العدد 2304 - الجمعة 26 ديسمبر 2008م الموافق 27 ذي الحجة 1429هـ

الدفان يقضي على المياه الجوفية في البحرين

في مسودة لجنة التحقيق البرلمانية النهائية

أفادت لجنة التحقيق البرلمانية في تجاوزات الدفان البحري في مسودة تقريرها النهائي التي تنشرها «الوسط» أن الآثار السلبية لعمليات الحفر والدفان أزالت مساحات كبيرة من الطبقة العازلة ما تسبب في القضاء على المياه الجوفية في البحرين.

وأشارت اللجنة في تقريرها إلى أن «الآثار السلبية لحقت مخزون المياه الجوفية في الطبقات الجيولوجية، وتشير المعلومات إلى تأثرها سلبا بفعل الحفريات والردم التي وصلت إلى أعماق الطبقة العازلة وأزالت مساحات كبيرة منها»، وتابعت «وأصبح من السهولة تسرب المياه المالحة (مياه البحر) لطبقات المياه الجوفية، وأدى ذلك إلى ارتفاع الملوحة في طبقات المياه الجوفية عن معدلاتها الطبيعية بزيادة كبيرة».

وأكدت اللجنة في تقريرها أن «الصيغة المتبعة في تقارير شئون البيئة لأي مشروع دفان (موافق بشروط) لا جدوى منها ولا بد من تغييرها»، وذكرت أن «مساحة البحرين ازدادت بنسبة 76.3 في المئة في 7 عقود، إذ كانت مساحة اليابسة في العام 1931 (410 كيلومترات مربعة)، وصل في العام 2001 إلى (717 كيلومترا مربعا) وبلغت 741 كيلو مترا مربعا في العام 2006 بفعل عمليات الدفان».


«الوسط» تنشر مسودة التقرير النهائي... ردم للبحر دون تراخيص بيئية

«تحقيق الدفان»: تقارير «هيئة البيئة» بلا جدوى

الوسط - مالك عبدالله

خلصت لجنة التحقيق البرلمانية بشأن التجاوزات الواقعة على البحر والسواحل بفعل الردم (الدفان) في المناطق البحرية في مملكة البحرين في مسودة تقريرها النهائي التي تنشرها «الوسط» إلى أن «الصيغة المتبعة في تقارير شئون البيئة لأي مشروع دفان (موافق بشروط) لا جدوى منها ولا بد من تغييرها، كما أن آلية عمليات التراخيص للدفان واضحة إلا أن الخلل يكمن في أن الجهات تتهرب من مسئولياتها، كما أن رأي الهيئة هو استشاري في عمليات الردم والدفان، أما في عمليات الحفر فالهيئة هي ليست صاحبة القرار، كما أن هناك قصورا إداريا في الهيئة العامة لحماية الثروة البحرية والبيئة والحياة الفطرية».

كما بينت مسودة التقرير النهائي أن اللجنة ستوصي بـ «وضع قيمة محددة للرمل المسحوب من البحر، و أن يكون للهيئة منفذا قانونيا لوقف عمليات الدفان المخالفة».

رخص دفان من دون موافقة«هيئة البيئة»

من جهتها أكدت الهيئة العامة لحماية الثروة البحرية والبيئة والحياة الفطرية في لقائها مع اللجنة أن «هناك بعض المشروعات أعطيت ترخيصا للدفان من دون أن يمرر على شئون البيئة، كما أن الهيئة تسعى في حالة المشروعات الكبيرة لعمل فريق مكون منها ومن إدارة الثروة السمكية، ومجموعة من المشروع نفسه لمتابعة المشروع من خلال التقارير المقدمة أثناء تنفيذ العمليات، فالمتابعة تكون من خلال التقارير المقدمة التي قد لا تعطي صورة واضحة لما يجري على أرض الواقع، ويبقى التقييم مجرد تقييم لا أكثر».

وتابعت «كما أن آلية الدفان غير واضحة، وعمل كل جهة غير واضح، لأنه يجب تحديد دور كل جهة في الترخيص وأثناء عملية الدفان وبعده، كما أن الموارد البحرية كالرمل مثلا يسحب من دون مقابل وقيمة تذكر، والآليات المتبعة للدفان تدرس من التقويم البيئي ويؤخذ رأي الجهات ذات العلاقة بالموضوع نفسه، إلا أنه وبالرغم من الدراسات وتوضيح المناطق المتأثرة بيئيا تحدث هناك تجاوزات».

وأضافت الهيئة في البيانات التي أرفقت بمسودة التقرير «المستثمر يعتمد على موضوع الكلفة التي تخصه فما يهمه الحصول على الرمل من أقرب مكان، ولا يهتم بالخسارة البحرية التي ستنشأ جراء هذا العمل، وهناك خطة لدراسة المسح الزلزلي في مملكة البحرين الذي تكمن أهميته في تحديد المناطق الرملية المهمة والأقل أهمية»، وقالت إن «توقيف المخالف في عملية الحفر يتم عن طريق خفر السواحل، ولكن إلى الآن لم تواجه الهيئة أحدا ما أدى إلى الاستمرار في المخالفة»، ونوهت إلى أن «إصدار القانون البيئي يعد مساندا للهيئة العامة لحماية الثروة البحرية والبيئة والحياة الفطرية، إذ إنه في السابق لم تكن الهيئة على علم بكل المشاريع المقامة، ومع صدور القانون أصبح هناك وعي بالمشروعات والمناطق المتضررة التي حاولت الهيئة الحد منها ولو بنسبة 10 في المئة»، وأشارت إلى أنه «تمت دراسة باسم دراسة المياه البحرية الإقليمية في مملكة البحرين (مارجس 2)، وهذه الدراسة تعد بعد إقامة المشروعات، و اعتمد المخطط الهيكلي للدولة اعتمادا كبيرا على تلك الدراسة».

صعوبات واجهت اللجنة

ولفتت اللجنة في تقريرها أنها واجهت عددا من المعوقات حالت بينها وبين استكمال عمل اللجنة على الوجه الطبيعي، وتمثلت المعوقات التي شهدتها اللجنة في: محدودية الوقت المفروض على لجان التحقيق، وخصوصا أن هذه اللجنة متشعبة ومحاور عملها متعددة، لذا فإنها تحتاج إلى وقت أطول للبحث والتأكد من المحاور كافة، وارتباط أعضاء اللجنة بلجان دائمة، وأخرى مؤقتة كانت تحول دون التواصل وعقد الاجتماعات المتكررة للجنة، وهذا من شأنه أن يوقف ويعرقل عمل اللجنة، فضلا عن التأخير في تسلم ردود بعض الجهات التي رأتها اللجنة أنها من أهم الردود لعمل اللجنة.

الأشغال تقوم بالدفان

لمشروعات وزارة الإسكان

وذكر التقرير أن «وزارة الإسكان أكدت أن وزارة الأشغال هي الوزارة المعنية بدفان المساحات التي ستقام عليها مشروعات وزارة الإسكان، في حين أن وزارة الإسكان أشرفت على دفان في منطقة شمال شرق المحرق بمساحة 27 هكتارا، وأخرى في حالة النعيم مخصصة لـ (100) وحدة سكنية(...) كما تم إشراف الوزارة على دفان في منطقة البديع بمساحة (6.5) هكتارات، وهذه المنطقة تسلمتها الوزارة وهي مدفونة أصلا، إلا أن مستوى الدفان كان ليس بالارتفاع المطلوب، فعملت الوزارة على رفع مستوى الدفان في هذه المنطقة».

