إن المتتبع لمسيرة الدبلوماسية البحرينية منذ الاستقلال وحتى اليوم يلمس ثلاث ظواهر بالغة الدلالة. الأولى: الاعتدال والعقلانية في المواقف وهذا مرجعه اعتدال مزاج الشعب البحريني ودماثة خلق أفراده. ولذلك رفض أكثر المواقف التي سادها التشنج في علاقات الدول العربية ببعضها البعض أو حتى علاقات البحرين بجيرانها من الدول غير العربية تبرز العقلانية والاعتدال والحكمة في السياسة البحرينية، ومرجع ذلك بالطبع القرار السياسي للقيادة الرشيدة ممثلة في جلالة الملك وصاحب السمو رئيس الوزراء وولي العهد، وترجع بقدر آخر إلى عقلانية ورشادة من تولوا إدارة دفة السياسة الخارجية أمثال الشيخ محمد بن مبارك والذي يطلق عليه أحد حكماء العرب مع بعض من أقرانه أمثال الدكتور عصمت عبدالمجيد والأمير سعود الفيصل وسمو الشيخ صباح أمير دولة الكويت الحالي. أضف إلى ذلك البراعة الدبلوماسية للشيخ خالد بن أحمد بن محمد وزير الخارجية الحالي في إدارته لقضايا ساخنة مثل العلاقات مع إيران أو الموقف من فلسطين و»إسرائيل» وهي إدارة تتسم بعمق الرؤية وحسن اللياقة والتصرف.
الثانية: حسن اختيار الدبلوماسيين البحرينيين وهنا أتحدث عن تجربة شخصية مباشرة على مدى أكثر من ثلاثين عاما جمعتني في مجالات ومواقع عمل عديدة مع دبلوماسيين بحرينيين وجدتهم من الطراز الأول، ولا أستطيع أن أحصيهم لأن ذلك ليس مجاله الآن ولكن أخص بالذكر شخصية بالغة التميز هي السفير كريم الشكر الذي تم تكريمه بالمرسوم الملكي وتعيينه وكيلا لوزارة الخارجية. ولقد تعاملت مع كريم الشكر منذ بداية الثمانينيات في مؤتمرات عدم الانحياز والمؤتمر الإسلامي ووجدته يتميّز بسمات ثلاث: دقة المعلومات واليقظة الدبلوماسية، الحس القومي فضلا عن التواضع.
وهذه سمات نادرة أن تجتمع في شخصية واحدة، ولذلك فإن القرار الحكيم بتعيينه وكيلا للخارجية مع زملاء آخرين له للأسف لم يسعدني الحظ بالتعرف عليهم عن قرب هو قر ار حكيم، صادف أهله، وهو تعبير عن المقولة بوضع الشخص المناسب في المكان المناسب.
الثالثة: حساسية الموقع الاستراتيجي لمملكة البحرين في محيطها العربي والإسلامي والإقليمي. هذه الحساسية أضفت على حكمة واعتدال السياسة الخارجية البحرينية سمة خاصة وأهمية خاصة، ولهذا لا عجب أن يتم اختيار البحرين لعضوية مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في أول تشكيل له ويُعاد انتخابها، كما أنه لا عجب أن يكون جلالة الملك حمد بن عيسى هو قاسم مشترك في المساعي لرأب الصدع العربي، وفي السعي لتحقيق الوفاق، وكذلك تلعب البحرين دورها بحكمة واقتدار في المحافل الدولية والإقليمية.
هذه تأملات سريعة أملاها اعتباران أولهما المرسوم الملكي بإعادة تنظيم وزارة الخارجية وتعيين وكلاء جدد، وثانيهما ذكرى قرار الأمم المتحدة باعتماد إرادة شعب البحرين بأن يكون دولة عربية مستقلة منذ عام 1971، وهي الذكرى التي اهتم بها مركز البحرين للدراسات والبحوث وأصدر عددا وثائقيا خاصا حول استقلال البحرين هو العدد التاسع من مجلة «دراسات استراتيجية» التي يصدرها المركز ويتولى رئاسة تحريرها الدكتور محمد بن جاسم الغتم، وهذا العدد الوثائقي يمثل مرجعية عامة للدارسين والباحثين في تاريخ البحرين وإرادة شعبها الحرّ في الاستقلال والعروبة وهكذا هو شأن الشعوب الحيّة بالحس الوطني والقومي الأصيل.
وإذا جاز لي كباحث ومتابع للقضايا السياسية الدولية أن أقدم اقتراحا للمسئولين عن إدارة السياسة الخارجية للبحرين فإنني أقول إن «مجلة دراسات استراتيجية» ينبغي أن تحظى بالرعاية من وزارة الخارجية بأن تشترك فيها بما لا يقل عن مئة نسخة من كل عدد لترسله إلى سفارات البحرين في الخارج وتعمم على إدارات الوزارة، وهذه المجلة بكل تواضع تعدّ مفخرة لمركز البحرين للدراسات والبحوث ولمملكة البحرين، وعادة تهتم الدول باستطلاع رأي مركز الأبحاث لديها والتعرف على ما تقدمه من دراسات، ولعل المتتبع للسياسة الخارجية للولايات المتحدة يلمس الدور الكبير الذي تقوم به مراكز الأبحاث والباحثون في وضع الآراء والمقترحات لصانع القرار حتى يتسنى له التعرف على مختلف جوانب القضية أو الموضوع قيد البحث ويتخذ قراره في ضوء ذلك.
إقرأ أيضا لـ "محمد نعمان جلال"العدد 2540 - الأربعاء 19 أغسطس 2009م الموافق 27 شعبان 1430هـ
مسكين البحريني
البحريني محرووم من ابسط حقووووووووقه وشلون بعد؟!!!!
كفى مزايده
كفى نفاقا واهل مكه ادرى بشعابها وقبل ان نكون طيبين وكريمين مع الاخرين يجب ان نكون طيبين مع شعبنا وليس عبيدا للاجانب وخيراتنا له وشعب البحرين يحرم من كل الحقوق