يعود السياح العرب من مختلف بلدان العالم، دون أن يدركوا ما أنفقوه من مليارات الدولارات في تلك الدول، بما فيها الكيان الصهيوني. فمؤخرا نشر موقع هيئة الإذاعة البريطانية تقريرا صادرا عن «لندن وست إند»، وهي الجهة المنظمة للمحلات التجارية في مقاطعة وستمنستر، يتوقع أن «تناهز المبالغ التي سينفقها السياح العرب خلال هذا الموسم 250 مليون جنيه استرليني (أي ما يعادل 415 مليون دولار)»، سوف يصرفها، وفقا لذلك التقرير أيضا، 140 ألف زائر. كما نقل الموقع أيضا عن صحيفة الإيفنينغ ستندرد البريطانية «توقعها أن يزيد معدل إنفاق السياح العرب هذا العام بنسبة 11 في المئة».
وليست بريطانيا هي الدولة الوحيدة التي تستقطب السياح العرب، فرغم أن المكتب السياحي في جنيف، يرى أنه لايزال من المبكر إجراء أية مقارنات بين الموسم السياحي هذا العام وذلك الذي سبقه، لكنه يشير إلى أهمية السياح العرب بالقول إن «السوق الشرق أوسطية بالنسبة للسياحة في جنيف هي سوق لها خصوصيتها، فقد كانت سنة 2008 سنة استثنائية وموسما ناجحا سجلنا فيه 175 الف ليلة حجز من منطقة الشرق الأوسط، الأمر الذي يضع السياح من منطقة الشرق الأوسط في المرتبة الخامسة في جنيف».
من جانب آخر أوردت وسائل الإعلام السويسرية، كما نقل عنها موقع «سويس كوم» أن السياح العرب يضخون في الاقتصاد السويسري «حوالي 50 مليونا سنويا على قطاع الفندقة وحوالي 100 مليون فرنك عموما ما بين فندقة ومطاعم ومشتريات».
أما بالنسبة للولايات المتحدة، فيشير تقرير صادر عن «معهد أبحاث السياسة الشرق أوسطية»، ومقره واشنطن، ونقل عنه علي حسين باكير، إلى أن «قطاع السياحة والأعمال، حيث انخفض عدد السيّاح العرب و العاملين من رجال الأعمال إلى النصف عمّا كانت عليه المستويات في العام 2001، الأمر الذي أدّى إلى خسائر مباشرة بما يزيد عن 1.775 مليار دولار أميركي بالإضافة إلى فقدان 4126 وظيفة حيوية تتعلق بالخدمات والسفر».
أما في تركيا، وعلى الرغم من تراجع الصناعة السياحية خلال الأشهر الستة الأولى من العام 2009 بنسبة 1 في المئة جراء الأزمة الاقتصادية العالمية، لكن نسبة السياح العرب، وكما تقول المصادر الرسمية التركية شهدت ارتفاعا، وأن «زيادة عدد السياح العرب تتفاوت من بلد إلى آخر وتتراوح بين 21 في المئة للإماراتيين و51 في المئة للمغاربة».
وبالنسبة لدول الشرق الأقصى مثل ماليزيا، فينقل مراسل موقع الاقتصادية الإلكترونية عبدالله بوقس عن وزيرة السياحة الماليزية نغ ين ين قولها بأن «عدد السياح العرب في تزايد مستمر منذ الألفية الجديدة، وأن الوزارة تسعى لاستقطاب أكبر عدد منهم هذه السنة، مشيرة إلى أن عدد السياح العرب لم يكن يتجاوز 3 آلاف سائح في العام 2001 ، لكن عددهم ارتفع في العام الماضي 2008 ليصل إلى 200 ألف سائح عربي، موضحة أن القطاع السياحي يعد مصدر الدخل القومي الثاني في ماليزيا بعد القطاع الصناعي، وأشارت إلى أن الدخل المالي من قبل السياح العرب يعد من أعلى العائدات المالية بالنسبة للسياح القادمين من الخارج بواقع 15 مليار دولار أميركي في العام 2008».