وقال التقرير إن «أكبر مشروع أشرفت عليه وزارة الإسكان هو المدينة الشمالية بتكليف من لجنة الإسكان والإعمار، وكانت الوزارة مرتبطة مع وزارة الأشغال آنذاك، وأشرفت على عملية الدفان شركة استشارية فرنسية»، وبين أن «المواقع التي ستدفن مستقبلا وخصوصا للإسكان عبارة عن موقعين، الأول شرق الحد، والثاني شرق سترة، ومساحة كل موقع تقدر بـ (200) هكتار مخصصة لبناء (5000) وحدة سكنية»، وأضاف «أما بالنسبة للمساحات المخصصة لاحتياطي الأجيال، فقد تم رفع جميع المتطلبات الإسكانية إلى فريق العمل الذي أعد الدراسة للمخطط الهيكلي، وعليه فإن كل المساحات حددت وتعتبر رصيدا استراتيجيا لوزارة الإسكان في المستقبل»، مؤكدا أن «الوزارة تتابع الدفان في بدايته ونهايته، أما في بقية المراحل فتتم المتابعة من خلال التقرير الذي يقدمه الاستشاري وتوافق عليه هيئة البيئة».

الردم للمصالح الخاصة

واعتبر التقرير أن «عمليات الدفان التي تشهدها مياه وطننا، غالبيتها لأهداف خاصة وإقامة مشروعات تخدم الخاصة دون العامة، وبعض تلك المشروعات تم إنشاؤها ولا تزال المشاريع الخاصة متواصلة وتزحف للبحر بشكل رهيب، حتى يتحول البحر في نهاية الأمر إلى عمارات شاهقة ومدن استثمارية»، وأوضح أن «الدفان اجتاح سواحل البحرين فانقلبت المياه الزرقاء إلى رمال تغطي سواحله، ولم يكتف بذلك، بل إن طرق الدفان المتبعة قد آلمت حتى ما تبقى من البحر فقد تلوثت مياهه، نتيجة تسرب الرمال إلى داخل البحر، مؤثرا بذلك على الحياة البحرية والثروة السمكية، فالدفان أكل من البحر مياهه وثرواته»، وشدد على أن «المطلع على مياه بحر البحرين يرى جرما مشهودا في انتشار الرمال بغية الردم والدفان، التي تعددت طرقه إما بالحصا أو مخلفات البناء أو بالرش ودفع الرمال إلى قاع البحر، وهذه الطرق لها من المخاطر الكثير على البحر وخيراته، واستنزاف رماله التي تعد ثروة للدولة لو وظفت توظيفا سليما».

استهلاك البحريني من السمك يساوي استهلاك الفرد في 10 دول عربية

وأشار التقرير إلى أن «الثروة السمكية تشكل المادة الغذائية الرئيسية للمواطن البحريني، إذ يستهلك الفرد البحريني سنويا من الأسماك ما يوازي استهلاك الفرد في (10) بلدان عربية، ويمكننا استنتاج ذلك من البيانات التالية، إذ يبلغ معدل الاستهلاك الفردي في البحرين 20 كيلو للفرد سنويا، يبلغ في العراق ولبنان نصف كيلو سنويا، كما أنها يبلغ في ليبيا 3 كيلوات، وفي كل من الأردن والجزائر 4 كيلوات، وفي السودان كيلوان، بينما في سورية يبلغ استهلاك الفرد كيلوا واحدا، ويبلغ استهلاك الفرد من الثروة السمكية سنويا في كل من اليمن والسعودية 7 كيلوات».

ولفت إلى أن «حجم الاستهلاك السمكي للمجتمع البحريني يصل عند الذروة إلى نحو 1200 طن، وحدها الأدنى نحو 400 طن في الشهر وذلك حسب شهور السنة صعودا وهبوطا في كميات الصيد البحري»، ونوه إلى أن «هذه المعطيات تعزز أهمية المناطق البحرية الصالحة لتكاثر الأحياء البحرية مثل فشت العظم وفشت الجارم وخليج توبلي، وضرورة المحافظة على ما تبقى من هذا المجال البحري بهدف ضمان المحافظة على الأمن الغذائي لحياة المواطن البحريني»، وكشف أن «الإحصاءات تشير إلى أن مجموع ما تنتجه مصائد البحرين نحو 14 مليون كيلو سنويا، وهذه الأهمية الاقتصادية تشكل موردا مهما وثروة يجب الحفاظ عليها باعتبارها ملكا للأجيال القادمة، وإن المساس بالبيئات البحرية أو تدميرها أو تغيير قوانينها الطبيعية من شأنه التأثير على المخزون الاستراتيجي للثروة السمكية».

