجات الخاصة في مواجهة تأثيرات العولمة المتوحشة.
ماري روبنسون شخصية حقوقية تركت بصماتها حيث ما عملت في بلدها أيرلندا أوفي أوربا وعلى امتداد العالم. تقلدت ماري روبنسون الكثير من المناصب وقامت بالكثير من المهام. حصلت على درجة الحقوق من كلية ترفني كولج بدبلن وواصلت دراستها في هارفارد حيث حازت على درجة الدكتوراه جمعت ما بين العمل الإكاديمي والحقوقي والسياسي. فقد كانت مدرسة في كلية ترنتي كولج طوال الفترة 1968 حتى 1990 وفي ذات الوقت فقد كانت سناتورا في الفترة ما بين 69 - 1989، ومحامية في ذات الوقت تترافع في قضايا حقوق الإنسان، ووصلت إلى درجة المستشار الحقوقي لدى السوق الأوربية المشتركة (الاتحاد الأوربي لاحقا) وفي اللجنة البرلمانية الايرلندية لحقوق الإنسان أسست مع زوجها المركز الأوربي للقانون في كلية ترنتي وأضحت مفوضة الكلية في العام 1998 انتخبت كأول امرأة لرئاسة جمهورية أيرلندا للفترة ما بين 1992 - 1997.
وبسبب سجلها الحافل في حقوق الإنسان، انتخبت لمفوض بام لحقوق الإنسان للأمم المتحدة للفترة ما بين 1997 - 2002. ورغم إلحاح الأمين العام للأمم المتحدة كوفي عنان بالطلب منها حينها بتجديد ولايتها، إلا أنها رفضت ذلك في ضوء سياسة الولايات المتحدة في ظل جورج بوش الابن بازدراء حقوق الإنسان، وبنسحابها من مجلس حقوق الإنسان، وانسياق الغرب وراء الولايات المتحدة في ما عرف بالحرب على الإرهاب، والذي تحول إلى حرب على حقوق الإنسان.
يعرف شعب البحرين مارى روبنسون من خلال زيارتها إلى البحرين في يناير/ كانون الثاني 2002، في مرحلة واعده بالتوجه لإقامة مملكة دستورية تصان فيها حقوق الإنسان وتعزز ويجرى فيها إنصاف ضحايا عقود من حكم أمن الدولة. جاءت ماري روبنسون إلى البحرين حينها لتسهم في هذا التحول المطلوب، بعد أن رفضت عدة مرات دعوات للزيارة في مرحلة التسعينيات المقيتة، حتى لا تستخدم زيارتها لتبرير الانتهاكات الفاضحة لحقوق الإنسان.
أثناء زيارة روبنسون للبحرين، أضحى معروفا أن دستورا جديدا سيصدر وأن نظام المجلسين سيعتمد. ولقد سبق زيارتها زيارة للقاضي لويس جوانية رئيس لجنة الاعتقال التعسفي، في ديسمبر/ كانون الأول2001، حيث نشر تقريره الشهير حول ضحايا التسعينيات، والتقي كبار المسئولين وتفقد السجون. كانت روبنسون على معرفه جيده ملف حقوق الإنسان في البحرين وتبعاته. التقت روبنسون بجلالة الملك وسمو رئيس الوزراء ووزير الخارجية ووزير العدل. كانت رسالتها واضحة وهي أن الدستور الجديد يجب أن يحظى بموافقة الشعب. وأن يكون مجلس الشورى منتخبا من منظمات المجتمع المدني ومؤسسات القطاع الخاص، وأن يجرى تفعيل العدالة بحق ضحايا المرحلة السابقة، وأن تحصن البلاد لئلا تعود ممارسات مرحلة أمن الدولة.
كان لي الشرف كعضو في وفد الجمعية البحرينية لحقوق الإنسان أن التقت السيدة ماري روبنسون في مقر الأمم المتحدة بحضور الدكتور خالد علوش ممثل المنظمة الدولية ومساعديه. وكان لقاء مفهما بالمشاعر فقد كنت التقيها وأنا في المنفى خلال دوارت لجنة حقوق الإنسان واللجنة الفرعية لحقوق الإنسان السنوية في جنيف. كنت مطاردا حينها، لكنني التقيها هذه المرة مطمئنا وعلى أرض وطني كعضو في منظمة حقوقية مشروعة. خلال الاجتماع سلمت الجمعية للسيدة ماري روبنسون عريضة كتبت على طاقة قماش ووقعها المئات من الحقوقيين وضحايا القمع يشكرونها على الجهود التي بذلتها كمفوضة لحقوق الإنسان. ويطالبونها بدعم مطلبهم المحق وهو إنصافهم لما لحق بهم من ظلم طوال عقود. الحقوقيون البحرينيون يعرفون مارى روبنسون جيدا من خلال تعاملهم مع مكتب المفوضية ودور ماري روبنسون شخصيا في نصره قضية الحرية وحقوق الإنسان في البحرين، كما في فلسطين وعلى امتداد القارات الخمس. وكما وصفتها منظمة العفو الدولية «فهي مدافعة عن حقوق الإنسان وعن المهمشين دون أن ننحني أمام الضغوط».
التقيتها مؤخرا مع الأخ عبدالجليل النعيمي خلال المؤتمر الدولي لمكافحة الفساد في أثينا في أواخر أكتوبر/ تشرين الأول 2008. وبعد انتهاء الندوة التي شاركت فيها، ذهبنا إليها وسلمنا عليها وشكرناها على جهودها. ماري روبنسون ومكتب المفوض السامي كانا مستعدان لدعم مملكة البحرين في المرحلة الجديدة. فقد عرضت على حكومة البحرين التوقيع على اتفاقية التعاون الفني ومن خلالها يوفر المكتب التدريب والتأهيل للرسميين المناط بهم إنفاذ القانون من ضباط الشرطة والنيابة العامة والقضاة ودعم منظمات المجتمع المدني الحقوقية. لكن حكومة البحرين لم ترغب في ذلك وضيعت فرصة ثمينة للاستفادة من خبرات المنظمة الدولية.
ماري روبنسون تستحقين كل التقدير والامتنان من شعب البحرين.
إقرأ أيضا لـ "عبدالنبي العكري"العدد 2545 - الإثنين 24 أغسطس 2009م الموافق 03 رمضان 1430هـ