أما في هونغ كونغ، فرغم تراجع عدد السياح الأجانب هذا العام بما يقارب من 13 في المئة، لكن هذا الأمر لا ينطبق على السياح العرب الذين «بلغ عددهم خلال الخمسة أشهر الأولى من هذا العام 65 ألفا و220 سائحا بزيادة قدرها نحو 16في المئة عن نفس الفترة من العام الماضي».
الأمر الذي يثير الاستغراب هو أنه حتى «إسرائيل» لم تشذ عن الدول الأخرى، فرغم كل ما يقال في الإعلام العربي عن المقاطعة العربية لـ «إسرائيل»، لكن تقرير مركز الإحصاء الإسرائيلي يكشف بأن «المغرب تصدر لائحة السياح العرب إلى (إسرائيل)، خلال كل من العام 2006 و2007 و2008، كما أن عدد السياح المغاربة ضاعف بعض البلدان التي تضم أكبر عدد من اليهود مثل كندا والارجنتين، خلال الثلاثة أشهر الأولى من العام 2008»، مضيفا «بأن حجم واردات المغرب من «إسرائيل» تضاعف خلال العام 2008، فبعد أن سجل رقم المعاملات 8 ملايين دولار، خلال الخمسة الأشهر الأولى من العام 2008، كان قد سجل 4.1 ملايين دولار خلال الفترة ذاتها من العام 2007».
إحصائيات منظمة السياحة العربية التي يترأسها بندر بن فهد الفهيد تكشف عن أن 48 في المئة من السياح العرب فقط، يقصدون البلاد العربية، مقابل 52 في المئة يفضلون الدول الأجنبية.
وتؤكد أرقام المنظمة أن السائح العربي أكثر إنفاقا من قرينه الأوروبي، «حيث ينفق السائح العربي في رحلة مدتها خمسة أيام ما لا يقل عن 1600 دولار، بينما لا يتجاوز إنفاق السائح الأوروبي 300 دولار». وتؤكد هذه الحقيقة مصادر أخرى، حيث تظهر الإحصائيات غير العربية «أن معدل الإنفاق الفردي للسياح القادمين من الشرق الأوسط هو الأعلى. ويتقدم السعوديون على الباقي بمعدل 1678 جنيها استرلينيا للرحلة أي ضعف ما ينفقه السائح الأميركي». وينفق الخليجيون وحدهم ما يربو على 20 مليار دولار على رحلاتهم السياحية إلى الخارج، بإمكانها، وفقا لتقديرات منظمة السياحة العربية، «أن تخلق 10 ملايين وظيفة وهو ما يعادل 10 بالمئة من إجمالي حجم القوى العاملة في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا».
الأرقام وحدها تكشف كل الحقائق، فالأموال العربية لا تتسرب، عبر السياح العرب، إلى الخارج، لكنها أسوأ من ذلك، فهي تعرف طريقها أيضا إلى تل أبيب، بدلا من استثمارها في صناعة سياحة عربية تعزز الاقتصاد وتساهم في تقليص نسب البطالة.
إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"العدد 2538 - الإثنين 17 أغسطس 2009م الموافق 25 شعبان 1430هـ
سياحة طاردة وأخرى جاذبة
نحن نمتلك مقومات السياحة الجاذبة، ولكنها للأسف تحولت إلى سياحة غير نظيفة، بالإضافة إلى سياسة القائمين على إدارة البلاد الذين جل ما يهمهم هو دفن السواحل والحصول على أموال طائلة من بيعها، بخلاف العقول الأجنبية التي تركز على ما يفتقده المواطن العربي في بلاده وتحافظ على حضوره، لأنه مصدر ثروة.
الحلم الضائع
تخيل لو صرفت ربع هذه الأموال على البحث العلمي في الدول العربية , أو صرفت على دعم المقاومة في لبنان وفلسطين , أو لتوفير الوظائف ... , لتغير حالنا بنسبة 80% على الأقل , تعرف !! كل هذا بسبب حكامنا " إذا فسد الحاكم فسدت الرعية " بالخصوص أصحاب الكروش المنتفخة .
لكم جزيل الشكر يا أستاذ