قال خطيب الجمعة بجامع قلالي الشيخ صلاح الجودر، في خطبته أمس، إن «شهر رمضان مع إنه شهر عبادة وطاعة، إلا أنه كذلك مناسبة جميلة لتعزيز التواصل بين أفراد المجتمع الواحد، باختلاف مذاهبهم وطوائفهم وأفكارهم، لذلك تكثر الزيارات ويحلو التواصل بين أفراد المجتمع تحت مظلة التسامح والتعايش، وكم هو جميل حينما تفتح مجالس الذكر وقراءة القرآن والدعاء، والمباح من الأحاديث».
وواصل «أكثروا من الزيارات فيما بينكم، فمجتمعكم في حاجة ماسة لمثل هذا التواصل، فالزيارات تزيل ما في الصدور، وتنشر الحب والود والمعروف، وتكسر حواجز التعصب والانزواء، وتتصدى للتحزب والتفرقة التي حذر منها المولى: «إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا لست منهم في شيء» (الأنعام: 159)، أشيعوا بزيارتكم التسامح والمعروف بينكم، وابدأوا الآخرين بالتهنئة بقدوم شهر رمضان، وصلوا أرحامكم، وتحلوا بالصبر».
وأردف الجودر «معاشر الأخوة: ما أشبه الليلة بالبارحة، ففي العام الماضي استقبلنا شهر الله المعظم (شهر رمضان)، ثم ودعناه ليكون شاهدا لنا أو علينا، فلو تأملنا فيمن كان معنا في رمضان الماضي لوجدنا أن البعض منهم قد أصبح تحت التراب، وربما البعض منا يكون هذا الشهر آخر رمضان يصومه ويقومه، فلو استشعر كل فرد منا هذا الأمر فصام وقام رمضان كما ينبغي لنال سعادة الدنيا والآخرة».
وتابع «أن المسلم الواعي لمسئولياته إذا علم وهو يقوم بهذه العبادة أنها الأخيرة في حياته، فإن هذا الشعور سيدفعه إلى ضرورة اغتنام الفرصة، لذلك فإن أصحاب النبي وآل بيته لما سمعوا الخطبة المحمدية التي ذرفت منها العيون ووجلت منها القلوب، قالوا: يا رسول الله كأنها موعظة مودع!، وكذلك حينما وقف (ص) بعرفة قائلا: «لعلي لا ألقاكم بعد عامي هذا»، فعرفوا أنها حجة الوداع، وفي إرشاده للمسيء في صلاته قال: «إذا قمت في صلاتك فصل صلاة مودع»، نعم عباد الله، إن عبادة المودع تختلف عن عبادة الآخرين، وتأملوا في حال رجلٍ يعيش أيامه الأخيرة كيف سيكون صيامه وصلاته ودعاؤه».
وأضاف «يحل شهر رمضان علينا ضيفا عزيزا، فيه تتنزل الملائكة والروح، وترى البركة والخير، وتضاعف الأجور وتكثر الحسنات، وتفتح أبواب الجنة، وتغلق أبواب النار، وتصفد الشياطين، فكيف بك وأنت بهذا الضيف العزيز الذي سيمكث أياما معدودات، لنجعل صيامنا صيام المودعين، وقيامنا قيام المودعين، وأعمالنا أعمال المودعين، لنجدد العهد مع الله».
وقال الجودر: «لنخرج من دائرة العادة إلى روح العبادة (علينا) أولا: إخلاص النية وتحقيق معنى الصوم، فنحن نصوم رمضان في كل عامٍ، فليكن صيامنا وقيامنا لهذا العام إيمانا واحتسابا، لقوله (ص): «إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى»، ثانيا: تحقيق التقوى، فصيامنا لشهر رمضان هو الركن الرابع من أركان الإسلام، فليكن صيامنا هذا العام من أجل تحقيق التقوى التي ابتدأ بها المولى آيات الصوم فقال: «يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون» (البقرة: 183)، ثالثا: نقرأ ونختم القرآن في كل رمضان، فلتكن قراءتنا هذا العام قراءة تدبر وتأمل، لنقف عند آيات توحيد الربوبية والألوهية والأسماء والصفات، لنقف عند أوامر الله ونواهيه، رابعا: نحرص كل عام في رمضان على عدم تضييع صلاة الجماعة، فليكن حرصنا هذا العام على الصلاة خلف الإمام حتى ينصرف، فإنه من قام مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة، خامسا: نتوسع على أهلينا بالخيرات مع بداية كل عام، فلنتوسع هذا العام بالتوسع إلى أقربائنا وجيراننا والمحتاجين من الفقراء، وخاصة أولئك المتعففين، فنصيبهم بأطايب الدنيا من الأغذية».
واشار إلى أن من أحكام الصيام، تبييت النية من الليل، لقوله (ص): «من لم يبيت الصيام قبل الفجر فلا صيام له»، وكذلك تأخير السحور وتعجيل الإفطار، وإذا أصبح الصائم وهو جنب من الليل فليغتسل وليتم صومه فلا شيء عليه، ومن أكل أو شرب ناسيا فليتم صومه فإنما أطعمه الله وسقاه.
العدد 2542 - الجمعة 21 أغسطس 2009م الموافق 29 شعبان 1430هـ