العدد 2304 - الجمعة 26 ديسمبر 2008م الموافق 27 ذي الحجة 1429هـ

الجودر: استشهاد الحسين مناسبة لوحدة الأمة لا لتفريقها

دعا إلى عدم تسييس المناسبة... المسلمون يقفون تقديرا وعرفانا لتضحيات الإمام

الوسط - محرر الشئون المحلية 

26 ديسمبر 2008

دعا خطيب جامع الخير بقلالي الشيخ صلاح الجودر في خطبته أمس إلى الاتخاذ من مناسبة استشهاد الإمام الحسين مناسبة لوحدة الأمة وتأكيد التلاحم بين أبناء الأمة والوطن الواحد والابتعاد عن نثر السموم والأدواء.

وقال الجودر: «يجب أن تكون ذكرى استشهاد الإمام الحسين مناسبة لوحدة الأمة، فيجب إبعادها عن التوظيف السياسي، أو دفعها في أتون قضايا مجتمعية محتقنة، يجب أن تكون مناسبة دروس وعبر لا مناسبة نثر السموم والأدواء».

وأردف «لا يخفى عليكم ما تواجهه أمتنا من تداعي الأمم عليها، لذلك، فإن الواجب على كل مسلم غيور على دينه ووطنه أن يسعى إلى سد الثغرات وتأكيد التلاحم بين أبناء الأمة والوطن الواحد أمام المغرضين وأعداء الأمة».

وذكر الجودر أن في المحرم استشهد سبط النبي الإمام الحسين بن علي، وريحانته في الدنيا، وسيد شباب أهل الجنة، لذلك يقف المسلمون في هذا اليوم تقديرا وعرفانا لتضحيات الإمام الحسين، فهو كما جاء في وصيته، «لم أخرج أشرا ولا بطرا، وإنما خرجت من أجل الإصلاح في أمة جدي رسول الله، أن آمر بالمعروف وأن أنهى عن المنكر»، فخروجه لم يكن لدنيا يصيبها ولا امرأة ينكحها، وإنما خروجه كان لله ولهذه الأمة، الإصلاح والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فالإمام الحسين لم يخرج ليفرق الأمة ويمزقها إلى فرق وأحزاب، لكنه خرج لإحقاق الحق، ونصرة المظلوم، لذلك لم تكن مصيبة الإمام الحسين لطائفة أو مذهب أو عرق، لكنها مصيبة عظيمة لكل المسلمين والبشرية، وقد بكاه كبار الصحابة وآل البيت وسلف الأمة.

وأوضح الجودر يقول بعض السلف في استشهاد الإمام الحسين: «لقد أكرمه الله بالشهادة وأهان بذلك من قتله أو أعان على قتله، أو رضي بقتله وله أسوة حسنة بمن سبقه من الشهداء، فإنه وأخوه سيدا شباب أهل الجنة، وقد كانا قد تربيا في عز الإسلام لم ينالا من الهجرة والجهاد والصبر والأذى في الله ما ناله أهل بيته فأكرمهما الله بالشهادة تكميلا لكرامتهما ورفعا لدرجاتهما وقتله مصيبة عظيمة».

وتطرق الجودر إلى استقبال العام الهجري الجديد، فقال: «نحن على أبواب عام هجري جديد يستعذب الوقوف فيه عند هذه المناسبة لما لها من معان ودلالات في وعي ووجدان كل مسلم، هذا التاريخ الذي حفظ لنا سجل هذه الأمة الشهيدة على الأمم، تاريخ هجري حفظ لها بطولاتها وتضحياتها وعطاءها، تاريخ حفظ شخوصها وأبطالها».