مساحة البحرين ازدادت 310 كيلو مترات منذ العام 1931

يشير جهاز المساحة والتسجيل العقاري في آخر بياناته إلى أن المساحة الكلية لليابسة بلغت (717) كم، ومقارنة بالمساحات الكلية لليابسة العام 1931 والتي بلغت (410) كم تبين لنا الفارق وهو ناتج (717-410)= 310 كم، واعتبر التقرير أن «مؤشرات هذه الأرقام تكشف لنا نتيجة عمليات الدفان منذ العام 1931 إذ غطت مساحة بحرية بلغت نحو 310 كم»، وأردف «آثار الدفان تكون أكثر وضوحا عند المقارنة بين كميات الأسماك التي يجرى صيدها خلال الأعوام 1980-2001 في أربع مناطق من البحرين هي الدير والزلاق وسترة، كذلك صيد سمك الهامور الذي وصل في منطقة الدير من (616) كيلو للعام 1980 إلى (253) كيلوا في العام 2001، وفي الزلاق هبط صيد الهامور من 3388 كيلوا العام 1980 إلى 947 كيلوا العام 2001 وهكذا الحال بالنسبة لباقي الأنواع»، وبينت أن «نماذج هذه الأرقام تشير إلى التأثيرات على المخزون السمكي بصورة عامة جراء الدفان وعوامل أخرى».

المياه الجوفية تأثرت سلبا بالردم

وأفاد التقرير أن «مملكة البحرين من الدول الفقيرة في مصادرها للمياه الجوفية الصالحة للشرب، وهي من البلدان التي تقوم بصناعة المياه المحلاة من مصادر مياه البحر والآثار السلبية التي لحقت بمخزون المياه الجوفية في الطبقات الجيولوجية(...) والتي تشير المعلومات العامة إلى تأثرها سلبا بفعل الحفريات والردم التي وصلت لأعماق الطبقة العازلة وأزالت مساحات كبيرة منها بحيث أصبح من السهولة تسرب المياه المالحة (مياه البحر) لطبقات المياه الجوفية، وأدى ذلك لارتفاع الملوحة في طبقات المياه الجوفية عن معدلاتها الطبيعية بزيادة كبيرة. وكانت البيانات التي سلمتها البلديات التنفيذية للمحافظات الخمس أظهرت أن «الجهات التنفيذية أصدرت 220 رخصة دفان في المحافظات الخمس أكثر من 95 في المئة منها للمنفعة الخاصة، وهي إما لأفراد أو مؤسسات وشركات خاصة»، مشيرة إلى أن «هذه الرخص صدرت بين عامي 2002 و2007». من جهة أخرى، ذكرت الهيئة العامة لحماية الثروة البحرية والبيئة والحياة الفطرية في بيانات أرسلتها إلى لجنة التحقيق في الدفان أن مواقع الدفان البحري التي تمت الموافقة عليها بيئيّا هي مواقع 7 مشروعات، وهي: مشروع المدينة الشمالية الجديدة، مشروع خليج البحرين، مشروع ديار المحرق، مشروع مرافئ الصيد حول جزيرة المنامة، مشروع المدينة الصناعية الجديدة بالحد، مشروع شاطئ السلام، مشروع جسر البحرين وقطر.

كما نفت الهيئة علمها بالمشروعات التي قامت وزارة شئون البلديات والزراعة بدفنها من دون ترخيص بيئي

العدد 2304 - الجمعة 26 ديسمبر 2008م الموافق 27 ذي الحجة 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً