العدد 2538 - الإثنين 17 أغسطس 2009م الموافق 25 شعبان 1430هـ

حزب الله و«إسرائيل»... ماذا بعد؟

محمد علي الهرفي comments [at] alwasatnews.com

كاتب سعودي

احتفل حزب الله في لبنان قبل بعضة أيام بذكرى مرور ثلاث سنوات على الحرب التي دارت بين الحزب وبين القوات الاسرائيلية في 14 يوليو/ تموز 2006م والتي دامت ثلاثة وثلاثين يوما، وانتهت بانتصار قوات الحزب على القوات الاسرائيلية كما أعتقد.

وبغض النظر عما قيل عن تلك الحرب سواء في بدايتها أم بعد ذلك فإن انتصار حزب الله فيها أصبح حقيقة واقعة اعترف بها الصهاينة أنفسهم، وقضوا أوقاتا طويلة يحققون في أسباب فشلهم فيها، كما اعترفوا أن هذه الحرب أعادتهم إلى الوراء سنين طويلة حيث أصبح من المألوف أن الجيش الصهيوني يمكنه ان يُهزم وبسهولة على عكس ما حاول الصهاينة طويلا ان يؤكدوه بأن جيشهم لا يُقهر...

من حق حزب الله أن يحتفل بهذه المناسبة، بل ومن حق الجميع ان يحتفلوا بها وخاصة أن العرب منيوا بهزائم كثيرة من الصهاينة وفقدوا جزءا كبيرا من أراضيهم كما فقدوا جزءا أكبر من كرامتهم، لكنهم - للأسف - وكما قال أحد الغربيين: إن العرب ادّعوا النصر في كل الحروب التي هُزموا فيها، وفي المعركة التي انتصروا فيها ادّعوا الهزيمة، ومن أجل ذلك لم يتحدثوا عن هذا النصر...

استمعت إلى كلمة السيد حسن نصرالله التي ألقاها بتلك المناسبة وكان أهم ما فيها - من وجهة نظري - تأكيده أن الأمن الإسرائيلي لم يعد حقيقة لا تقبل النقاش بل أصبح هذا الأمن دعاية كبيرة ثبت فشلها أكثر من مرة؛ الأولى في حرب تموز 2006م والثانية في حرب غزة 2008م وبالتالي فإن على كل إسرائيلي ترك بلده الأصلي إلى فلسطين بحثا عن الأمن والاستقرار أن يفكر كثيرا قبل ان يتخذ قراره بالاستيطان في غير بلده!

في خطابه أكد السيد حسن نصرالله أن كل مدن «إسرائيل» أصبحت في مرمى الصواريخ اللبنانية، وأن مقاتلي الحزب سيستهدفون هذه المدن في حالة شنت «إسرائيل» حربا على لبنان واستهدفت بيروت أو ضاحيتها الجنوبية...

«إسرائيل» لم تعد تخيف العرب، هكذا أراد أن يقول، بل إن عليها أن تعرف أن بإمكان العرب أن يهزموها ولكن عليهم - أي العرب - أن يوحدوا كلمتهم إذا أرادوا أن يصلوا إلى هذا النصر.

ومن هنا فقد تحدث عن أهمية الوحدة في لبنان، وطالب بعدم الاستماع لمثيري الفرقة، والإسراع في تشكيل الحكومة التي سيكون حزب الله أحد المشاركين فيها.

وبالمناسبة فإن الصهاينة ومثلهم الحكومة الأميركية بلغ بهم الاستهتار بالعرب حدّا جعلهم يتدخلون علنا بتشكيل هذه الحكومة أو تلك، ويهددون بعدم التعامل مع هذه الدولة أو تلك إذا كان في أحد مكوناتها حزب أو جماعة لا ترضى عنهم!

ولهذا فقد طالب الصهاينة أن لا يشارك حزب الله في أية حكومة لبنانية، كما طالبوا قبل ذلك أن لا يكون لحماس أي دور في السلطة الفلسطينية وعندما فازت حركة حماس في الانتخابات تمت مقاطعتها ومحاصرتها ولاتزال، كل ذلك لأنها لا ترضي الذوق الصهيوني ولا الأميركي!

معانٍ كثيرة تداعت إلى ذهني وأنا أستمع إلى كلمة السيد حسن نصرالله وأتذكر الانتصار الذي حققه حزبه على الصهاينة ومثله الانتصار الذي حققته حركة حماس على الصهاينة أيضا.

أعرف أن الانتصار الذي أتحدث عنه والذي يتحدث عنه آخرون ليس هو الانتصار الذي نتمناه لكنه انتصار نفسي على الصهاينة أشعرهم جميعا أنهم ليسوا وحدهم في الميدان يفعلون ما يشاؤون، كما رفع معنويات العرب جميعا وأشعرهم أن بإمكانهم أن يحطموا الصهاينة ويستردون حقوقهم إذا توحدت كلمتهم. وهذا كما أراه أول طريق النصر وهذا ما يخشاه الصهاينة في كل مكان في العالم.

إن مكانة «إسرائيل» تغيرت إلى الأسوأ بعد معركتي 2006 و2008م فقد رأى العالم كله حجم الإجرام الذي ارتكبته في لبنان وغزة، وكيف أنها كانت تتعمد قتل الأبرياء، وكيف أنها استخدمت الأسلحة المحرقة دوليا، ووصل اعتداؤها على منشآت الأمم المتحدة...

ويشاهد المتابع أن صورة «إسرائيل» السابقة تغيرت، فقد بدت للكثيرين أنها هي دولة الإرهاب والاعتداء والخروج على مقررات الأمم المتحدة... وهذه خطوة أخرى مهمة لإضعاف الصهاينة وسحب كثير من الدعم عنهم... ومعروف أن دولتهم تقوم على استغلال الآخرين والعيش تحت حمايتهم.

حقوق الإنسان انتقدت «إسرئيل» كثيرا... مجموعات كبيرة من المحامين الدوليين رفعوا قضايا ضدهم تتعلق بالإبادة الجماعية والإرهاب، بعض الدول قطعت علاقتها بـ «إسرائيل»، وأخرى جمدتها، ومجموعات من كل أنحاء العالم كسروا حصارها على غزة.

الجيش الإسرائيلي لم يعهد قادرا على تحقيق الأمن الكامل للصهاينة بفضل حماس وحزب الله، وهذا سيجعل الصهاينة يدركون أنهم لا يعيشون في منطقة آمنة وقد يدفعهم ذلك لهجرة معاكسة خارج فلسطين...

نعرف أن أكبر هَمّ الحكومات الإسرائيلية البحث عن الأمن، وأنهم يشترطون في كل مباحثاتهم مع العرب تحقيق الأمن للصهاينة؛ فالدولة الفلسطينية المقترحة يجب أن تكون منزوعة السلاح، وغزة محاصرة لكي لا يدخل أي سلاح للمقاومة، وحزب الله يتعرض لضغوط هائلة لكي لا يحصل على سلاح يزعج الصهاينة، وإيران يجب أن لا تحصل على سلاح نووي، كل ذلك لكي تبقى «إسرائيل» متفوقة على كل العرب لكي يطمئن الصهاينة أنهم في أمن وأمان...

المقاومة وحدها هي الخطر على الصهاينة ولهذا يجب أن تتوقف فورا وكل مقاوم إرهابي حتى وإن كان يدافع عن وطنه!

«إسرائيل» قد تفكر في كل شيء لكي تبقى متفوقة عسكريا على الجميع؛ قد تفكر في مهاجمة إيران لتحصل على دعم أميركا ورعايتها وكذلك بعض دول أوروبا، وقد تفكر في مهاجمة لبنان بهدف القضاء على حزب الله، لكن كل ذلك لن يكون سهلا عليها لا في بدايته ولا في نهايته لأنهم أدركوا أن قواعد اللعبة بدأت تتغير...

الخوف من الصهاينة يجب أن يتوقف، لدى العرب كل مقومات النصر والمؤشرات واضحة وجلية فهل يتحرك العرب جميعا لاسترداد أراضيهم وكرامتهم!

إقرأ أيضا لـ "محمد علي الهرفي"

العدد 2538 - الإثنين 17 أغسطس 2009م الموافق 25 شعبان 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 2 | 3:48 ص

      انتصار صمود وعز وشرف

      الكاتب الكريم الانتصار الذي يدور بخلدك هو انتصار نفسي كما عبرتعنه، هو ليس كذلك فهو انتصار واقعي، تحقق بصمود وعز وشرف، وليس بالانبطاح والمسايرة والتطبيع. مقالك متناقض وخلطت فية السم بالعسل.

    • زائر 1 | 1:23 ص

      قائد الكرامة

      شكرا للأستاذ على مقاله ...
      أتمنى على الإخوة الأعزاء التفكير جيدا في بعض كلمات سماحة السيد حسن نصر الله خاصة عندما يقول : " لن تنتظروا خمسين عاما قادمة حتى يتغير وجه العالم " أو " إن فكرتم أيها الصهاينة بالهجوم على لبنان فأنا لا أعدكم بالمفجآت كالتي حدثت سابقا وإنما أعدكم بالمفاجئة الكبرى التي ستغير مصير الحرب والمنطقة بإذن الله " . حقا إن هذا الكلام يرتب مسؤولية على السيد وعلى المقاومة .

    • العائدون | 11:06 م

      لماذا الاعتقاد؟

      أستاذي العزيز
      شكرا لموضوعك المنصف، ولكن استغرب منك جملتك المستخدمة في بداية المقال "وانتهت بانتصار قوات الحزب على القوات الاسرائيلية كما أعتقد" لماذا هذا الاعتقاد؟ ألم تقول أنهم اعترفوا بأنهم انهزموا؟ لماذا هذا الاعتقاد مجددا؟
      أتمنى يكون هذا الاعتقاد قد تغير في نفسياتنا لكي لا نخاف من اسرائيل، ولكي نفتخر أننا هزمنا اسرائيل بالمتواضع من السلاح الذي لدينا، وكل نصر وأنت بخير

اقرأ ايضاً