وبين الجودر «لقد أرخ لهذا التاريخ الهجري الخليفة الراشد الفاروق عمر بن الخطاب حينما اتسعت في عهده رقعة الدولة الإسلامية، ففي السنة الثالثة من خلافته كتب له أبو موسى الأشعري كتابا قال فيه: إنه تأتينا منك كتب ليس لها تاريخ، فجمع عمر أصحاب الرأي والمشورة من الصحابة وآل بيت النبي فاستشارهم، فقال أحدهم: أرخوا كما تؤرخ الفرس بملوكها، كلما هلك ملك أرخوا بولاية من بعده، ولكن عمر ومن حوله كرهوا ذلك، فقال بعضهم: أرخوا بتاريخ الروم، فكرهوا ذلك أيضا، فقال بعضهم: أرخوا بمولد النبي(عام الفيل)، وقال آخرون: من مبعثه، وقال آخرون: من مهاجره، فقال أمير المؤمنين: الهجرة فرقت بين الحق والباطل، فأرخوا إن شئتم بها، فاتفق المسلمون على ذلك وأرخوا تاريخهم من هجرة نبيهم، ثم تشاوروا من أي شهر يكون ابتداء السنة الهجرية، فاتفقوا على أن يبدأ عامهم الهجري من الشهر المحرم الحرام، قضاياهم تعالج فيما بينهم على منهج الإسلام، من شورى وحوار هادئ». وأضاف «إن الهجرة النبوية الشريفة فرصة للتأمل وأخذ الدروس والعبر منها، فهي ليست سردا للقصص في المناسبات، أو ترفا تاريخيا في الحفلات، لكنها رحلة محمدية مباركة، شارك فيها النبي وأصحابه وآل بيته، وهي رحلة لا تستوعبها خطبة من على المنبر، ولا كلمات في مقال، بل هي مناهج للتربية والتعليم، ودروس في التضحية والصبر والفداء والتسامح والعفو».

وذكر الجودر بعضا من دروس الهجرة، فقال: «إن فمن تلك الدروس على سبيل الإجمال: الجمع بين أخذ الأسباب والتوكل على الله، فالنبي أخذ بكل أسباب الرحلة المباركة، من ركوب وزاد ودليل للطريق وكتمان لخط السير، وأبقى معه أبا بكر وعلي بعد أن أمر أصحابه بالهجرة، فأبوبكر صحب النبي في رحلة الهجرة المحفوفة بالمخاطر، وعلي نام في فراش النبي فداء كذلك للنبي، وهنا تتجلى تضحيات الصحابة وآل بيت النبي من أجل هذا الدين، وهذه رسالة لكل من يريد أن يمزق الأمة إلى مذاهب وطوائف، أما الدرس الآخر الذي يستلهم من المناسبة، فهو: العاقبة للمتقين، فالنبي مع ما لاقه من كفار قريش وأهل الطائف إلا أن النصر كان حليفه، وأن العاقبة للمتقين، فالنبي وهو في طريق الهجرة التجأ إلى الغار، وكفار قريش في أثره، حتى بلغوا الغار، فقال الصديق أبوبكر: والله يا رسول الله لو أن أحدهم نظر إلى موقع قدمه لأبصرنا، فأجابه النبي إجابة الموقن بنصر الله ومطمئنا له: «يا أبا بكر ما ظنك باثنين الله ثالثهما».

أم الدرس الثالث من وحي المناسبة، فهو أن من ترك شيئا لله عوضه، فالمهاجرون قد تركوا وطنهم، ومنازلهم، وأهلهم، وأموالهم لله رب العالمين، فعوضهم ربهم بذلك الفتح العظيم، بأن فتح لهم الدنيا بأسرها، وأصبح ذكرهم إلى يوم القيامة، مبينا الجودر دور المرأة في هذه الرحلة المباركة، إذ يتجلى ذلك من خلال الدور الذي قامت به أسماء ذات النطاقين حيث كانت نعم الناصر ونعم المعين في أمر الهجرة؛ فكانت كاتمة لأمر الهجرة، ومسئولة الطعام والغذاء للنبي وأبيها أبي بكر، وكذلك دور أم معبد في خيمتها حينما أكرمت النبي وأصحابه، فتجلت فيها صورة المرأة العربية الأصيلة في أكرام الضيوف.

وأوضح الجودرعظم دور الشباب في نصرة الحق، ويتجلى ذلك في الدور الذي قام به الإمام علي بن أبي طالب من فداء وتضحية حين نام في فراش النبي ليلة الهجرة، مؤكدا الجودر أن الهجرة دليل على اجتماع كلمة المسلمين، فبعد الهجرة جمع النبي المهاجرين والأنصار، الصحابة وآل بيته، الأوس والخزرج في نسيج اجتماعي فريد، فكانوا كما أراد النبي، أمة واحدة، لا فرق بين عربي ولا أعجمي إلا بالتقوى، حتى تصاهروا وتزاوجوا فيما بينهم، فأصبحوا مؤهلين للاستخلاف في الأرض، لذلك يجب التنبيه لمنزلة الصحابة وآل بيت النبي

العدد 2304 - الجمعة 26 ديسمبر 2008م الموافق 27 ذي الحجة 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً