ماذا يحصل عندما ينتقل «ساتورن إلى الميزان مشكلا مربعا مع بلوتو في الجدي»؟ تجيب إحدى الفلكيات اللبنانيات بأنه ستقع الحرب أو تندلع مواجهة ساخنة ومدمرة.
ماذا يعني «وجود كوكب جوبيتر في برج الدلو»؟ تجيب فلكية لبنانية أخرى بالقول «نهاية بعض الأنظمة التعسفية».
إنها «سنة الأزمات العنيفة» و «سنة تقشف» وسنة تتراجع فيها «البحبوحة المالية». إنها سنة «البطالة في العالم» و «الشرق الأوسط» سيشهد تغييرات كثيرة. هناك في العام 2009 «خريف غير جيد في منطقتنا» كذلك «أزمات قد تبلغ حد الحروب عالميا».
سنة 2009 ستكون بحسب توقعات الفلكيات اللبنانيات «بداية مرحلة عالمية جديدة». لا تعرف الفلكيات كيف سيحصل الأمر لكنه سيحصل كما تقول لغة الحسابات الفلكية الدقيقة في تأثيراتها وتذبذباتها وانعكاساتها الكونية السلبية والإيجابية على الكرة الأرضية.
العالم سيتغير. أميركا ستبقى دولة كبرى ولكنها لن تعود أميركا كما كانت. هناك نظام كوني جديد ترتبه لنا حركة الكواكب والأجرام والنجوم والمذنبات في السماء. ومن تلك الحركة التجاذبية سيعاد تشكيل مراكز القوى على الأرض إذ ستتراجع بعض الدول ويتقدم بعضها ما يؤدي إلى نهوض انتفاضات وحركات عنف ومنظمات متطرفة ومجموعة حروب أهلية واغتيالات وهزات وفيضانات تجرف معها الكثير ويبقى الكثير.
برأي الفلكيات أن 2009 ستكون اسوأ سنة مرت على البشرية منذ سنوات وعقود وهي تشبه في حركاتها الكوكبية تلك الفترة التي شهد فيه العالم سلسلة مواجهات دامية وعنيفة أودت بالأنظمة وأسقطت ديكتاتوريات وأزاحت قيادات عن خريطة السياسة العالمية.
لماذا العام 2009 تحديدا؟ تجيب الفلكيات لأنه في هذه السنة ستحصل ست حالات خسوف وكسوف بينما العادة الكونية تحصل فيها أربع حالات خسوف وكسوف. الزيادة في الكمية سيئة وهي تؤشر إلى نوع من الاضطراب الفلكي ما يؤدي إلى اضطراب كوني يزعزع الاستقرار وينشر الفوضى ويهز الدول ويسقط بعضها ويعدل من مسار بعضها الآخر. لبنان مثلا سيبقى تحت الخطر وحركة النجوم وتجاذب الكواكب فوقه تشير إلى فضاء من القلق يحيط به وصولا إلى أن «الحرب ممكنة». فلسطين أيضا لن تكون في مكان آمن لأن المفاوضات الجارية ستتعثر وستقوم بديلا عنها مجموعة «حلول أشبه بالسحر» ولكنها ستتعثر «في اللحظات الأخيرة».
السنة التي سيدخلها العالم بعد أسبوع ستكون كما تقول حسابات الفلك سيئة للغاية وخصوصا في الخريف المقبل وتحديدا في شهر نوفمبر/ تشرين الثاني 2009. فهذا الشهر سيشهد تقلبات مذهلة وحوادث عنف واضطرابات واغتيالات وفوضى ستجرف معها الكثير من الدول الكبرى والنامية والواعدة. الكوارث إذا لن تقتصر على الدول التي تقود الآن العالم اقتصاديا وسياسيا وعسكريا وإنما أيضا ستهدم تلك الدول التي ترجحها التحليلات بأنها ستكون البدائل (قوى صاعدة) عن مراكز القوى الهابطة. المصائب ستكون شاملة للكون ولن تميز بين الكبير والصغير والقوي والضعيف لأن الفلك يمر في مرحلة إعادة ترتيب لكواكبه وأجرامه ونجومه ومذنباته.
هناك عصر عولمة يختلف في تكويناته وتلويناته عن ما عهدته البشرية من قبل وتعارفت عليه واستقرت به واعترفت بشروطه. فهذه السنة ستكون كارثية أكثر على الدول الكبرى، إذ ستتعرض مباشرة لاهتزازات عنيفة تتشكل في ضوء تحولاتها ومتغيراتها صورة العالم الجديد وهي تعتبر في علم الفلك بداية مرحلة كونية جديدة.
عادة كانت الفلكيات اللبنانيات يشرن سريعا إلى التحولات العالمية وما تتوقعنه من حوادث ستحصل في الدول الكبرى. كانت تركز جهدهن على «الشرق الأوسط» الكبير والصغير بصفته يشكل بؤرة عنف واضطراب مقابل نمو وتطور دول الشمال (أوروبا وأميركا) أو الشرق (الصين واليابان). هذه المرة انقلبت العادة وتحولت غالبية الكوارث من الجنوب إلى الشمال ومن العالم المتخلف (اقتصاديا وسياسيا وثقافيا) إلى العالم المتقدم والقوي والمسيطر. العنف والاغتيالات والمواجهات الدموية والاضطرابات لن تكون في لبنان وفلسطين فقط كما كانت عادة التوقعات السابقة بل ستتجه إلى الشمال لتجرف معها اوروبا وأميركا وأيضا البرازيل والصين والهند.
الشمال أسوأ من الجنوب
هكذا تتوقع الفلكيات. العنف والتطرف سيجتاحان الصين وإيطاليا والولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وستكون الخضات وحركات الاحتجاج قاسية ورهيبة قد تصل إلى الفوضى العارمة وربما اصطدامات أهلية دموية. أما يوغوسلافيا (المنشطرة إلى أجزاء أصلا) وألبانيا وبلغاريا واليونان والهند وافغانستان والعراق والبرازيل وتركيا ستمر في حالات أسوأ لأن الاضطرابات ستطلق حركات فوضوية وستتولد عنها مجموعة حروب أهلية مدمرة.
كل العالم تقريبا باستثناء أستراليا ونيوزيلندا وإفريقيا وروسيا ومعظم العالم العربي وبعض أميركا اللاتينية ستكون في مجموعها في حال من الاستقرار النسبي قياسا بتلك الكوارث التي ستسقط على دول الشمال وتحديدا أوروبا الشرقية.
هذا لا يعني أن «الشرق الأوسط» لن يشهد تغييرات وعثرات واغتيالات وتشويه سمعة وإسقاط «أنظمة تعسفية» إلا أن اضطراباته وفوضاه لن ترتقي إلى ذاك المستوى المدمر الذي أشارت الفلكيات إلى دولها بالاسم. هناك نوع من الشراكة الدولية في المصائب وستكون هذه المرة من نصيب الدول الكبرى (الغنية والقوية) إذ ستنال الحصة النسبية الأكبر قياسا بالدول المسكينة والفقيرة والمستضعفة كما هو حال إفريقيا مثلا.
نحن إذا على أعتاب تشكل نظام كوني جديد في العام 2009 ولن تقتصر التغييرات على هيئته السياسية وإنما سيتعرف العالم على ثورة جديدة «في الاتصالات والإنترنيت» سيكون لها تأثيرها الدولي يتجاوز تلك التي أحدثتها الثورة التقنية والفضائيات في تسعينيات القرن الماضي. وستلعب هذه الثورة التقنية دورها في نشر الفوضى وتسهيل عمليات النهب والسرقة والنصب والقرصنة ما يؤدي إلى مزيد من الكوارث الاقتصادية والمالية بسبب اضطرار الدول المعنية اللجوء إلى اتخاذ تدابير لإنقاذ سمعتها من الفضائح وتراجع الثقة بقادتها والكبار من رجالها.
كل هذا توقعته كتب ومقالات الفلكيات. وبحسب وصفهن للوقائع الآتية يشرن إلى عدم مسئوليتهن عن الكوارث التي قد تحصل أو لا تحصل. فما يحصل ليس مسألة «تبصير» أو «تنجيم» وإنما قراءة للحوادث كما تشير إليها الحسابات الفلكية الدقيقة في علميتها.
إنه علم قائم على تفكيك وتحليل وتركيب حركات الكواكب وليس له علاقة بالرؤيا والتبصير والتنجيم. المسألة ليست سحرا كما تصرُّ الفلكيات على القول، وإنما هي تتألف من إشارات ورموز تعتمد على علم الفلك والمقارنات والمقاربات وتجارب سابقة حصلت في العالم وكانت مشابهة في عناصرها الكونية لما سيحصل في العام 2009. المسألة برأي الفلكيات علمية تعتمد على الحسابات الدقيقة مع احتمال حصول أخطاء بنسبة معينة تتراوح معدلاتها بين درجة ودرجة. إلا أن ما سيحصل سيحصل مع فارق في الجاذبية بين مكان وآخر.
ما هو الجديد في علم الفلكيات اللبنانية وماذا يختلف عن التوقعات السابقة؟ هناك نقاط مضافة لافتة للنظر. فمن الناحية الجغرافية اتسعت دائرة التوقعات لتتجاوز نطاق الأقاليم والمحيط في إطار «الشرق الأوسط» لتشمل العالم كله تقريبا. وهذا النمو الجغرافي في التوقعات الفلكية يشير إلى تطور نظري يتجانس كونيا مع حركة «العولمة». فالتنجيم الذي يستند إلى علوم الفلك وحساباته الدقيقة (استخدام الكمبيوتر) بدأ يتكيف مع تطور نظام الاتصالات والإنترنيت والفضائيات باتجاه التأقلم مع «العولمة» وخصوصا في إطار رؤية الأزمة المالية التي زلزلت الأسواق الدولية شرقا وغربا.
من الناحية السياسية هناك تطورات جديدة أخذت تنتقل من التركيز على كوارث ستلحق بدول الجنوب (لبنان وفلسطين تحديدا) إلى التوقع بوجود اضطرابات وحركات فوضى وعنف قد تصل إلى شفير الحروب الأهلية في بريطانيا وأميركا والبرازيل والصين ومعظم دول الشمال.
هذا لا يعني أن لبنان ومحيطه فلسطين ومحيطها ودائرة «الشرق الأوسط» من الهند شرقا إلى المشرق العربي غربا ستكون أوضاعهم رائعة وجميلة ومستقرة. فهذه الأقاليم محكومة دائما بتلك الإشارات والذبذبات والتجاذبات التي يطلقها ساتورن عندما يلتقي مع بلوتو ويتواجه مع جوبيتر في الفضاء الكوني. كل سنة كانت هذه الأقاليم تتلقى النصيب الأكبر من نتائج حروب النجوم في العالم الآخر الذي يمتد زمنيا وجغرافيا إلى خارج نطاق الرؤية البشرية. لبنان مثلا برأي الفلكيات دفع الثمن على امتداد موجات تلك الحروب على رغم صغر حجمه ورقعته الجغرافية التي لا تقاس مقارنة بتلك الدول الكبرى الهائلة في قوتها الاقتصادية ومساحتها. إلا أن الفلكيات قررن هذه المرة توسيع الرقعة اللبنانية لتمتد إلى أميركا وأوروبا في شطريها الشرقي والغربي والبرازيل والصين. لبنان بحسب التوقعات الفلكية الطارئة عاد إلى العالم الأرضي ولم يعد ذاك الاستثناء وإنما تحول إلى «قاعدة» عالمية تشاركه دول الشمال الكبرى مصائبه السنوية... وهذا أضعف الأيمان
إقرأ أيضا لـ "وليد نويهض"العدد 2304 - الجمعة 26 ديسمبر 2008م الموافق 27 ذي الحجة 1429هـ